محتويات
حمّى الضنك
حمّى الضنك عبارة عن مرض فيروسي، ينتقل إلى الإنسان عن طريق لدغ البعوض، وتعتبر هذه الحمى من أكثر الأمراض الفيروسية التي تتنقل بهذه الطريقة، ويكون مصدر هذه الحمى، بتواجد هذا الفايروس في شخصاً ما، ثم ينتقل الفايروس إلى شخصاً آخر عن طريق لدغة البعوضة، فالحشرة هي الوسط الناقل لهذا المرض، وتنتشر هذه الحمى في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
يعتبر الفايروس المسبب لهذه الحمى من الفايروسات المصفرة، مثل الفايروسات المسبة لمرض النيل الغربي، والتهاب الدماغ الياباني، وداء الصفراء، وغيرها من الأمراض المختلفة، ولفايروس حمّى الضنك أربع أنواع، ويتم ترتيبها من 1 إلى 4، ويختلف المكان الجغرافي التي تواجد فيه، لكن مع دخولنا في هذا العصر المتطور، وكثرة السياحة أنقلت هذه الأنواع في الكثير من مناطق العالم، ومن أكثر المناطق التي ينتشر فيها مرض حمّى الضنك مناطق جنوب شرق آسيا، وكذلك في جنوب أمريكا الجنوبية وفي وسطها، ومؤخراً انتقلت حمّى الضنك إلى جنوب الولايات المتحدة.
طرق انتقال حمّى الضنك
كما أسلفنا سابقاً ينتقل مرض حمّى الضنك إلى شخصاً ما عن طريق لدغة بعوضة من جنس الزاعج، وتكون محملة بالفايروس، وتكتسب هذه الفايروسات عن طريق قيامها بامتصاص دم أحد الأشخاص الحامل للفايروس، وتستمر فترة حضانة الفايروس من 8 إلى 10 أيام، وبعدها يصبح نشطاً في جسم الشخص العائل لهذا الفايروس، وقد تنتقل الفايروسات إلى نسل البعوض عن طريق المبيض، حيث تبقى الفايروسات في نسل البعوض، وهنا يتّضح دور هذه العملية بـأن الفايروس ينتقل بوسط ناقل، هذا الوسط عبارة عن حشرة البعوض، تنتقل إلى العائل ليبقى الفايروس يسري في دمه.
يعتبر الإنسان العنصر الرئيسي الحامل للفايروس والمسؤول عن تكاثره، حيث يمثل دور المنبعث أو المصدر للفايروسات لحشرات البعوض التي لا تحمله، ويبقى الفايروس في دماء المصابين به لفترة أكثر من أسبوع، وهذا أهم ما يميّز فايروس حمّى الضنك، ومن ثم تبدأ أعراض الحمى بالظهور عليهم بعد 7-8 أيام من تواجد الفايروس، لذا تعتبر هذه الفترة جيدة بالنسبة لحشرات البعوض لكي تنقل العدوى، وبعض البحوث الطبية تبين أن النسانيس لها دور مماثل لحشرة البعوض في نقل فايروس حمّى الضنك.
خصائص حمّى الضنك
حمّى الضنك تشبه مرض الأنفلونزا، حيث تصيب الأطفال والكبار، ومن النادر أن يؤدي إلى الوفاة، وتختلف خصائص داء حمّى الضنك تبعاً لعمر المصاب بها، وهناك ثلاث أنواع من حمّى الضنك:
- الحمى الخفيفة: تظهر بشكلٍ مفاجئ، وتتسبب في حمى شديدة، وصداع حاد، والشعور بألم وخاصة وراء العينين، والمفاصل، وينتشر الطفح على جلد الشخص المصاب.
- الحمى النزيفية: فهي عبارة عن حمى مضاعفة، قد تسبب في حدوث وفاة، ومن سماتها: أنها حمى شديدة جداً، يصاب الكبد بالتضخم عند الكثير من المصابين، وتصاحب الحمى في الغالب ارتفاع شديد لدرجة الحرارة، والكثير من الأعراض المشابهة لأعراض الأنفلونزا المعروفة، وتستمر هذه الحمى في العادة من يومين إلى سبعة أيام، وقد تصل درجة الحرارة 41 درجة مئوية، مع إمكانية ظهور الاختلاجات.
- الحالات العادية: تقل جميع الأعراض التي تظهر في الحمى النزيفية والخفيفة، وبالعكس تماماً مع الحالات الحرجة، فتنخفض درجات الحرارى وتقترب إلى المعدل الطبيعي، وهناك الحالات التي تنخفض درجة حرارتها مع قصور دوراني، والذي قد يؤدي إلى حدوث صدمة مزمنة للمريض، قد تؤدي إلى وفاةٍ بشكلٍ سريعٍ في غضون 12-24 ساعة ، أو قد يُشفى المريض بعد أن يتناول العلاج الملائم لحالته.
