الزواج
شرع الله الزّواج لما له من أهميّةٍ في استمرارية الحياة، وإعمار الأرض، وحفظ الجنس البشري من الفناء، فكان عند إقدام أيّ رجلٍ على الزواج أن يحرص على اختيار الزوجة الصالحة التي تتوافر فيها الشروط الإسلامية، والتي بيّنها لنا الرسول في الحديث الشريف، فعن أبي هريرة رَضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تُنْكحُ المرأةُ لأربعٍ: لمالِها، ولحسبِها، ولجمالِها، ولدينِها، فاظفر بذاتِ الدِّينِ تربت يداكَ)،[١] كما أنّ الزواج هام في إحصان الفرج وغض البصر وحفظ الدين والأخلاق، وفيه من الأجر الكبير والثواب العظيم بامتثال أوامر الله ورسوله، فكان على الرجل أن يحسن في اختياره رفيقة الدرب والنصف الآخر منه التي تصون نفسه وبيته في حال غيابه وحضوره، فالزواج يحقق المودة والأُلفة، والرفقة والصحبة بين الزوجين، ويتحقق بهذا الزواج النتاج الأجمل ألا وهو الذرية الصالحة بأمر من الله تعالى التي تعود على المجتمعات بالصلاح والاستقامة، وبالزواج تنشط العلاقات الاجتماعية وكما أنه يعود بالفوائد العديدة على الصحة والنفس والدين والمجتمعات.
مواصفات الزوجة الصالحة
تمتاز المرأة المسلمة بالصلاح إذا ما توفرت فيها العديد من الصفات التي تجعل منها زوجة صالحة تحفظ زوجها وبيتها وتقف على حدود ربها، فكان من هذه الصفات ما يأتي:[٢]
- أن تطيع الزوجة زوجها وتمتثل لأوامره فيما لا ينال سخط الله تعالى وغضبه، فبطاعتها تنال رضى الله تعالى، ورضى زوجها، حيث ورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (لا طاعةَ في المعصيةِ، إنما الطاعةُ في المعروفِ)،[٣] وعن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا طاعَةَ لمخلوقٍ في مَعصيةِ الخالقِ).[٤]
- ألّا تخرج الزوجة من بيتها إلا بموافقة زوجها ورضاه، وكذلك لا تخرج للعمل إلا بإذن منه، وليس لها أن تخرج من بيتها وهي متبرجة، كأن ترتدي ما يخل باللباس والحجاب الشرعي، فهذا ما نهى عنه الشرع، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شهِدتْ إحداكن المسجدَ فلا تمسَّ طِيبًا).[٥]
- أن تتجمل الزوجة لزوجها بأجمل الثياب والحِليّ، وتتطيب بأطيب العطور.
- ألّا تمتنع الزوجة عن زوجها إن طلبها في الفراش؛ فامتناعها يجلب غضب الله وسخطه عليها، وتلعنها الملائكة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ فأَبَتْ، فبات غضبانَ عليها لعنتها الملائكةُ حتى تُصبحَ)،[٦] وعدم تلبية الزوجة لطلب زوجها من الأسباب التي تهتك المودة والمحبة بين الزوجين، مما يؤدي إلى انهيار وتفكك الحياة الزوجية.
- أن تخاطب الزوجة زوجها بأجمل الكلمات وأرقها التي يحب سماعها، فتتقي الله في أفعالها وأقوالها وخدمتها لزوجها، ولا تجعل منه الند؛ فالله جعل القوامة بيد الرجال وزادهم عن النساء درجة.
