تعريف المدينة

كتابة - آخر تحديث: ١٠:٥٠ ، ٨ أبريل ٢٠١٨
تعريف المدينة

تعريف المدينة

تعتبر المدينة أحد الأشكال المتطوّرة من أشكال التجمّعات الإنسانية، حيث تصوغ المدينة أساليب الحياة التي تتلاءم مع بُنيتها العُمرانية، والاقتصادية، والأيدلوجية، وتُناسب الطابع الاجتماعي الخاص بها، وقد بلغت الحياة في المدينة ذروة التعقيد، مما جعل أنماطها المعيشية تتغير من أجل أن تتماشى مع مكوّنات الحضارة المُعاصرة، وأصبح على السكّان التكيُّف والتوافق مع أوضاع وظروف المدينة.[١]


تُعرّف المدينة لغوياً بأنها كلمة مأخوذة من كلمة (دين) ساميّة الأصل، وتُعرف المدينة اصطلاحاً لدى أرسطو بأنّها عدد من الذكريات التي من الممكن معرفة مكوّناتها ومعانيها، وتكون تلك الذكريات صخريّة، وقد عرّف ابن خلدون المدينة بأنّها أمصار تمتلك أبنية كبيرة، وأجرام وهياكل عظيمة، وهي عامّة حيث تحتاج إلى التعاون واجتماع الأيدي، من أجل اختطاط المُدن وتمصيرها.[٢]ومن الممكن تعريف المدينة باستخدام عدّة صفات ومواصفات تحدد نمط المدينة، ووظيفتها، وخصائصها الحضارية، وهي كما يلي:[١]

  • المدينة كمجتمع محلّي: ارتبط مفهوم المجتمع مع الأُطر الوظيفية والمورفولوجية الخاصة بالحياة اليومية، فمن الممكن استخدام السياق الدلالي من أجل تحديد مفهوم المدينة، وقد عرّف عدد من الباحثين المجتمع المحلي بالنظر للشواهد والمعطيات، فقد عرّف ماكيفر المجتمع المحلّي على أنّه وحدة اجتماعية تساعد على جمع أعضائها على أساس المصالح المشتركة، بحيث يسود بينهم الشعور بالانتماء، والقيم العامة، التي تساعدهم على المشاركة بالظروف الخاصة بالحياة المشتركة، وأضاف روبرت بارك أنّ المجتمع المحلّي يدل على دلالات مكانية جغرافية، وأنّ جميع المدن صغيرها وكبيرها، والقرى والعالم بأكمله هو مجتمع محلّي، وذلك بالرغم من وجود اختلاف في التنظيم، والثقافة، والمصالح والعديد من الأمور الأخرى.
  • المدينة كظاهرة اجتماعية:يساعد التعريف السوسيولوجي للمدينة في اختيار الأبعاد الاجتماعية التي تحدد العناصر الحضرية في مختلف المجتمعات المحلية والتنظيمات الاجتماعية، وقد أكّدت عدد من الأدبيات الخضرية وجود مقاربة سيسيولوجية لهذا المفهوم، يدل على أنّ المدينة هي تنظيم اجتماعي مكوّن من عدد من الأنساق، والنظم الاجتماعية المتواجدة داخل تنظيم أيدلوجي، وقد عرّف السيد مصطفى الخشّاب المدينة سيسيولوجياً بأنّها مجرّد فكرة، إلا أنّ عناصرها من إقامة، ووسائل تنقل، وأبنية داخلية، هي موجودات ذات طابع مختلف، مما يجعل المدينة من الأمور المحددة، التي تمتلك تكامل وظيفي في كافة عناصرها المختلفة بحيث تكوّن وحدة كلّية، وقد عرّفها السيد عبد العاطي السيد على أنّها نظام اجتماعي ذو حالة حركية وديناميكية مستمرة، كما أنّ العلاقة بين مكوّنات المدينة وعناصرها، والعلاقة بين الأنظمة متغيرة بشكل دائم.
  • المدينة كأسلوب حياة: يرتبط مفهوم المدينة مع تنوع أساليب الحياة بداخلها، حيث يرتبط بأنماط التنظيم سواء كان اجتماعياً أم حضرياً، وهو الأمر الذي يختلف بشكل تام عن أساليب التنظيم بالريف، ولهذا قام عدد الباحثين في بناء التصورات حول أنماط الحياة الحضرية، فقدم رودفيلد نموذجاً يحلل الأنماط الخاصة في الحياة الحضرية، وحدد به ثنائية التفاعل بين المجتمع الحضري والشعبي، أما لويس ويرث فعرف المدينة على أنها موقع متواجد بشكل دائم، يتميز بأنّه ذو حجم كبير، وذو كثافة مرتفعة بشكل نسبي وبدرجة ملحوظة.


وظائف المدينة

للمدينة عدد كبير من الوظائف عبر التاريخ، حيث ساهمت تلك الوظائف في وجودها، ومن تلك الوظائف:[٣]

  • الوظيفة العسكريّة: تتلخص في الحامية العسكريّة، والتواجد الأمني عن طريق المراكز الأمنيّة.
  • الوظيفة التجارية: تتمثّل هذه الوظيفة بوجود المعابر الحدودية، والأسواق.
  • الوظيفة الصناعية: تتمثّل هذه الوظيفة بوجود المواد الخام التي كانت سبباً لوجود عدد من مراكز الصناعات، سواء كانت صناعات خفيفة أم ثقيلة.
  • الوظيفة السياحية: تتمثل هذه الوظيفة في توافر العديد من المواقع الأثرية، والترويحية، والسياحية.
  • الوظيفة الثقافية: تتلخص هذه الوظيفة في وجود المراكز العلمية، والجامعات، والمدارس.
  • الوظيفة الدينية: تتمثّل هذه الوظيفة في وجود عدد من المواقع الدينية.


