محتويات
نظرة عامة
تتمثل الحالة المعروفة بفرط تنسج بطانة الرحم أو سماكة بطانة الرحم أو سمك بطانة الرحم أو تضخم بطانة الرحم (بالإنجليزية: Endometrial Hyperplasia) بزيادة سماكة الطبقة الأعمق من الرحم التي تُعرف ببطانة الرحم (بالإنجليزية: Endometrium) نتيجة اضطراب في مستوى الهرمونات، وتجدر الإشارة إلى أنَّ هناك أنواع مختلفة من تنسّج بطانة الرحم، ويجب التمييز بين هذه الأنواع واتخاذ الإجراء المُناسب للسّيطرة على الحالة،[١] وفيما يتعلّق بالأنواع فيُشار إلى وجود نوعين رئيسيين لحالة سماكة بطانة الرحم، وهما: فرط تنسج بطانة الرحم النمطي (بالإنجليزية: Endometrial Hyperplasia without atypia)، ففي هذا النوع يزداد إنتاج الخلايا المكوّنة لبطانة الرحم، ممّا يؤدي إلى زيادة سُمك بطانة الرحم، وتكون الخلايا في هذا النّوع طبيعية، وفي العادة تتوقّف هذه الخلايا عن النمو من تلقاء ذاتها، ولكن هناك بعض الحالات التي قد تتطلّب الخضوع للعلاجات الدوائية، وتجدر الإشارة إلى أنّ خطر تطوّر هذه الحالة إلى سرطانٍ تُعد منخفضة جدًّا، وأمّا النوع الثاني فيُعرف بفرط تنسج بطانة الرحم غير النمطي (بالإنجليزية: Atypical Endometrial Hyperplasia)، وفي هذا النوع تكون الخلايا المكوّنة لبطانة الرحم غير طبيعية، ويجدر تلقي العلاج المناسب منعًا لتطور الحالة إلى مشاكل أشد خطورة.[٢]
إنّ فهم ما يطرأ على الرحم أثناء الدورة الشهرية مهم لفهم حقيقة مشكلة سماكة بطانة الرحم، وعليه يجدر العلم أنّ الجسم يُحضّر الرحم ويُهيّئه لاستضافة الجنين، حيثُ يتغيّر سمك بطانة الرحم خلال المراحل المُختلفة من الدورة الشهريّة استجابةً للهرمونات،[٣] ففي بداية الدورة الشهريّة تُفرز المبايض (بالإنجليزية: Ovaries) هرمون الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen) الذي بدوره يُحفّز بطانة الرحم للنّمو، ممّا يؤدي إلى زيادة سمك بطانة الرحم بهدف تجهيزه وتهيئته للحمل، وفي منتصف الدورة الشهرية يتمّ إطلاق البويضة من إحدى المبايض فيما يُعرف بعملية الإباضة (بالإنجليزية: Ovulation)، ويتبع الإباضة بدء حدوث زيادة في مستوى هرمون البروجستيرون (بالإنجليزية: Progesterone) والذي بدوره يُحضّر الرحم لاستقبال وتغذية البويضة المُخصّبة، وفي حال عدم توفر المقوّمات التي تُمكّن من حدوث حمل وعدم تحقيق ذلك فإنّ مستويات هرمون الإستروجين والبروجستيرون في جسم المرأة تنخفض، إذ يؤدي انخفاض مستوى البروجستيرون إلى انسلاخ بطانة الرحم وانفصالها عن جدار الرحم مكوّنةً الطّمث (بالإنجليزية: Menstruation)، ثمّ تبدأ دورة شهريّة جديدة بانفصال بطانة الرحم عن مكانها بشكلٍ تامّ.[٤]
ولمعرفة المزيد عن سمك بطانة الرحم يمكن قراءة المقال الآتي: (ماذا يعني سُمك بطانة الرحم).
