أشعار حب لمصر

كتابة - آخر تحديث: ٢:١٥ ، ١٧ مارس ٢٠١٩
أشعار حب لمصر

إن تسألي عن مصر حواء القرى

يقول أحمد شوقي:

إِن تَسأَلي عَن مِصرَ حَوّاءِ القُرى

وَقَرارَةِ التاريخِ وَالآثارِ

فَالصُبحُ في مَنفٍ وَثيبَة واضِحٌ

مَن ذا يُلاقي الصُبحَ بِالإِنكارِ

بِالهَيلِ مِن مَنفٍ وَمِن أَرباضِها

مَجدوعُ أَنفٍ في الرِمالِ كُفاري

خَلَتِ الدُهورُ وَما اِلتَقَت أَجفانُهُ

وَأَتَت عَلَيهِ كَلَيلَةٍ وَنَهارِ

ما فَلَّ ساعِدَهُ الزَمانُ وَلَم يَنَل

مِنهُ اِختِلافُ جَوارِفٍ وَذَوارِ

كَالدَهرِ لَو مَلَكَ القِيامَ لِفَتكَةٍ

أَو كانَ غَيرَ مُقَلَّمِ الأَظفارِ

وَثَلاثَةٍ شَبَّ الزَمانُ حِيالَها

شُمٍّ عَلى مَرِّ الزَمانِ كِبارِ

قامَت عَلى النيلِ العَهيدِ عَهيدَةً

تَكسوهُ ثَوبَ الفَخرِ وَهيَ عَوارِ

مِن كُلِّ مَركوزٍ كَرَضوى في الثَرى

مُتَطاوِلٍ في الجَوِّ كَالإِعصارِ

الجِنُّ في جَنَباتِها مَطروقَةٌ

بِبَدائِعِ البَنّاءِ وَالحَفّارِ

وَالأَرضُ أَضَيعُ حيلَةً في نَزعِها

مِن حيلَةِ المَصلوبِ في المِسمارِ

تِلكَ القُبورُ أَضَنَّ مِن غَيبٍ بِما

أَخفَت مِنَ الأَعلاقِ وَالأَذخارِ

نامَ المُلوكُ بِها الدُهورَ طَويلَةً

يَجِدونَ أَروَحَ ضَجعَةٍ وَقَرارِ

كُلٌّ كَأَهلِ الكَهفِ فَوقَ سَريرِهِ

وَالدَهرُ دونَ سَريرِهِ بِهِجارِ

أَملاكُ مِصرَ القاهِرونَ عَلى الوَرى

المُنزَلونَ مَنازِلَ الأَقمارِ

هَتَكَ الزَمانُ حِجابَهُم وَأَزالَهُم

بَعدَ الصِيانِ إِزالَةَ الأَسرارِ

هَيهاتَ لَم يَلمِس جَلالَهُمو البِلى

إِلّا بِأَيدٍ في الرَغامِ قِصارِ

كانوا وَطَرفُ الدَهرِ لا يَسمو لَهُم

ما بالُهُم عُرِضوا عَلى النُظّارِ

لَو أَمهَلوا حَتّى النُشورِ بِدَورِهِم

قاموا لِخالِقِهِم بِغَيرِ غُبارِ


يا مصر سماؤك جوهرة

ويقول أحمد شوقي:

يا مصر سماؤك جوهرة

وثراك بحار عسجده

والنيل حياة دافقة

ونعيم عذب مورِده

والملك سعيد حاضره

لك في الدنيا حر غده

والعصر إليك تقرّبه

وإلى حاميك تودّده

والشرق رقيك مظهره

وحضارة جيلك سؤدده

لسريرك بين أسرّته

أعلى التاريخ وأمجده

بعلو الهمة نرجعه

وبنشر العلم نجدّده


كم ذا يكابد عاشق ويلاقي

يقول حافظ إبراهيم:

كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي

في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ

إِنّي لَأَحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً

يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ

لَهفي عَلَيكِ مَتى أَراكِ طَليقَةً

يَحمي كَريمَ حِماكِ شَعبٌ راقي

كَلِفٌ بِمَحمودِ الخِلالِ مُتَيَّمٌ

بِالبَذلِ بَينَ يَدَيكِ وَالإِنفاقِ

إِنّي لَتُطرِبُني الخِلالُ كَريمَةً

طَرَبَ الغَريبِ بِأَوبَةٍ وَتَلاقي

وَتَهُزُّني ذِكرى المُروءَةِ وَالنَدى

بَينَ الشَمائِلِ هِزَّةَ المُشتاقِ

ما البابِلِيَّةُ في صَفاءِ مِزاجِها

وَالشَربُ بَينَ تَنافُسٍ وَسِباقِ

وَالشَمسُ تَبدو في الكُئوسِ وَتَختَفي

وَالبَدرُ يُشرِقُ مِن جَبينِ الساقي

بِأَلَذَّ مِن خُلُقٍ كَريمٍ طاهِرٍ

قَد مازَجَتهُ سَلامَةُ الأَذواقِ

فَإِذا رُزِقتَ خَليقَةً مَحمودَةً

فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ

فَالناسُ هَذا حَظُّهُ مالٌ وَذا

عِلمٌ وَذاكَ مَكارِمُ الأَخلاقِ

وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّناً

بِالعِلمِ كانَ نِهايَةَ الإِملاقِ

وَالعِلمُ إِن لَم تَكتَنِفهُ شَمائِلٌ

تُعليهِ كانَ مَطِيَّةَ الإِخفاقِ

لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ

ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ

كَم عالِمٍ مَدَّ العُلومَ حَبائِلاً

لِوَقيعَةٍ وَقَطيعَةٍ وَفِراقِ

وَفَقيهِ قَومٍ ظَلَّ يَرصُدُ فِقهَهُ

لِمَكيدَةٍ أَو مُستَحَلِّ طَلاقِ

يَمشي وَقَد نُصِبَت عَلَيهِ عِمامَةٌ

كَالبُرجِ لَكِن فَوقَ تَلِّ نِفاقِ

يَدعونَهُ عِندَ الشِقاقِ وَما دَرَوا

أَنَّ الَّذي يَدعونَ خِدنُ شِقاقِ

وَطَبيبِ قَومٍ قَد أَحَلَّ لِطِبِّهِ

ما لا تُحِلُّ شَريعَةُ الخَلّاقِ

قَتَلَ الأَجِنَّةَ في البُطونِ وَتارَةً

جَمَعَ الدَوانِقَ مِن دَمٍ مُهراقِ

أَغلى وَأَثمَنُ مِن تَجارِبِ عِلمِهِ

يَومَ الفَخارِ تَجارِبُ الحَلّاقِ

وَمُهَندِسٍ لِلنيلِ باتَ بِكَفِّهِ

مِفتاحُ رِزقِ العامِلِ المِطراقِ

تَندى وَتَيبَسُ لِلخَلائِقِ كَفُّهُ

بِالماءِ طَوعَ الأَصفَرِ البَرّاقِ

لا شَيءَ يَلوي مِن هَواهُ فَحَدُّهُ في السَلبِ حَدُّ الخائِنِ السَرّاقِ

وَأَديبِ قَومٍ تَستَحِقُّ يَمينُهُ

قَطعَ الأَنامِلِ أَو لَظى الإِحراقِ

يَلهو وَيَلعَبُ بِالعُقولِ بَيانُهُ

فَكَأَنَّهُ في السِحرِ رُقيَةُ راقي

في كَفِّهِ قَلَمٌ يَمُجُّ لُعابُهُ

سُمّاً وَيَنفِثُهُ عَلى الأَوراقِ يَرِدُ الحَقائِقَ وَهيَ بيضٌ نُصَّعٌ

قُدسِيَّةٌ عُلوِيَّةُ الإِشراقِ

فَيَرُدُّها سوداً عَلى جَنَباتِها

مِن ظُلمَةَ التَمويهِ أَلفُ نِطاقِ

عَرِيَت عَنِ الحَقِّ المُطَهَّرِ نَفسُهُ

فَحَياتُهُ ثِقلٌ عَلى الأَعناقِ

لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَومَهُ

بِبَيانِهِ وَيَراعِهِ السَبّاقِ

مَن لي بِتَربِيَةِ النِساءِ فَإِنَّها

في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ

الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها

أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراقِ

الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا

بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ


يا مصر أنت الأهل والسكن

يقول الشاعر خليل مطران:

