تأسيس الدولة الإسلامية
ظلّ النّبي عليه الصّلاة والسّلام والمسلمون في مكّة المكرّمة يدعون إلى دين الله تعالى والإيمان برسالة التّوحيد ثلاثة عشر عامًا قدموا فيها التّضحيات الجسام في سبيل الدّعوة ورضى الله سبحانه وتعالى، وقد كان عزاء النّبي ومن آمن معه أنّه سوف يأتي يومٌ يعزّ فيه الإسلام وينتصر ويسود في الأرض، وقد كانت أوّل تباشير النّصر والتّمكين للمسلمين يوم أسّسوا دولتهم الأولى في المدينة المنوّرة لتكون مقدّمة للفتوحات الإسلاميّة والإنجازات الكبيرة للمسلمين، فكيف كان تأسيس الدّولة الإسلاميّة ؟ ومتى تأسست ؟
بداية تأسيسها
بينما كان النّبي عليه الصّلاة والسّلام في مكّة المكرّمة يلتقي بالقبائل العربيّة الّتي كانت تأتي إلى مكّة المكرّمة لأداء مناسك الحجّ، بايع وجهاء يثرب في بيعتين سمّيتا ببيعة العقبة الأولى والثّانية، وعندما جاء الأمر الإلهي للنّبي والمسلمين في الهجرة إلى المدينة المنوّرة خرج النّبي الكريم منها مصطحبًا معه الصّحابي الجليل أبو بكر الصّديق رضي الله عنه بعد أن خلّف علي رضي الله عنه في فراشه حتّى يضلّل كفّار قريش.
ظلّ النّبي الكريم مع صاحبه عدّة أيام في هذه الرّحلة، حيث كانا يختبآن في غار ثور خشية أن يدركهم الكفّار، وقد وصل النّبي وأبو بكر إلى أطراف المدينة المنوّرة وتحديدًا في منطقة تسمّى قباء حيث بنى فيها مسجدًا وصلّى فيه، ثمّ ارتحل شطر المدينة المنورة ودخلها بعد ثلاثة عشر عاماً من البعثة الشّريفة في سنة 622 للميلاد، وفي هذه السّنة تأسّست الدّولة الإسلاميّة الأولى بقيادة النّبي عليه الصّلاة والسّلام.
أسس بنائها
كانت الدّولة الإسلاميّة الأولى مثالًا للتمدّن والحضارة والرّقي، حيث أُسّست على التّقوى من أوّل يومٍ حينما بنى النّبي الكريم فيها المسجد ليكون مكاناً لصلاة المسلمين بل مكانًا لاتخاذ القرارات المصيريّة للأمّة وتربية الأجيال الجديدة التي ستحمل على عاتقها مسؤوليّة نشر رسالة الإسلام إلى كافة ربوع المعمورة.
كان من جملة الأمور والمهام الّتي قام بها النّبي الكريم أن نظّم علاقات المسلمين مع بعضهم البعض من خلال إعادة اللّحمة إلى سكان المدينة الأصّليّين من الأوس والخزرج، حيث كانت بينهم في السابق حروبٌ وفتن. كما آخى النبي بين المهاجرين والأنصار في صورة غاية في المثاليّة وكمال الأخلاق.
نظّم النّبي الكريم العلاقات بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الدّيانات الأخرى كاليهود، حيث عقد معاهدة بينهم قامت على أسس العدالة وضمان الحقوق، وعدم الغدر أو التحالف ضد المسلمين.
بعد الدّولة الإسلاميّة الأولى أتت دولة الخلافة الإسلاميّة الأولى فكان أوّل خليفة للمسلمين بعد رسول الله الصّحابي الجليل أبا بكر الصّديق رضي الله عنه.