علاج حمّى الضنك
يخبرنا الطب بعدم وجود علاج معين لحمّى الضنك، لكن الخدمات المقدمة من المجتمع الطبي أصحاب الخبرات العالية والمهارة الفذة، قد خفضت معدل الوفيات بشكل كبير من نسبة 20% إلى أقل من 1%، ومن أهم الطرق العلاجية الموجهة لمصابين حمّى الضنك النزيفية هي المحافظة على حجم الدماء التي تسري في أجسامهم.
ليس هنالك لقاحات المكافحة لحمّى الضنك؛ لأن خلق لقاح يكافح حمّى الضنك يعتبر من الأمور الصعبة؛ لأن أي نوع من أنواع فايروسات حمّى الضنك الأربعة قادرة على إحداث مرض الضنك هذا، لذا فأن أي تصنيع لقاحي يجب أن يكون رباعي الكفؤ لهذا الفايروسات، وكذلك فإن انعدام النماذج الحيوانية الملائمة، وقلة المعلومات المتوفرة عن دقائق هذا المرض، واستجابة الأنواع المناعية المُكلفة للحماية، كل ذلك يزيد من صعوبة تخليق لقاح فعال يقضي على فايروس حمّى الضنك، ولكن الطب الحديث في هذا المجال يحدث تقدماً ملموساً، حيث تعمل الكثير من البحوث على استحداث لقاح يكافح جميع أنواع فايروس حمّى الضنك، وقد تم بالفعل تقديم لقاحين في أكثر البلدان التي تعاني من هذا المرض، وكذلك هناك لقاحات أخرى وهي في مرحلة الاستحداث الأولي، وتقدم منظمة الصحة العالمية الدعم اللازم لتحفيز والمساعدة في توفير وتجهيز هذه اللقاحات، من خلال توفير ما يلزم من تقنيات وتوجيهات ونصائح، مثل: قياس المناعة وقوة هذه اللقاحات، وإجراء الاختبارات في الأماكن التي يسكن بها هذا الفايروس.
الوقاية من حمّى الضنك
- الوسيلة الوحيدة لمكافحة فايروس حمّى الضنك أو الوقاية منه تتمثل في مكافحة البعوض الناقل لهذا الفايروس، وتتكاثر حشرات البعوض الزعاجة في بلدان جنوب شرق أسيا، والأمريكيتين، حيث تتواجد هذه الحشرات في الحاويات الصناعية، والأوعية، البراميل الصناعية، صهاريج الإسمنت، وكذلك الأكياس البلاستيكية التي تحتوي على بقايا الطعام والفضلات الغذائية، وأطر العجلات، والكثير من الأشياء التي تحتفظ ببقايا مياه المطر، ويتكاثر هذا النوع من البعوض في أفريقيا وبشكلٍ كبيرٍ أيضاً، ويتواجد في الموائع، مثل: الأشجار، والنباتات والفروع المتداخلة والمتشكلة على هيئة أكواب تتجمع فيها المياه، ويتم مكافحة هذه النواقل من خلال الأساليب البيئية المتنوعة، وكذلك الأساليب الكيميائية.
- التخلص من النفايات الصلبة بشكل مناسبة، وتحسين الطرق المتبعة في تخزين المياه، والقيام بتغطية الحاويات حتى لا يقوم البعوض بوضع بيضه فيها.
- المكافحة المنزلية للبعوض، عن طريق رش المبيدات الحشرية داخل الأواني المختلفة، كأواني تخزين المياه وغيرها، حيث تساعد هذه الطريقة في الوقاية من هذه الحشرات لعدة أسابيع.
- آكلات البعوض كالأسماك الصغيرة، ومجاديف الأرجل، حيث تعتبر هذه الطريقة جيدة في مكافحة هذه الحشرات.
- تستعمل الحكومات والهيئات الخاصة أساليب رش المُبيدات المكافحة للبعوض الناقل للفايروس حمّى الضنك، على نطاق واسع، يشمل استخدام آلات ومعدات ضخمة تقوم بإطلاق هذه المبيدات في المناطق التي يتوطن فيها البعض بشكلٍ كبير، من خلال الشاحنات والطائرات، لكن تأثير هذه الطريقة مؤقتة ومتباينة لأن القطرات المستخدمة في هذه العملية لا تستطيع دخول المباني والموائع الصغيرة التي تحتوي على البعوض البالغ، وكذلك فإنّ هذه الأساليب تعتبر من الطرق المكلفة من الناحية المادية، وكذلك صعبة التنفيذ، فلا بدّ من مشاهدة تأثر نواقل الفايروس بالمبيدات الحشرية المستعملة في المكافحة، وإلى جانب هذه الجهود يجب على الجهات المعنية ترصد هذا الحشرات الناقلة عن طريق رصد سرب البعوض المتنقلة من مكانٍ إلى مكان، وذلك بغرض التعرف على أماكن الاحتواء، وكذلك رصد فاعلية البرامج المكافحة المُطبقة عليها.