يَا مِصْرُ أَنْتِ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ

وَحِمىً عَلَى الأَرْوَاحِ مُؤْتَمَنُ

حُبِّي كَعَهْدِكِ فِي نَزَاهَتِهِ

وًالحُبُّ حَيْثُ القَلْبُ مُرْتَهَنُ

مِلْءُ الجَوَانِحِ مَا بِهِ دَخَل

يَوْمَ الحِفَاظِ وَمَا بِهِ دَخَنُ

ذَاكَ الهَوَى هُوَ سِرُّ كُلِّ فَتىً

مِنَّا تَوَطَّنَ مِصْرَ وَالعَلَنُ

هُوَ شُكْرُ مَا مَنَحَتْ وَمَا مَنَعَتْ

مِنْ أَنْ تُنَغِّصَ فَضْلَهَا المِنَنُ

هُوَ شِيمَةٌ بِقُلُوبِنَا طَهُرَتْ

عَنْ أَنْ تَشُوبَ نَقَاءهَا الظِّنَنُ

أَيُّ الدِّيَار كَمِصْرَ مَا بَرِحَتْ

رَوْضاً بِهَا يَتَقَيَّدُ الظُّعُنُ

فِيهَا الصَّفَاءُ وَمَا بِهِ كَدَرٌ

فِيهَا السَّمَاءُ وَمَا بِهَا غَصَنُ

مِصْرُ الَّتِي لَيْسَتْ مَنَابِتُهَا

خِلَساً وَمَا فِي مَائِهَا أَسَنُ

مِصْر الَّتِي أَبَداً حَدَائِقُهَا

غَنَّاءُ لا يَعْرَى بِهَا غُصُنُ

مِصْر الَّتِي أَخْلاقُ أُمَّتِهَا

زَهْرٌ سَقَاهُ العَارِضُ الهَتِنُ

مِصْر الَّتِي أَخْلاقُهَا حُفُلٌ

وَيَدِرُّ الشُّهْدُ وَاللَّبَنُ

كَذَبَ الأُولى قَالوا مَحَاسِنُهَا

تُوهِي القُوَى وَجِنَانُهَا دِمَنُ

فَهْيَ الَّتِي عَرَفَتْ مُرُوءَتَهَا

أُمَمٌ وَيَعْرِفُ مَجْدَهَا الزَّمنُ

وَهْيَ الني أَبْنَاؤُهَا شُهُبٌ

عَنْ حَقِّ مِصْرٍ مَا بِهَا وَسَنُ

يَذْكُو هَوَاهَا فِي جَوَانِحِهِمْ

كَالجَمْرِ مَشْبُوباً وَإِنْ رَصُنُوا

هُمْ وَارِثُو آلامِهَا وَبِهِمْ

سَتُرَدُّ عَنْ أَكْنَافِهَا المِحَنُ

صَحَّتْ عَقِيدَتُهُمْ فَلَيْسَ تَهِي

فِي حَادِثٍ جَلَلٍ وَلا تَهِنُ

للهِ وَثَبْتَهُمْ إذَا اسْتَبْقَتْ

فِيهَا النُّهَى وَتَبَارَتِ المُنَنُ

دَاعِي المَبَرَّةِ وَالوَفَاءِ دَعَا

فَأَجَابَتِ العَزَمَاتُ وَالفِطَنُ

صَوْتٌ مِنَ الوَادِي تَجَاوَبَ فِي

تَرْدِيدِهِ الأَسْنَادُ وَالقُنَنُ

رُوحُ البِلادِ تَنَبَّهَتْ فَجَرَى

مَا أَكْبَرَتْهُ العَيْنُ وَالأُذُنُ

جَرَتِ المَسَالِكِ بِالرِّجَالِ وَقَدْ

غَمَرَتْ بِهِمْ رَحَبَاتِهَا المُدُنُ

جَرْيَ الأَتِيِّ يَفِيضُ مُنْطَلِقاً

مِنْ حَيْثُ يَطْغَى وَهْوَ مُخْتَزَنُ

مِنْ كُلِّ مُدَّثِرٍ بِثَوْبِ هَوىً

لِدِيَارِهِ أَوْ ثَوْبُهُ الكَفَنُ

رَهَنَ الحَيَاةَ بِعِزِّهَا فَإِذَا

هَانَتْ فَمَا لِحَيَاتِهِ ثَمَنُ

سَادَ الإِخَاءُ عَلَى الجُمُوعِ فَلا

رُتَبٌ تُمَيِّزُهَا وَلا مِهَنُ

فِرَقٌ تَقَارَبَتْ القُلُوبُ بِهَا

وَتَنَاءَتْ البِيئَاتُ وَاللسُنُ

لا جِنْسَ بَلْ لا دِينَ يَفْصِلهَا

وَالخُلْفُ مَمْدُودٌ لَهُ شَطَنُ

أَلإِلفُ وَالسَّلْمُ الوَطِيدُ يُرَى

حَيْثُ الحَفَائِظُ كُنَّ وَالفِتَنُ

فَإذَا بَدَا فِي مَوْقِفٍ ضَغَنٌ

لَمْ يَعْدُ رَأْياً ذَلِكَ الضَّغَنُ

أَلشَّعْبُ إٍِنْ يَصْدُقْ تَكَافُلُهُ

بِلُوغِ غَايَاتِ العُلَى قَمِنُ

كُلٌّ يَقُولُ وَمَا بِمِقْوَلِهِ

كِذْبٌ وَمَا فِي قَلْبِهِ جُبُنُ

يَا أَيُّهَا الوَطَنُ العَزِيزُ فِدىً

لَكَ مالُنَا والرُّوحُ وَالبَدَنُ

مِنْكَ الكَرَامَةُ وَالوُجُودُ مَعاً

فَإذَا اسْتَعَدْتَهُمَا فَلا حَزَنُ

حُيِّيْتِ يَا صِلَةً مُبَارَكَةً

شُدَّتْ وَلَنْ يُلْفَى بِهَا وَهَنُ

أَهْلاً بِرَهْطِ الفَضْلِ مِنْ نُجُبٍ

509 مشاهدة