محتويات
الحكمة من التكبير في صلاة العيد
التكبير لغة هو التعظيم، وقوله -تعالى-: (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ)،[١] أي تعظيمه وقول: "الله أكبر"،[٢] ولِكون التوقيف* هو الأصل في العبادات يتحتّم على المسلم اتّباع أوامر الله -تعالى- ورسوله الكريم -صلى الله عليه وسلّم- سواء استطاع أن يُدرك الحكمة في ذلك أم لا، لاسيّما فيما يتعلّق بكيفية الصلاة لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)،[٣] أو كيفية الحج لقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خُذُوا عَنِّي مناسكَكم)،[٤] أو فيما يتعلّق بأحكام الصيام وغيرها من العبادات التي لا مجال للعقل فيها، قال -تعالى-: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)،[٥] لذا فإنّ التكبير الذي شرعه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في صلاة العيدَين هو أمرٌ تعبّدي ليس للمسلم فيه إلّا التسليم والطاعة.[٦]
عدد تكبيرات صلاة عيد الأضحى
اختلف الفقهاء في عدد تكبيرات صلاة عيد الأضحى على ثلاثة أقوال، وهي كالآتي:
- الحنفية: قالوا إنّ عدد تكبيرات صلاة العيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات يؤديّها المصلي بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح،[٧] ويرفع يديه عند كل تكبيرة سواء كان إماماً أو مأموماً ويُستحَبّ أن يقرأ بعد الفاتحة بسورة الأعلى،[٨] أمّا في الركعة الثانية فيؤديها كما الأولى إذ يأتي بتكبيرات ثلاث لكنّها تكون بعد القراءة،[٧] ويستحبّ له أن يقرأ بعد الفاتحة بسورة الغاشية،[٨] وبالتالي فإنّ عدد التكبيرات الزوائد في كلا الركعتين ستّ تكبيرات.[٧]
- الشافعية: قالوا إنّ عدد تكبيرات صلاة العيد في الركعة الأولى هي سبع تكبيرات يُؤديها المصلي بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الإستفتاح، رافعاً يديه إلى محاذاة كتفيه عند كل تكبيرة، ويفصل بين كل تكبيرة وأخرى زمناً يسيراً كزمن قراءة آية معتدلة، ويُسَنّ له أن يقول في زمن الفصل: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر"، ثم يتعوّذ ويقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن الكريم، ويؤدّي الركعة الثانية كما يؤدّي الركعة الأولى إلّا أنّه يكبّر خمس تكبيرات سوى تكبيرة الانتقال قبل البدء بالقراءة.[٩]
- المالكية والحنابلة: قالوا إنّ عدد تكبيرات صلاة العيد في الركعة الأولى ستة، يؤدّيها المصلّي بعد تكبيرة الإحرام ودعاء الاستفتاح وقبل القراءة، ويؤدّي الركعة الثانية كما الأولى لكنّه يكبر خمس تكبيرات عدا تكبيرة القيام من السجود،[١٠][١١][١٢] وذلك لما رواه أبو داوود عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يُكَبِّرُ في الفطرِ والأضحى في الأولى سبعَ تكبيراتٍ وفي الثانيةِ خمسًا)،[١٣][١٠] وتعتبر كل تكبيرة سنة،[١٢] ويرفع المصلي يديه مع كل واحدة منها قائلاً: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلوات الله على محمد النبي وآله وسلّم تسليماً كثيرا".[١١]
حكم من نسيَ تكبيرات صلاة العيد
اختلف الفقهاء في حكم مَن نسي تكبيرات صلاة العيد على ثلاثة أقوال، وهي كما يأتي:
- الحنفيّة: بيّنوا أنّ نسيان الإمام لتكبيرات صلاة العيد وتذكّره إيّاها في حال القيام لا يمنع من الإتيان بها، كما أنّ المسبوق إن أدرك الإمام في الركوع من صلاة العيد فإنّه يكبّر للصلاة ويأتي بالتكبيرات حال ركوعه،[١٤] أمّا من نسي التكبيرات ولم يأتِ بها فإنّه يسجد للسهو.[١٥]
- المالكيّة: بيّنوا أنّ مَن نسي تكبيرات صلاة العيد كلّها أو بعضها إماماً أو مأموماً وابتدأ في القراءة؛ فتذكرها أثناء أو بعد ذلك فإنّه يأتي بها ما لم يركع ويعيد القراءة استحباباً لأنّه يندب الافتتاح بالتكبير،[١٦][١٢] وليس عليه رفع يديه مع كلّ تكبيرة سوى تكبيرة الإحرام بحيث يكون التكبير متوالياً لا فصل فيه، إلّا أنّ الإمام يفصل ساكتاً بقدر تكبيرة المأموم،[١٦] ولأنّه زاد في القراءة فإنّه يسجد للسهو بعد السلام، وإن تذكّر المصلّي التكبيرات بعد ركوعه فلا يرجع للإتيان بها؛ فإن فعل ذلك بطلت صلاته، كما ويسجد للسهو في حال أنقص عدد التكبيرات ويسجد له قبل السلام، إلّا في حال كونه مأموماً فلا يسجد لأنّ إمامه يتحّمل النقص عنه، وإذا لم يسمع المأموم تكبير الإمام فإنّه يتتبّع تكبيره ويكبّر.[١٢]
