محتويات
اتّخاذ القرار
تمرّ حياة الإنسان بالعديد من المتغيرات والظروف والمواقف التي تستثير دافعيّته تجاه أمرٍ على حسابِ أمورِ أخرى، أو تجعله مُقيَّداً باختيارِ أمرٍ بين مجموعة من الأمور أو المتغيِّرات؛ بقياسها في ميزانِ الأولويّات والمتطلَّبات المُتاحة والمفروضة، وقد يدخل الإنسان نتيجة ذلك في جوٍّ من الحيرة والتخبّط نتيجة تعريضه لعمليّة المفاضلة أو الاختيار الطوعي أو القسري، يجري ذلك على صعيد الأفراد والمؤسّسات وحتى المجتمعات؛ إذ تزخر جميع القطاعات بالمواقف اليوميَّة والمستمرة التي تتطلَّب فعلياً تحديد اختيارٍ أو بديل من بين جميع البدائل المتاحة والممكنة فيما يُعرَف إدارياً باتّخاذ القرار.[١]
تعريف اتّخاذ القرار
تعريف اتّخاذ القرار لُغويّاً
تُشير معاجم اللغة العربيَّة إلى تعلُّق مصطلح اتخاذ القرار بالنُّظم الإداريَّة؛ إذ تُعرِّفها المعاجم بأنها شغلُ المدير ومشغلته، واتّخاذ القرار في اللغة هو اختيار نهجٍ، أو طريقٍ، أو آليَّة للسلوك من بين عدد من البدائل والخيارات المُمكنة أو المتاحة، أو هو الرأي عند من يملك اختياره وتصديره.[٢]
تعريف اتّخاذ القرار اصطلاحيّاً
تتنوّع التعريفات الاصطلاحيَّة لاتّخاذ القرار في طرحها بالإشارة إلى اتّجاه العمليَّة وتصنيفها من الأصل، فعمليَّة اتخاذ القرار طبقاً لمن يصنّفها بأنَّها عمليَّة تفكير أو مهارة عقليَّة عُليا تُعرَّف بأنَّها إحدى عمليَّات التفكير المركَّبة والهادفة إلى اختيار البديل الأفضل، أو الحلّ الأمثل والأكثر ملائمة لتحقيق الهدف بما يتناسب مع خصائص الموقف، وتنوّع البدائل،[٣] كما توصف وفق هذا النمط بأنها عمليَّة عقليَّة مُخطَّطة ومنظَّمةٌ، تعتمد المفاضلة بين جميع البدائل والحلول المطروحة لحلِّ موقفٍ، أو مشكلةٍ، أو حالةٍ من اللاتوازن؛ لاختيار أنسب الحلول وأنجحها في الوصول إلى الهدف اعتماداً على المعلومات الأوليَّة المدروسة، وانتهاجاً لمهارات التشخيص، واستمطار جميع البدائل المُمكنة وتقييمها، ثمّ تنفيذها بعمليَّة مُخطَّطة مُسبقاً، ثمّ تقويم نتائج القرار المُنتقى وتقييمه.[٤]
تعريف اتّخاذ القرار إداريّاً
استند المختصّون في علم الإدارة في تعريفهم للقرار بصورةٍ عامَّة على خصائصه العامة؛ من حيث المحتوى التعبيري، والشكل التعبيري، والمحتوى النظري أو المحتوى الفكري للحالة أو المضمون المتعلِّق بالقرار، ليصطلحوا من خلال تلك الخصائص على تعريف القرار بأنَّه عمليَّة اختيار مدروسة لأحد البدائل المُتاحة المتوفّرة، تتمّ وفق تحليلٍ مُوسَّع لجميع جوانب الموقف أو المشكلة الخاصَّة بالقرار، وبذلك فإنَّ عمليَّة اتخاذ القرار من وجهة نظر الإدارة تتسم بكونها عمليَّة مفاضلة موسَّعة وتحليليَّة، تستهدف اختيار بديل واحد من بين مجموعة من البدائل المتاحة والمقترَحة؛ لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف بما يتناسب مع عناصر الموقف وعوامله.[٥]
وتندرج تحت هذا الباب تعريفاتٌ عديدةٌ متقاربةٌ، أهمُّها ما ذهب إليه الباحثون في تفسير القرار واتخاذه، طبقاً لما يأتي:[١]
- نيجرو: عرَّفه بأنّه عمليَّة اختيارٍ واعٍ لبديل بين البدائل المُمكنة في موقفٍ معيَّن.
- درويش: البتُّ النهائيّ والإرادة الواضحة والصريحة لصانع القرار حول ما يجب عليه فعله أو تركه؛ للوصول إلى هدف محددٍ ونهائي حيال أمر معيَّن.
- ماكلوري: عمليَّة متعلّقة بالوصول إلى المعلومات ومعالجتها؛ لتحقيق الأهداف الخاصَّة بموقف معيَّن.
