محتويات
تاريخ عِلم التخطيط
ظهر علم التخطيط في النصف الثاني من القرن العشرين، وذلك بعد أن انتشرت آثار التدمير في المدن الأوروبية بسبب الحرب العالمية الثانية، ولم يُستخدم علم التخطيط من أجل إصلاح ما أفسدته الحروب فقط، بل أصبح يُستخدم كأحد الحلول العلمية للمشاكل التي تتمثّل في تداعي المناطق القديمة، والمشاكل المختلفة التي تُصيب المدينة بسبب الزيادات السكانيّة العالية على حِساب الشبكات الخاصة في البُنية الأساسية، وقد ظهر التخطيط منذ العصور القديمة، حيث لم يكن من الممكن أن تخرج آثار القدماء في العديد من بقاع الأرض إن لم تكن خاضعة للتخطيط، حيث إنها لا تزال شامخة بهندستها البديعة إلى هذه الأيام.[١]
تعريف تخطيط المُدن
يُعرّف تخطيط المُدن بأنّه خليط من العِلم والفن اللذين يهدفان إلى تنظيم، أو ترتيب، أو التوصّل إلى استخدام الأراضي بالشكل المُناسب، ومن ذلك وضع تقرير مناسب لشبكة الطُرق والشوارع في المدينة، وذلك من أجل تحقيق الفائدة الأكبر، وتحديد المواقع المناسبة للأنشطة المختلفة داخل نطاق المدينة، واختيار المواقع المناسبة للأراضي من أجل أن يتوفر لدى السكان الشعور بالجمال والراحة.[٢]
كما يجب تجنّب استخدام مفهوم تخطيط المُدن القديم بأنّه تخطيط يقتصر على الشوارع فقط، حيث إنّ هذا المفهوم لا يعتبر كافياً من أجل تحقيق الراحة للسكّان ورفاهيتهم، ولا يضع اللمسة الجمالية على معالم ومناظر المُدن، بالإضافة إلى أنّه لا يُسهّل الحركة المرورية داخلها.[٢]
أهمية تخطيط المُدن
يهدف تخطيط المدن إلى عدة أمور، منها:[٢]
- تحقيق الرغبات الخاصة في البشر داخل إطار قانوني.
- معالجة الأمور المختلفة في المدينة مثل المواصلات، والإسكان، وغيرها من الخدمات.
- المساعدة على إضفاء منظر جميل للمدينة وتحسينها.
- المساهمة في توفير قاعدة من أجل النشاط البشري من خلال المحافظة على الأرض واستثمارها.
- التوصل إلى استخدام الأراضي بشكل مناسب ومنظم.
- تحديد الأماكن التي تتناسب مع الأنشطة المختلفة داخل المدينة.
- المساهمة في تقليل المسافات، حتى يتنقل الأشخاص داخل المدينة بسرعة.
أهداف تخطيط المُدن
تختلف اهتمامات السكان عن بعضها البعض، وذلك بالنظر إلى الزمان، والمكان، والسكان أنفسهم، وهي من الأمور المهمة والمتطلبات الأساسية في حياة المجتمع، فكلما كانت الاتجاهات مختلفة والاهتمامات متعددة زادت نسبة المشاكل، وهنا يأتي دور التخطيط، حيث إن للتخطيط نظرة بعيدة ناتجة من عدة دراسات شاملة، حيث تختلف النظرة إلى التخطيط مع اختلاف المشاكل على مستوى المنسوب الإقليمي أو القومي، وإيجاد الطموحات والأهداف التي تناسب هؤلاء المنسوبين، لتحقيق التوازن بين العمل والسكن، وبين الخدمات والسكّان، وللتخطيط عدة أهداف، منها:[٣]
- العمل على تحسين البيئة من أجل محاولة إيجاد عناصر للاستقرار وإيجاد النشاطات الاقتصادية المناسبة.
- العمل على توجيه العمليات الخاصة في تنمية المجتمع، من أجل تحقيق الترفيه، والراحة، والأمان.
- دراسة الأساليب الضرورية من أجل تحقيق الاستغلال الذي يتناسب مع الموارد المُتاحة، والابتعاد عن ظاهرة الاستنزاف، من أجل تحقيق التعداد والنمو المطرد في مصادر الدخل في الأقاليم وفي الدولة.
- محاولة إيجاد العناصر الضرورية من أجل رفع مستوى السكان المعيشي، وإيجاد التناسب المثالي في المستويات المعيشية في المجتمع.