أسباب سماكة بطانة الرحم
قبل الحديث عن الأسباب الكامنة وراء زيادة سمك الرحم عن الوضع الطبيعيّ؛ يجدر العلم أنّ سمك الرحم يختلف لدى الإناث باختلاف مجموعة من العوامل، منها العمر، والحمل، وبلوغ سن اليأس، فقد تبيّن أنّ سمك بطانة الرحم يكون في أقل مستوياته قبل البلوغ، وعند البلوغ يزداد السمك، ومع ذلك تبيّن أنّه خلال الدورة الشهرية الواحدة يختلف سمك بطانة الرحم؛ فبالاستناد إلى نتائج الجمعية الإشعاعية لأمريكا الشمالية (بالإنجليزية: Radiological Society of North America) وُجد أنّ بطانة الرحم تكون في أدنى مستويات سمكها أثناء الحيض (نزول دم الدورة الشهرية)، ثم يبدأ السمك بالازدياد خلال الفترة التي تتراوح ما بين انتهاء نزول الطمث وحدوث الإباضة (إطلاق المبيض بويضة ناضجة كل شهر)، ثم يصل سمك الرحم إلى أعلى مستوياته آنذاك، وأمّا بالنسبة للحمل فقد تبيّن أنّ سمك الرحم يزداد خلال هذه الفترة بما يسمح للجنين بالانغراس في بطانته، وحقيقة يُعدّ السمك المعتدل، لا الرفيع ولا السميك جدًا، البيئة المثالية لنمو وتطور جنين سليم، وأخيرًا يجدر بالذكر أنّ سمك بطانة الرحم يقل بعد بلوغ سن اليأس نتيجة انقطاع الدورة الشهرية.[٣]
وأمّا بالنسبة لحالات زيادة سمك بطانة الرحم عن الوضع الطبيعيّ الخاص بكل مرحلة فيُعزى إلى فرط إنتاج هرمون الإستروجين في الجسم دون حدوث زيادة في هرمون البروجستيرون، ويُعزى ذلك إلى عدم حدوث الإباضة، وبالتالي عدم إفراز البروجستيرون، ويترتب على ذلك عدم انسلاخ بطانة الرحم من مكانها، فتستمر خلايا البطانة في النّمو استجابةً لتأثير هرمون الإستروجين، وإنّ زيادة تركيز أو عدد الخلايا عن الحد الطبيعيّ لها يُسبب فرط سماكة النسيج.[٥]
عوامل خطر سماكة بطانة الرحم
يُمكن بيان عوامل الخطر التي تزيد فرصة المعاناة من فرط سُمك بطانة الرحم فيما يأتي:
عوامل تزيد من إفراز الاستروجين
يحدث فرط تنسج بطانة الرحم غالبًا بعد بلوغ سنّ اليأس، حيثُ تتوقف عملية الإباضة، وبالتالي يتوقف إفراز هرمون البروجستيرون، وتجدر الإشارة إلى احتمالية الإصابة بفرط تنسج بطانة الرحم في المرحلة التي تسبق سنّ اليأس (بالإنجليزية: Perimenopause) نظرًا لعدم انتظام عملية الإباضة في هذه المرحلة، وحقيقةً توجد العديد من الحالات الأخرى التي قد تتسبّب بارتفاع مستوى هرمون الإستروجين في الجسم دون حدوث ارتفاع في مستوى هرمون البروجستيرون، ونذكر منها ما يأتي:[٤]
- السّمنة: إضافةً إلى نسبة هرمون الإستروجين الذي يُفرز طبيعياً من المبيض خلال الدورة الشهرية والذي يُحفّز بطانة الرحم للنمو، فإنّ الأنسجة الدهنية تُحوّل هرمونات مُعينة في الجسم إلى هرمون الإستروجين، وهذا بدوره يُعزّز نموّ بطانة الرحم، وما يُؤكّد ذلك أنّه قد لُوحظ زيادة خطر الإصابة بسماكة بطانة الرحم لدى النّساء اللاتي يكون مؤشر كتلة الجسم لديهنّ أعلى من 35 مُقارنة بالنّساء الأخريات اللاتي يمتلكن وزنًا صحيًّا.[٦]
- انقطاع الإباضة: تُعتبر الإباضة من المراحل المهمة في الدورة الشهرية كما بينا، فانقطاع الإباضة لسببٍ أو لآخر يحول دون تمام الدورة الشهرية على الوجه الذي ينبغي، وفي بعض الحالات يؤدي انقطاع الإباضة وغياب البروجستيرون إلى ارتفاع مستوى هرمون الإستروجين، بحيث تترتب على ذلك زيادة غير طبيعية في سمك بطانة الرحم وحدوث نزيف رحمي غير طبيعي، وعادةً ما يكون هذا النّزيف على شكل غزارة في الطّمث وعدم انتظامه، أو حدوث النزيف خلال الفترة التي تفصل بين دورتين شهريتين متتاليتين، وهُناك العديد من الحالات التي تؤدي إلى مثل هذا النوع من اضطراب الهرمونات، بما في ذلك الدخول في فترة ما قبل سن اليأس المعروفة أيضاً بمرحلة ما قبل انقطاع الطمث، أو الإصابة بمتلازمة تكييس المبايض (بالإنجليزية: Polycystic ovary syndrome).[٦]
- العلاج الهرموني بالإستروجين: يؤدي استخدام المستحضرات أو الأدوية التي تحتوي على الإستروجين وحده دون البروجستيرون، من قِبل النّساء بعد سنّ اليأس، إلى زيادة خطر الإصابة بسماكة بطانة الرحم،[٧]حيثُ إنّ تناول الإستروجين يسبّب ارتفاعًا في مستوى هرمون الإستروجين في الجسم دون حدوث زيادة في مستوى البروجستيرون، الأمر الذي يُحفّز نمو بطانة الرحم وعدم انسلاخها من مكانها.[٦]
