محتويات
سورة الفاتحة
تعدّدت الأحاديث الواردة في فضل سورة الفاتحة وسبب نزولها؛ ففي سبب النزول ورد أنّ النبيّ -عليه السّلام- في أوّل الدعوة كان إذا سمع منادٍ يناديه يولّي هارباً، فلمّا أخبر ورقة بن نوفل بخبره أرشده ابن نوفل أن يثبت ويلبّي النداء ويرى ما يكون، ففعل النبيّ -عليه السّلام- ما طلبه منه ورقة، فحين سمع منادٍ ينادي ثبّت ولبّى نداءه، فإذا بالمنادي يلقّنه الشهادتين، ثمّ يستفتح عليه بسورة الفاتحة حتّى قرأها عليه، وقد وردت العديد من الفضائل التي تختصّ بها سورة الفاتحة؛ فهي أعظم سور القرآن الكريم التي أنزلت على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي الحديث عن النبيّ -عليه السّلام- أنّه قال لأحد أصحابه: (لأعلِّمنَّك أعظمَ سورةٍ من القرآن، قال: الحمْدُ للهِ رَبِّ العَالمِينَ، هي السبعُ المثاني، والقرآنُ العظيمُ الذي أوتيتُه)،[١] وهي السورة التي لا مثيل لها حتّى بين الكتب السماويّة الأخرى، فقد قال فيها النبيّ عليه الصّلاة والسّلام: (والَّذي نفسي بيدِهِ ما أنزِلَتْ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفرقانِ مثلُها وإنَّها سبعٌ منَ المثاني والقرآنُ العظيمُ الَّذي أُعطيتُهُ).[٢][٣][٤]
وفي فضائل سورة الفاتحة أيضاً؛ أنّ الله تعالى جعلها نوراً يناله من قرأها وعمل بها، فرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما تعلّم سورة الفاتحة جاءه ملك فقال له: (أبشِرْ بنوريٍنِ أوتيتهما لم يؤتهما نبيٌّ قبلك؛ فاتحةُ الكتابِ وخواتيمُ سورةِ البقرةِ، لن تقرأَ بحرفٍ منهما إلا أُعطيتَه)،[٥] كما أنّ سورة الفاتحة فضلٌ من الله تعالى لأصحاب الأسقام والأوجاع الماديّة والمعنويّة؛ إذ جعلها شفاءً ورقية يُرقى بها المريض؛ فقد صحّ عند الحاكم حديثٌ عن رجلٍ رقى رجلاً مجنوناً بسورة الفاتحة وكرّر تلاوتها عليه عدّة مرّاتٍ وأيّامٍ، حتّى شُفي من دائه، فجاء النبيّ -عليه السّلام- وأخبره بما كان منه، فرضي له النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فعله ذاك وأثنى عليه.[٤]
تسمية سورة الفاتحة بهذا الاسم
اتّفق العلماء أنّ عدد آيات سورة الفاتحة سبع آياتٍ، لكنّهم اختلفوا في تحديد الآية السابعة، فمنهم من ذكر أنّ البسملة تُعدّ آيةً من آياتها، ومنهم من قال إنّ الآية: (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، هي الآية السادسة، وقوله تعالى: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)، هي الآية السابعة، ولقد كثُرت أسماء سورة الفاتحة، وفي ذلك دلالةٌ على تعدّد فضائلها وأهمّيتها، وكان أوّل اسم لها هو الفاتحة، وقد سمّيت بذلك؛ لأنّها أوّل ما يُفتح به القرآن الكريم، وأوّل ما يستفتح به من يتلو القرآن الكريم، وورد هذا الاسم في حديثٍ صحيحٍ عن النبيّ -عليه السّلام- إذ قال: (لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ)،[٦] ومن أسماء سورة الفاتحة كذلك أمّ الكتاب، قال الإمام البخاريّ في تفسيره: (وسمّيت أمّ الكتاب؛ لأنّه يبدأ بكتابتها في المصاحف، ويبدأ بقراءتها في الصلاة)، وهي أمّ القرآن، والسبع المثاني، كما ورد في الحديث سابق الذكر: (والَّذي نفسي بيدِهِ ما أنزِلَتْ في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ ولا في الزَّبورِ ولا في الفرقانِ مثلُها وإنَّها سبعٌ منَ المثاني والقرآنُ العظيمُ الَّذي أُعطيتُهُ)،[٢] وسمّيت بالسبع المثاني؛ لأنّها سبع آياتٍ تثنّى وتكرّر في كلّ ركعةٍ في الصلاة.[٤]