- هاريس: عرَّف عمليَّة اتخاذ القرار بأنَّها دراسة تحليل وتمييز للبدائل المتوفّرة والمستندة إلى قيم ودلالات لاختبار بديل واحد، يتناسب مع ثقة متّخذ القرار وعوامل الموقف.
تعريف اتّخاذ القرار عمليّاً
تظهر تعريفات أخرى لاتخاذ القرار بالتركيز على الجانب العمليّ الذي يسبق الاختيار؛ إذ يُعرَّف القرار من وجهة نظر عمليّة بأنَّه الاختيار الذي يلاقي استحسان وتفضيل المدير أو متّخذ القرار، بعد تعريض الموقف إلى تحليلٍ وتشخيصٍ، وتحديد ما يجب القيام به من سلوكات تفيد الموقف، وما يجب تركه.[٥]
تصنيف اتّخاذ القرار
انتهج الباحثون في وصف اتخاذ القرار مناهج مختلفةً في تصنيفه؛ اعتماداً على المهارات التي تتطلَّبها وتغلبُ على جوِّها، فقد صُنِّفت عمليَّة اتخاذ القرار في أصنافٍ من وجهةِ نظر الباحثين فيها، فتوجَّه البعض إلى وصفها بأنَّها واحدةٌ من استراتيجيَّات التَّفكير، مبرِّرين ذلك بارتباطها بمهارة حلِّ المشكلات، وعمليّة تكوين المفاهيم، مع محافظتهم على استقلاليّة كلِّ استراتيجيَّة من تلك في البحث والدِّراسة والإجراء؛ لما تتضمّنه كلٌّ منها من خطواتٍ وعمليَّات مُتباينةٍ ومُتمايزةٍ فيما بينها.[٣]
فيما يعرض جانبٌ آخرٌ من الباحثين توجُّههم لوصف عمليَّة اتخاذ القرار بأنَّها ذاتها عمليَّة حلّ المشكلات التي هي في واقعها مجموعةٌ من المثيرات والمحفّزات التي تحتاجُ إلى قراراتٍ بشأن معالجتها وحلِّها، ونتيجةً للتطابق والتشابه في كلا العمليّتين فقد وُصِفت عمليَّة اتخاذ القرار من وجهة نظر هؤلاء على أنَّها ذاتها عمليَّة حلّ المشكلات. وقد يكون الملائم في تصنيف اتخاذ القرار كعمليَّةٍ ما ذهب إليه آخرون بوصفها إحدى مهارات التَّفكير العليا أو المُركَّبة، مثل: التفكير النَّاقد، وحلِّ المشكلات، والتفكير الإبداعيّ.[٣]
أهميّة اتّخاذ القرار
يتميَّز اتخاذ القرار بمكانته الجوهريَّة في العمليَّات الإداريَّة؛ إذ لا بدَّ من وجود القرارات والمفاضلة التي تقود إلى الاختيار في جميع نشاطات الإدارة ووظائفها، وتبرز أهميَّة اتّخاذ القرارات من النَّاحية الإدارية في جوانب التخطيط ووضع الأهداف والسياسات والاستراتيجيات التي تنتهجها المنظمة أو تتبنَّاها؛ لتعكس من خلالها هويَّتها، وجوانب اختصاصها، وحدودها المكانيَّة والزَّمانيَة، كما تظهر أهميَّة اتخاذ القرارات في تحديد الشركات لمُدخلاتها ومواردها، ورسم الأساليب والآليات النَّاظمة لعملها ونُظُم تشغيلها، وبناء السلم الهيكلي والتنظيمي المناسب لنشاطاتها وإمكاناتها، ولا يُغفَل جانب اتخاذ القرارات في الدوائر الرقابيَّة والإشرافيَّة التي تُعنى بقياس الأداء وتقييم الأعمال، وما يترتّب عليها من مسارات تصحيحية وخُطط بديلة، تحتاج إلى تغليب المصالح وفقاً للبدائل المتاحة والسلوكات الواجبة أو المواقف الطارئة.[٦]
المراجع
- ^ أ ب إبراهيم ربابعة (2015)، اتخاذ القرار، السعودية: شبكة الألوكة، صفحة: 2-3.
- ↑ "معنى اتخاذ القرار"، معجم المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 20-11-2017.
- ^ أ ب ت موسى معوض (10-12-2013)، "مفهوم عمليَّة اتخاذ القرار"، شبكة الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2017.
- ↑ القذافي محمد (2-5-2014)، "اتخاذ القرار: مفهومه، ومراحله، ومهاراته، واستراتيجياته، وأساليب تنميته"، مركز المنشاوي للبحوث والدراسات، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2017.
- ^ أ ب جامعة بابل، اتخاذ القرار، العراق: جامعة بابل، صفحة: 2-4.
- ↑ ظافر آل جميلة (29-3-2017)، "مفهوم اتخاذ القرار"، جامعة بابل- كلية الاقتصاد والإدارة، اطّلع عليه بتاريخ 22-11-2017.