- استخدام دواء التاموكسيفين: يُستخدم دواء التاموكسيفين (بالإنجليزية: Tamoxifen) عادةً في علاج سرطان الثدي (بالإنجليزية: Breast Cancer):[٢] وقد تم تطوير هذا الدواء بعد العلم بأهمية هرمون الإستروجين لبعض أنواع سرطانات الثدي؛ إذ إنّ بعضها يحتاج هرمون الإستروجين لينمو، حيث توجد مستقبلات خاصة بهرمون الإستروجين على سطح الخلايا السرطانية الموجودة في الثدي فتُعزز نمو السرطان، وعليه فإنّ تطوير دواء يعمل كمضاد لهرمون الإستروجين ويرتبط بمستقبلاته بدلًا منه يُؤدي بالضرورة إلى منع نموّ هذه الأورام، وهذا هو بالتحديد مبدأ عمل دواء التاموكسيفين، وبالرغم من عمل هذا الدواء كمضاد للإستروجين في خلايا الثدي السرطانية، إلا أنّه يعمل كمماثل للإستروجين في الرحم، وبالتالي فهو يماثل عمل الإستروجين هناك، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة سمك بطانة الرحم، ولكن يجدر التنبيه إلى أهمية الالتزام بتعليمات الطبيب المختص، وعدم التوقف عن أخذ الدواء دون استشارته؛ إذ إنّ الفوائد المجنيّة تفوق الآثار الجانبية المحتملة.[٨][٦]
- أورام في المبيض: مثل أورام الخلايا المحببة (بالإنجليزية: Granulosa Cell Tumour)،[٢] ويُشار إلى أنّه من النادر أن تتسبّب الأورام المُفرزة للهرمونات تطوّر حالة فرط تنسج بطانة الرحم، ولكن هُناك بعض الأورام التي تؤثر في المبيض -وعادةً ما تكون أورامًا حميدة- تزيد إفراز هرمون الإستروجين، ممّا قد يؤدي إلى زيادة سمك بطانة الرحم.[٦]
عوامل أخرى
تُساهم مجموعة من العوامل الأخرى في زيادة احتمالية الإصابة بفرط تنسّج بطانة الرحم، نذكر منها ما يلي:[٩]
- تجاوز الخامسة والثلاثين من العمر.
- البلوغ المُبكر أو بلوغ سنّ اليأس على عمر متأخر.
- التدخين.
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بأنواع مُعينة من السّرطانات؛ تحديدًا سرطان القولون، أو سرطان الرحم، أو سرطان المبايض.
- الإصابة بمرض السّكري، أو أمراض الغدة الدرقية، أو أمراض المرارة، أو متلازمة تكيس المبايض.
- اللون؛ إذ تُعدّ مشكلة زيادة سمك بطانة الرحم أكثر شيوعًا بين النساء ذوات البشرة البيضاء.
الوقاية من زيادة سماكة بطانة الرحم
توجد مجموعة من النّصائح التي يمكن باتباعها تقليل احتمالية زيادة سمك بطانة الرحم عن الحدّ الطبيعيّ، نذكر منها ما يأتي:[١٠]
- الحرص على اختيار العلاج الهرموني (بالإنجليزية: Hormone Replacement Therapy) المناسب في حال الحاجة لأخذه، إذ يُوصى بأخذ العلاجات التي تحتوي في تركيبتها على هرموني الإستروجين والبروجسيترون، وليس تلك التي تحتوي واحدًا فقط، وذلك وفقًا لتعليمات الطبيب وتحت إشرافه.
- ضرورة إخبار الطبيب عن أيّ أدوية أو وصفات عشبيّة أو مكملات تُؤخذ للسّيطرة على أعراض انقطاع الطمث، لاحتمالية احتوائها على هرمون الإستروجين.
- الحفاظ على الوزن المثالي، والحرص على تقليل الوزن في حال الإصابة بالسّمنة.
المراجع
- ↑ Liji Thomas, "Diagnosis of endometrial hyperplasia"، www.news-medical.net, Retrieved 23-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت Mary Harding, "Endometrial Hyperplasia"، patient.info, Retrieved 26-12-2019. Edited.
- ^ أ ب Danielle Dresden, "What to know about endometrial thickness"، www.medicalnewstoday.com, Retrieved 24-12-2019. Edited.
- ^ أ ب "Endometrial Hyperplasia", www.acog.org, Retrieved 25-12-2019. Edited.
- ↑ "Atypical Endometrial Hyperplasia", my.clevelandclinic.org, Retrieved 26-12-2019. Edited.
- ^ أ ب ت ث ج Andrea Chisholm, "Risk Factors for Endometrial Hyperplasia"، www.verywellhealth.com, Retrieved 27-12-2019. Edited.
- ↑ "What Is Endometrial Hyperplasia?", www.healthcommunities.com, Retrieved 28/12/2019. Edited.
- ↑ Michael Stewart, "Tamoxifen for breast cancer"، patient.info, Retrieved 28-12-2019. Edited.
- ↑ Anne Fritz, "What Is Endometrial Hyperplasia?"، www.everydayhealth.com, Retrieved 29-12-2019. Edited.
- ↑ "Endometrial Hyperplasia", www.mcht.nhs.uk, Retrieved 29-12-2019. Edited.