- العمل على توزيع النشاطات السكانية، والاقتصادية، والخدماتية التي تتناسب مع متطلبات المدينة المختلفة.
- العمل على توفير الخدمات بما يتناسب مع الكثافة السكانية في المناطق.
- العمل على تنظيم الأنشطة داخل المدينة بالشكل الذي يناسب قوة العلاقة، بحيث ينعكس على حركة الأنشطة الخاصة بالمدينة.
طُرق الإعداد من أجل تخطيط المُدن
يحتاج إعداد أي تخطيط عام للمدن إلى القيام في عدد من الدراسات الميدانية من أجل التعرف على المدينة وإيجابياتها، وقد أقيمت بعض الدراسات التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام، هي:[٤]
- القسم الأول: يرتبط هذا القسم بالدراسات الطبيعية، حيث يتم به دراسة العوامل الطبوغرافية والجوية للمدينة، بالإضافة إلى دراسة هيكل المدينة العُمراني من أجل تحديد ارتفاع المباني، والاستعمالات الخاصة في مواد البناء، وشبكات الطرق، ومياه الشرب، والصرف، والمجاري، والكهرباء، والهاتف، ويكون ذلك من خلال وضعه على خرائط ذات مقاس مناسب لحجم المدينة.
- القسم الثاني: يرتبط هذا القسم مع الدراسات الاجتماعية، حيث يتم به دراسة السكان، ونسبة الذكور والإناث من كافة الأعمال، بالإضافة إلى دراسة معدل المواليد، وحجم الأُسرة، والحالة الاجتماعية والتعليمية، كما ويتم في هذا القسم دراسة الخدمات الاجتماعية المتوفرة مثل المستشفيات، والمدارس، والخدمات العامة مثل الهاتف، والبريد، والدفاع المدني، وغيرها من الخدمات الأخرى.
- القسم الثالث: يرتبط هذا القسم بالدراسات الاقتصادية، وتتم به دراسة المقومات الاقتصادية في المدينة وفي المنطقة الخاصة بها، كما تتم دراسة الصناعة، والتجارة، والري، والزراعة، حيث تتم دراسة المنشآت وعددها، وعدد العاملين بها، وحجم الاستثمار والإنتاج.
تخطيط المُدن الإسلامية
برع المسلمون في العديد من العلوم المختلفة، وخصوصاً في الفترة الممتدة بين الدولة الإسلامية الأولى وبين سقوط خلافة العصر العباسي، فقد اهتم المسلمون بشكل كبير في تخطيط المُدن الإسلامية، بحيث أصبحت ذات نمط مميز، وقد شكّل الفكر الإسلامي الأساس المرجعي لتخطيط المُدن الإسلامية، مما ساعد على توسعها وكثرة عددها، الأمر الذي امتد على مدى عدة قرون، مما ساعد على اتساع رقعة البلاد الإسلامية حيث امتدت من المناطق الوسطى من شرق آسيا إلى غرب الأندلس، ومن شمال بلاد البلقان إلى جنوب المنطقة الوسطى من أفريقيا.[٥]
وقد تصاحب انتشار الإسلام مع ازدهار وتأسيس العديد من المُدن الإسلامية، سواء كان ذلك في البلاد المُنضمة إلى الدول الإسلامية أو من البلاد المفتوحة، وقد انضمت تلك الدول بالشكل والمضمون إلى الحُكم الإسلامي، فأصبحت تسير على الأحكام، والنُظم، ونمط الحياة الخاص في المنهج الإسلامي.[٥]
المراجع
- ↑ د.ياسر عبد المحمود حامد التهامي، جغرافية تخطيط المدن، السودان: جامعة البحر الأحمر، صفحة 3. بتصرّف.
- ^ أ ب ت د.ياسر عبد المحمود حامد التهامي، جغرافية تخطيط المدن، السودان: جامعة البحر الأحمر، صفحة 26-32. بتصرّف.
- ↑ د. عاطف حمزة حسن (1992)، تخطيط المدن أسلوب ومراحل، قطر: مطابع قطر الوطنية، صفحة 23. بتصرّف.
- ↑ دكتور عبد الباقي إبراهيم، مستويات التخطيط ومدخل عام لتخطيط المدينة، صفحة 3-4. بتصرّف.
- ^ أ ب خليف مصطفى غرايبة (2015)، "منهجية الفكر الإسلامي في تخطيط المدينة العربية الإسلامية"، المجلة الأردنية للعلوم الاجتماعية، العدد 1، المجلد 5، صفحة 183-184. بتصرّف.