حياة موسى عله السلام
عاش رسول الله موسى الكليم عليه السلام حياته متنقلاً بين مناطق الأرض، فابتدأ حياته وهو في مصر، فعاش، وتربّى، وكبر، ثمّ انتقل إلى بلاد الشام، وتحديداً القسم الجنوبيّ منها، ثم عاد بعد ذلك إلى مصر، ثمّ خرج منها مع قومه ليعود مرة أخرى إلى بلاد الشام، ويقضي ما تبقى من حياته الكريمة متنقلاً في هذه الأرض.
أرسل الله تعالى مع موسى أخيه هارون، حتى يكون مصدقاً له، نبياً كريماً عظيماً، وكان إرسال هارون مع موسى بناءً على طلب طلبه موسى من ربه عز وجل، فهارون بحسب ما أورده القرآن الكريم على لسان موسى أفصح لساناً من موسى عليه السلام، وقال تعالى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)، وهكذا انطلق الأخوان الكريمان مع بعضهما يشد الواحد منهما من عضد أخيه في رحلة طويلة سجلتها الكتب السماوية وحفظها الأجيال جيلاً بعد جيل، وقد عانى النبيان الكريمان في حياتهما خلال دعوتهما الصادقة الربانية، سواء مع فرعون وقومه في الجزء الأول من الحكاية، أو مع بني إسرائيل في الجزء الثاني منها أي بعد الخروج من مصر، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على مدى الصبر، والجلد، وقوّة الإرادة لدى هذين النبيين الكريمين العظيمين.
وفاة موسى عليه السلام ومكان دفنه
اقتربت ساعة الموت لكلّ من النبيين الكريمين، فمات هارون قبل موسى عليه السلام، ويقال أنّ هارون وموسى ذهبا إلى الجبل المعروف باسم جبل هور قبل أن يتوفّى النبي الكريم هارون عليه السلام، وعندما وصلا إليه توفي هارون، ودفن على ذلك الجبل، وبعد فترة من الزمن اقترب أجل موسى، عندها أمره رب العزة بالذهاب إلى جبل نيبو الواقع في الجنوب من بلاد الشام، الأردن حالياً قرب مدينة مأدبا إلى الجنوب من عمَّان العاصمة، وقد أمره االله تعالى بالذهاب إلى ذلك الجبل حتى ينظر إلى الأرض المقدسة، ويقال أنّ موسى وافاه الأجل على ذلك الجبل ودفن هناك، في المكان الذي يعرف لدى أتباع الديانة الإسلامية باسم الكثيب الأحمر. فقد ورد عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أنّه قال في حديث شريف: ( فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ ، لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ (أي موسى) إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ ، تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ)، وقد ورد اسم الكثيب الأحمر في نصوص حديثية أخرى.
لجبل نيبو في الأردن قدسية عالية ومكانة رفيعة لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث، فقد ورد اسمه في التوراة، وقد تأكّد المختصّون من أنّ الكثيب الأحمر هو نفس جبل نيبو من خلال مقارنة النصوص مع بعضها البعض، ويشار إلى أنّ البعض كان قد ذهب إلى أن القبر ليس في هذه المنطقة بل في مناطق أخرى.