أمّا المسبوق فإن أدرك الإمام بالتكبير يكبّر معه ما بقي منه ولا يكمل ما فاته إلّا بعد فراغ الإمام من التكبير، فإن أدركه حال كونه يقرأ وعلم أيّ الركعتَين يصلّي يُسنّ له أن يأتي بستِّ تكبيراتٍ إن كانت الركعة الاولى، وخمساً إن كانت الركعة الثانية، وذلك من غير تكبيرة الإحرام، وإن لم يعلم أيّ الركعتَين يصلّي فإنّه يكبر ستاً عدا تكبيرة الإحرام، وإن تبيّن له أنّها الركعة الثانية، فإنّه يقوم ليقضي الركعة الأولى بعد تسليم الإمام بحيث يكبّر فيها ستاً عدا تكبيرة القيام.[١٢]
- الشافعيّة والحنابلة: بيّنوا أنّ مَن نسي تكبيرات صلاة العيد وبدأ في القراءة لا يعود إليها لأنّها سنّة وقد فات محلّها بالقراءة، وصلاته صحيحة،[٩][١٧][١٨] وكذلك المسبوق بالتكبير كلّه أو بعضه فلا يقضي منه شيئاً، أمّا المسبوق الذي أدرك إمامه في التشهّد فإنّه يقوم بعد تسليم الإمام ويصلي ركعتين يكبّر فيهما، وإن لم يدركه إلّا في الخطبة استمع لها وقضى الصلاة إن أحب ذلك بحيث تكون صفة قضائه وِفقاً لإحدى حالات ثلاث؛ أوّلها قضاء الصلاة على صفتها كغيرها، وثانيها أن يصلّي أربع ركعات بتسليمة واحدة أو بتسليمتَين، وثالثها التخيير بين صلاة ركعتَين أو أربع؛ لأنّها تطوّع نهار كصلاة الضحى.[١٨]
الهامش
*التوقيف في العبادات: معنى ذلك أنّ الأمر في العبادات متوقّف على اذن الله -تعالى- في الأمر بالعبادة وتشريعها للعباد ليقوموا بها.[١٩]
المراجع
- ↑ سورة المدثر، آية: 3.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 206، جزء 13. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 6008 ، صحيح.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن جابر بن عبدالله ، الصفحة أو الرقم: 7882 ، صحيح.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
- ↑ "لماذا يكبر الإمام في صلاة العيد"، www.islamqa.info، 10-12-2002، اطّلع عليه بتاريخ 25-6-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب ت علاء الدين السمرقندي (1414هـ - 1994م)، تحفة الفقهاء (الطبعة الثانية)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 167. بتصرّف.
- ^ أ ب نجاح الحلبي، فقه العبادات على الفقه الحنفي، صفحة 115. بتصرّف.
- ^ أ ب مصطفى الخن، مصطفى البغا، علي الشربجي وآخرون (1413هـ - 1992م)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 223-224، جزء 1. بتصرّف.
- ^ أ ب أسامة سليمان، التعليق على العدة شرح العمدة، صفحة 8، جزء 23. بتصرّف.
- ^ أ ب أبو الخطاب الكلوذاني (1425هـ - 2004م)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (الطبعة الأولى)، الرياض: مؤسسة غراس، صفحة 113. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث ج كوكب عبيد (1406هـ - 1986م)، فقه العبادات على المذهب المالكي (الطبعة الأولى)، دمشق: مطبعة الإنشاء، صفحة 204. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داوود، في سنن أبي داوود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1149، صحيح.
- ↑ أحمد القدوري (1427هـ - 2006م)، التجريد (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار السلام، صفحة 984، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ أحمد القدوري (1427هـ - 2006م)، التجريد (الطبعة الثانية)، القاهرة: دار السلام، صفحة 712، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب محمد العربي، الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 137. بتصرّف.
- ↑ يحيى العمراني (1421هـ - 2000م)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 639، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب سعاد زرزور، فقه العبادات على المذهب الحنبلي، صفحة 222. بتصرّف.
- ↑ "الأصل في العبادات التوقيف والأصل في العادات الإباحة"، www.islamweb.net، 15-10-2009 ، اطّلع عليه بتاريخ 14-8-2020. بتصرّف.