وتسمّى سورة الفاتحة بسورة الصلاة أيضاً، فقد جاء في سورة الفاتحة حديثٌ صحيحٌ روي في صحيح مسلم أنّ الله تعالى قال في الحديث القدسيّ: (قسمتُ الصَّلاةَ بيني وبينَ عبدي نصفينِ، ولعبدي ما سألَ)،[٧] فكان قسم العبد دعاءً وحمداً وثناءً على ربّه، وكان القسم الآخر قبولاً وإجابةً من الله سبحانه لعبده، وتُسمّى سورة الفاتحة أيضاً سورة الرقية، فقد ورد في الصحيحين أنّ رجلاً رُقي بسورة الفاتحة فشُفي من مرضه، وحينما علم النبيّ -عليه السّلام- بأمره رضي للصحابة فعلهم ولم ينكر عليهم.[٤]
مقاصد سورة الفاتحة
شملت آيات سورة الفاتحة خمسة مقاصد رئيسة، وهذه المقاصد هي:[٨]
- توضيح الدين بعقائده وأحكامه، وهو ما أخبر عنه النبيّ -عليه السّلام- أنّه محكمٌ، ووجب على المسلم العمل به.
- أمورٌ متشابهةٌ؛ وهو ما كلّف الله تعالى عباده أن يؤمنوا بها؛ ففصّله لهم، دون أن يأمرهم بالبحث عنه.
- وعدٌ من الله سبحانه تكفّل به لعباده ودلّهم على طريق تحصله.
- وعيدٌ خوّف الله تعالى منه الناس، وحذّرهم الولوج فيه.
- قصصٌ وأخبارٌ للأمم السابقة، وإشارةٌ إلى أصناف الناس وحالهم مع دين ربّهم.
موضوعات سورة الفاتحة
ذكر العلماء أنّ الموضوعات الواردة في سورة الفاتحة متعدّدةٌ شاملةٌ، وفيما يأتي ذكرٌ لها:[٤]
- التوحيد؛ وفي ذلك قال الله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ* الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ).[٩]
- التطرّق إلى ذكر اليوم الآخر؛ وفي ذلك إشارةٌ إلى الحساب والميزان والبعث والحشر والنشر، قال الله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ).[١٠]
- الحديث عن عبادة الله سبحانه والاستعانة به وحده، وفتح الباب للحديث عن مفهومٍ شاملٍ للعبادة، من الإخلاص والصلاة والزكاة والحجّ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكلّ ذلك متضمّنُ في خلاصة قول الله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).[١١]
- لزوم الصراط المستقيم، ويدخل تحت لفظ الصراط المستقيم مفاهيم عظيمةٌ واسعةٌ؛ فالمقصود به؛ كلّ ما أنزله الله تعالى من شرائع وأوامر من يوم خلق آدم عليه السّلام، حتّى الختام بنبيّ الله محمد صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ).[١٢]
- توضيح صراط المنعم عليهم؛ وهم أهل الفضل والفلاح من نبيين وصدّيقين وشهداء وصالحين.
- تجنّب صراط أهل العصيان، وقد قسّمهم الله تعالى إلى صنفين، هما:
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد بن المعلى، الصفحة أو الرقم: 5006 ، صحيح.
- ^ أ ب رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2875 ، صحيح.
- ↑ "تنبيهات هامة حول سورة الفاتحة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج "تفسير سورة الفاتحة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-15. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 806 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756 ، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 395 ، صحيح.
- ↑ "تفسير سورة الفاتحة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-15. بتصرّف.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 2،3.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 4.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 5.
- ↑ سورة الفاتحة، آية: 6.