أبو فراس الحمداني قصيدة أقول وقد ناحت

كتابة - آخر تحديث: ٠:٣٠ ، ٢٧ فبراير ٢٠١٩
أبو فراس الحمداني قصيدة أقول وقد ناحت

أقول وقد ناحت بقربي حمامة

أقُول وقَد نَاحت بقُربي حمامَة ٌ

أيا جارتا هل تشعرين بحالي؟

معاذ الهوى! ما ذُقتِ طارقة النوى

ولا خَطَرَت مِنك الهُمُوم ببال

أتحملُ محزون الفؤادِ قوادمٌ

على غُصُنٍ نائي المسافةِ عالِ؟

أيا جارتا، ما أنصفَ الدهرُ بيننا

تعاليْ أُقاسمكِ الهمومَ، تعالي!

تعالي تري روحاً لديّ ضعيفةً

تردّد في جسمٍ يُعذّب بالي

أيضْحك مأسورٌ، وتبكي طليقةٌ

ويسكتُ محزونٌ، ويندبُ سال؟

لقد كنتُ أولى منك بالدمع مقلةً

ولكنّ دمْعي في الحوادث غَال


كأنّما الماءُ عليه الجسر

كأنّما الماءُ عليه الجسر

درج بياض خطّ فيه سطر

كأننا، لمّا استتبّ العبرُ،

أسرة ُ "موسى" يومَ شقّ البحرُ!


مِن بَحر شعركَ أغترف

مِن بحر شعركَ أغترف،

وبفضل علمك أعترف

أنشدتني؛ فكأنما

شققت عن درٍّ صدف

شِعراً، إذا ما قستهُ

بجميع أشعار السلف

قصَّرن، دون قراهُ تقــ

ـصِيرَ الحروفِ عن الألف


ولقدْ أبيتُ، وجلُّ ما أدعو به

ولقدْ أبيتُ، وجلُّ ما أدعو بهِ،

حتى الصّباحِ، وقد أقضّ المضجع

لا همَّ، إنَّ أخي لديك وديعةٌ

مني وليس يضيعُ ما تستودعُ


أيا سافراً ورداءُ الخجل

أيا سافراً! ورداءُ الخجل

مقيمٌ بوجنته، لم يزل!

بعيشك، ردَّ عليك اللثام!

أخاف عليك جراح المقل

فما حقّ حسنك أن يجتلى،

ولا حقُّ وجهك أن يبتذل

أمنتُ عليك صروف الزمان،

كما قد أمنت عليّ الملل


رددتُ على بني قَطنٍ بسيفي

رَددتُ على بني قَطنٍ بسيفي

أسِيراً غير مرجوّ الإياب

سَررتُ بفكّه حيّي نُميرٍ،

وسؤتُ بني "ربيعةَ" و"الضباب"

وما أبغي سوى شكري ثواباً

وإنَّ الشكرَ من خير الثوابِ

فهل مُثنٍ عليّ فتى نُمَيرٍ

بحلي عنهُ قدَّ بني "كلابِ"


فإن أهلك فعنْ أجلٍ مُسمى سلي فتيات هذا الحيّ عنّي

فإن أهلك فعن أجلٍ مسمّى سلي فتياتِ هذا الحيّ عنّي

يقُلن بما رأين وما سمعنه

ألست أمدهم، لذويّ، ظلاَّ،

ألست أعدهم، للقوم، جفنه

ألست أقرهم بالضيف، عيناً

ألست أمرهم، في الحرب لهنه

رضيتُ العاذلات، وما يقلنه،

وإن أصبحتُ عصّاءً لهنّه

وكم فجرٍ سبقن إلى ملامي

فعدت ضحىً ولم أحفل بهنّه

وراجعةٍ إليّ، تقول سرّاً:

أعودُ إلى نصيحته لعنّهْ

فلمّا لم تجد طمعاً تولّت،

وقالت فيّ، عاتبةً وقلنه

أريتك ما تقول بنات عمي

إذا وصف النساء رجالهنّه

أما والله لا يمسين، حسرى،

يلفقن الكلام، ويعتذرنه

ولكن سوف أوجدهنّ وصفاً

وأبسط في المديح كلامهنّه

متى ما يدن منْ أجلٍ كتابي

أمُت، بين الأعنّة والأسنّه


تواعدنا بآذار

تواعدنا بآذار

لمسعىً غير مختارِ

وقمنا، نسحب الريط،

إلى حانة خمّار؛

فلم ندر، وقد فاحت

لنا من جانب الدّارِ

بخمارٍ، من القوم،

نزلنا، أم بعطّار؟

فلما ألبس الليل،

لنا ثوباً منَ القار

وقلنا: أوْقد النّار

لطُراقٍ وزوّار

وجا خاصرة الدّن

فأغنانا عن النار

وما في طلب اللّهو،

على الفتيان، منْ عار!


ألا من مبلغٌ سروات قومي

ألا من مبلغٌ سروات قومي

وسيف الدّولة الملك، الهماما

بأني لم أدع فتيات قومي،

إذا حدَّثن، جمجمن الكلاما

شريت ثناءهنّ ببذل نفسي،

ونار الحرب تضطرم اضطراما

ولمّا لم أجد إلاّ فراراً

أشدَّ من المنية أو حماما

حملت، على ورود الموت، نفسي

وقلتُ لعصبتي :"موتوا كراما!"

ولم أبذل، لخوفهم، مجنّاً،

ولم ألبس حذار الموت، لاما

وعذتُ بصارم، ويد، وقلب

حماني أن ألام، وأن أضاما

ألفهم وأنشرهم كأني

أُطرّدُ منهم الإبل السّواما

وأنتقد الفوارس، بيدَ أنّي

رأيتُ اللّوم أن أَلقى اللّئاما

ومدعوٍ إلى أجاب لمَّا

رَأى أن قَد تذمّم واستلاما

عقدت على مقلده يميني،

وأعفيتُ المثقف والحساما

وهلْ عذرٌ، و"سيف الدين ركني،

إذَا لَم أركبِ الخُططَ العظاما؟

وأتبع فعله، في كلّ أمرٍ،

وأجعلُ فضلهُ، أبداً، إماما

وقدْ أصبحتُ منتسباً إليه،

وحسبي أن أكون له غلاما

أراني كيف أكتسب المعالي،

وأعطاني، على الدّهر، الذّماما

وربّاني ففقت به البرايا،

وأنشأني فسدت به الأناما

فعمّره الإله لنا طويلاً،

وزاد الله نعمتهُ دواما
794 مشاهدة