أحبك الله الذي أحببتني فيه

كتابة - آخر تحديث: ٣:١٧ ، ١٠ أغسطس ٢٠٢٠
أحبك الله الذي أحببتني فيه

الحبّ في الله

تُعَدّ المَحبّة في الله من أصدق العلاقات، وأكثرها دواماً، وأقواها رابطةً؛ إذ إنّها تبدأ في الدُّنيا، وتستمرّ في الآخرة، فهي خالصةٌ لله -تعالى- لا تشوبها شائبةٌ؛ من مَنفعةٍ، أو مَصلحةٍ دُنيويّةٍ؛ لأنّ أساسها قائمٌ على طاعة الله، وعلى دِينِه، وهي علاقةٌ طريقها كلّه خيرٌ قائمٌ على التناصُح، والمَودّة، والمُواساة، أي أنّها علاقةٌ لله، وفي الله، قائمةٌ على الصدق والإخلاص، ولها أثرٌ في سُمُوّ أخلاق المسلم، وهي سببٌ في صَرْف سُوء الظنّ، فلا يحمل المسلم أفعال أخيه المسلم وأقواله على شرٍّ إن استطاع صَرْفها إلى معنىً فيه خيرٌ.[١][٢]


أحبّكَ الذي أحببتَني فيه

أرشد الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى أهمّية التزام عدّة آدابٍ؛ لتحقيق المَحبّة في الله، وفيما يأتي ذِكْر تلك الآداب:[٣]

  • يُستحَبّ لِمَن أحبّ شخصاً أن يُخبرَه أنّه يُحبّه في الله؛ لِما ورد عن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إذا أحبَّ الرجلُ أخاه فلْيخبره أنه يحبُّه).[٤]
  • يُستحَبّ الردّ على مَن أظهر مَحبّته في الله بقَوْل: "أحبّك الذي أحبَبْتني فيه"؛ لِما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (أنَّ رَجُلًا كان عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فمرَّ به رَجُلٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إنِّي لأُحِبُّ هذا، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أعلَمتَه؟ قال: لا، قال: أَعلِمْه، قال: فلَحِقَه، فقال: إنِّي أُحِبُّك في اللهِ، فقال: أحَبَّك الذي أحبَبْتَني له).[٥][٦]


ثمرات الحبّ في الله

تترتّب العديد من الثمرات، والآثار الدينيّة، والدُّنيوية على المَحبّة في الله، وفيما يأتي بيان البعض منها:[٧]

  • توريث مَحبّة الله؛ فقد قال الرسول -عليه الصلاة والسلام- فيما يرويه عن ربّه -عزّ وجلّ-: (حَقَّتْ مَحَبَّتِي على المتحابِّينَ، أُظِلُّهُم فِي ظِلِّ العرشِ يومَ القيامَةِ يومَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي).[٨][٩]
  • التأثير في المُتحابّين تأثيراً إيجابيّاً؛ إذ يسعى كلٌّ منهم إلى الاقتداء بالآخر، والمنافسة في طاعة الله -سُبحانه تعالى-، وغير ذلك من الخِصال الحَسَنة.[١٠]
  • تحقيق الشعور بحلاوة الايمان؛ إذ أخرجَ الإمام البخاريّ في صحيحه أنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (ثَلَاثٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ حَلَاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكونَ اللَّهُ ورَسولُهُ أحَبَّ إلَيْهِ ممَّا سِوَاهُمَا، وأَنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلَّا لِلَّهِ، وأَنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ)،[١١] وبذلك يستشعر المُتحابّون في الله لَذّةَ العبادة، فيتحمّلون المَشاقّ؛ تحقيقاً لنَيْل رضا الله، ورسوله.[١٢]
  • ترتّثب الأجر العظيم؛ فقد وصف االله -تعالى- أهلَ الجنّة بأنّهم إخوةٌ في الله تصفو قلوبهم من الغلّ بمُجرَّد دخولهم الجنّة؛ لقَوْله -تعالى-: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)؛[١٣] ممّا يدلّ على فَضْل الأخوّة في الله، وبيان أجرها العظيم.[١٤]
  • عُلوّ درجات المُتحابّين في الله؛ فهم من السبعة الذين يُظلّهم الله -تعالى- في ظِلّه، على مَنابر من نورٍ، يُحشَرون معاً كما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ في ظِلِّهِ، يَومَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: رَجُلَانِ تَحَابَّا في اللَّهِ).[١٥][١٦][١٧]


المراجع

  1. عبدالملك بن محمد القاسم، رفقاء طريق ، دار القاسم، صفحة 37-38. بتصرّف.
  2. محمد بن حسين بن يعقوب، الأنس بذكر الله - أدعية الحب في الله، مصر: دار التقوى، صفحة 247، جزء 1. بتصرّف.
  3. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة - من آداب الصداقة، صفحة 16، جزء 255. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن المقدام بن معدي كرب، الصفحة أو الرقم: 5124، صحيح.
  5. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5125، صحيح.
  6. محمد بن عمر بن أحمد السفيري (2004)، المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية صلى الله عليه وسلم من صحيح الإمام البخاري (الطبعة الأولى)، بيروت-لبنان: دار الكتب العلمية، صفحة 396، جزء 1. بتصرّف.
  7. عبد الملك بن محمد القاسم، كتاب رفقاء طريق - المحبة في الله، دار القاسم، صفحة 5. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 4320، صحيح.
  9. سمية السيد عثمان، أوقات مليئة بالحسنات مع النية الصالحة، صفحة 31، جزء 1. بتصرّف.
  10. محمد المختار الشنقيطي، دروس للشيخ محمد المختار الشنقيطي، صفحة 14، جزء 27. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 16، صحيح.
  12. محمد بن حسين بن يعقوب، الأخوة أيها الإخوة، القاهرة: المكتبة الإسلامية، صفحة 47.
  13. سورة الحجر، آية: 47.
  14. محمد المنجد، دروس للشيخ محمد المنجد-[الأخوة والمحبة من سبل النجاة]، صفحة 4، جزء 70. بتصرّف.
  15. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6806، صحيح.
  16. عبدالله حماد الرسي، دروس للشيخ عبد الله حماد الرسي - الحب في الله سبب للمغفرة، صفحة 1، جزء 146. بتصرّف.
  17. ابن قدامة المقدسي (1991)، المتحابين في الله، دمشق: دار الطباع، صفحة 41. بتصرّف.
2,108 مشاهدة