مركز المدينة

يُعرف مركز المدينة بأنّه بؤرة الحياة الخاصة بها، حيث يمتلك هذا الموقع أهمية خاصة في المجتمعات، فهو المركز الرئيسي من أجل التسلية، والثقافة، وإدارة الأعمال في المدينة، حيث يضُم المحلات التجارية، والبنوك، والنوادي، والفنادق، والمتاحف، والمسارح، ويتميز مركز المدينة بأنّه مركزي، حيث تلتقي به طُرق المواصلات، ويأتي إليه عدد كبير من السكان كل يوم من أجل العمل أو الزيارة، وهناك عدّة أنواع من المراكز منها: الحكومي، أو المكتبي، أو المركز التجاري، أو الديني، أو الاجتماعي، أو السياحي، وقد تكون بعض المراكز مٌختلطة، حيث تتراوح نسبة الاختلاط على حسب الخلفية الاجتماعية، والاقتصادية، والحضارية، والسياسية.[٤]


خصائص مركز المدينة

يتميز مركز المدينة بالعديد من الخصائص، من أهمها ما يلي:[٤]

  • وجود أغلبية البنوك، والشركات، والمحلّات التجارية الكُبرى.
  • وجود كثافة مرورية كبيرة، لأنّ نهاية مُعظم الطُرق الرئيسية في المدينة تؤدّي إليه.
  • ارتفاع أسعار الأراضي الخاصة بموقعه، وذلك بسبب تزايد الطلب على خدماته المختلفة.
  • اختلاف الكثافة السكانية في موقع مركز المدينة في فترة النهار عن الليل، وذلك لأنه يجذب العملاء من مختلف مواقع المدينة، كما أنه يخلق الهجرة الداخلية في البلاد، نظراً لارتفاع أسعار الأراضي المتواجدة به.
  • وجود العديد من الشوارع الرئيسية الهامة في عملية النقل.
  • تواجد في مركز المدينة العديد من المحال التجارية الكبيرة التي تحتوي على مخازن، وتمتلك العديد من الطوابق التي تحتوي على سلع ذات وظائف متعددة.
  • الصناعات الإنتاجية قليلة في منطقة مركز المدينة، إلا أنّها قد تتواجد في أطراف المنطقة الوسطى
  • في مركز المدينة توجد بعض الشوارع التي تختص في نشاط مُعين، مثل: وجود شوارع من أجل المؤسسات الإدارية، وشوارع أخرى من أجل المحلّات التجارية.
  • توسّع مركز المدينة بشكل بطيء، لكن على حساب المناطق المُجاورة، بحيث يكون التوسع الأُفقي صغير والرأسي كبير.


تحديد مركز المدينة

تختلف طريقة تحديد مركز المدينة نتيجة من لوجود عدد من العوامل التي تؤثّر على ذلك، سواء كانت تلك العوامل بيئية، أم إقتصادية، أم اجتماعية، أم طبيعية، حيث إنّ عملية تحديد مركز المدينة ليست بالأمر السهل، إلا أنّ هناك بعض العناصر التي تساعد على تحديد تلك المنطقة، وهي كما يلي:[٤]

  • العناصر الفيزيائية:
    • الشوارع في مركز المدينة أعرض من شوارع الضواحي، ومكتظة بحركة المُشاة وبالسيارات، ومحاطة بالعديد من الشوارع الرئيسية، مما يُسهّل الوصول للمناطق المجاورة.
    • مركز المدينة يتميز بوجود المباني المرتفعة، حيث تكون مباني هذه المنطقة أعلى بكثير من باقي مباني المدينة.
    • وجود حركة مرورية وتدفّق بالمواصلات.
    • استعمالات المباني في مركز المدينة تساعد على تحديد المنطقة عن طريق استخدام الخريطة التي تحدد استعمالات هذا الموقع عن طريق البحث الميداني.
  • السكّان: يحتوي المركز بالعادة على عدد قليل من المباني السكنيّة، وذلك بالمقارنة بالمباني التجارية والعامة، بسبب ارتفاع سعر الأراضي في تلك المنطقة، حيث تكون المناطق السكنية مرتكِزة في الحدود الخارجية في تلك المنطقة.
  • نوع الوظائف: تساعد معرفة عدد الموظفين في المؤسسات، والمكاتب، ومراكز بيع التجزئة الجزئية على تحديد منطقة مركز المدينة، ومن ثمّ توضع المعلومات وتُفرّغ على الخريطة.
  • حركة المتسوقين: تتميز منطقة مركز المدينة بأنها مكتظّة يومياً بالمتسوقين، حيث تساعد معرفة أعداد الأشخاص المتسوقين على معرفة هذه المنطقة.


المراجع

  1. ^ أ ب أ.هادفي سمية (ديسمبر/2014)، "سوسيولوجيا المدينة وأنماط التنظيم الاجتماعي الحضري "، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 17، صفحة 170-173. بتصرّف.
  2. أ.مصطفى مدوكي (2013-2014)، مفاهيم عامة حول المدينة، بسكرة- الجزائر: جامعة محمد خيضر-بسكرة-، صفحة 2. بتصرّف.
  3. م.سمر محمد أبو غالي (2013)، استراتيجيات التطوير الحضري لمراكز المدن، غزة-فلسطين: الجامعة الإسلامية، صفحة 12. بتصرّف.
  4. ^ أ ب ت م.سمر محمد أبو غالي (2013)، استراتيجيات التطوير الحضري لمراكز المدن، غزة-فلسطين: الجامعة الإسلامية، صفحة 22-33. بتصرّف.
3,685 مشاهدة