- ألّا تكثر الزوجة الصالحة من الذم في زوجها والشكوى، ولا تسمح لأحد بالتدخل في حياتها الزوجية من الأقارب أو الجيران، وعلى الزوجة الصالحة أن تحذر من كفران العشير وكثرة اللعن، فهذا ما حذر منه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- النساء فقال: (يا معشرَ النِّساءِ تصَدَّقنَ فإني أُريتُكُنَّ أكثرَ أهلِ النارِ. فقُلْن: وبم يا رسولَ اللهِ؟ قال: تُكثِرنَ اللَّعنَ، وتَكفُرنَ العَشيرَ).[٧]
- أن تتقي الزوجة الله في طاعة زوجها وتلبية رغباته، وأن تربي أبناءها التربية الإسلامية المتزنة، وكما أنها تحفظ بيتها بوجود زوجها أو في غيابه، فهي مسؤولة عن هذا أمام الله تعالى، وليس للزوجة الصالحة أن تطالب زوجها بما ليس من طاقته أو مقدوره، فيلزم أن تتصف بالصبر على وضع زوجها إذا كان فقيراً، وأن لا تُحمّله فوق طاقته، وعليها أن تعينه على صلة الرحم وبر والديه.
- ألّا تفرح الزوجة الصالحة وزوجها حزين، ولا تحزن وهو فرح، وإنما عليها أن تكون الأمان لزوجها تفرح بفرحه وتحزن لحزنه، وأن تكون الزوجة الحكيمة السديدة التي توفر لزوجها سبل الراحة والأمان والاطمئنان؛ فتوفر له الفراش المريح وتخاطبه بالكلام الحسن، وتحسن اختيار الأسلوب المناسب والوقت المناسب لتناقش معه أسباب حزنه وضيقه، وتزيلها.
- أن تبتعد عن تحديد النسل من غير الضرورة، فقد جاء الغرب يدعو لتحديد النسل، والذي جاءت الشريعة الإسلامية بتحريمها، فعن أنس بن مالك رضي الله عنهما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (تزوجوا الودودَ الولودَ فإني مكاثرٌ بكم الأممَ يومَ القيامةِ).[٨]
- أن تكون مُحبّةً لزوجها؛ فقد أوجد الله تعالى بين الزوجين المحبة بشكل فطري، قال تعالى: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)،[٩] فالحبّ أساس استمرار العلاقة الزوجية ونجاحها.
تعريف الزواج
جاء الزواج بتعريفات عديدة منها التعريف بالمعنى اللغوي والفقهي، وبيان ذلك فيما يأتي:
- تعريف الزواج لغةً: الزوج هو خلاف الفرد، والزواج هو اقتران أحد الشيئين بالآخر وازدواجهما، حيث يصبح الواحد اثنين، أي أصبح كل منهما زوجاً للآخر، ويقال هما زوجان للاثنين وهما زوج، وقيل ذكر وأنثى.[١٠]
- الزواج عند الفقهاء: الزواج هو العَقد الذي يُعطي الحق لزوجين باستمتاع أحدهما بالآخر، وهو ما يعرف أيضاً بالنكاح، وقد بين العلامة محمد بن صالح العثيمين معنى الزواج فقال: (إن الزواج هو العقد الذي يكون بين الرجل والمرأة ويراد به الاستمتاع وبناء الأسرة المسلمة، ولا يكون القصد منه فقط الاستمتاع، وإنما أريد من الزواج أيضاً تكوين المجتمعات السليمة والأسرة الصالحة، وربما يغلب أحد القصدين على الآخر باختلاف أحول الشخص واعتباراته).[١١]
حكم الزواج
يختلف حكم الزواج وفقاً لاختلاف الشخص، فإما أن يأخذ الزواج حكم الوجوب أو الاستحباب وإما أن يأخذ حكم الكراهية أو التحريم، ويكون الزواج واجباً على من يخاف على نفسه الضرر، وعدم الاستطاعة على حفظ نفسه ودينه في ظل الفتن التي تموج في المجتمعات، فكان الزواج في حقه واجباً لدفع الضرر عن نفسه، كما أن الزواج يقترن بالقدرة الجنسية والمالية، فمن استطاعها وأراد حفظ نفسه من الوقوع في الحرام وجب عليه الزواج، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا معشرَ الشبابِ، مَن استطاع منكم الباءةَ فلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصومِ فإنه له وجاءٌ)،[١٢] وأما من وجد في نفسه المقدرة على عدم الوقوع في الحرام وهو قادر على الزواج، وأمن على نفسه من الضرر، كان الزواج في حقه مستحباً، ويكره لمن لم يكن له عذر في العزوب عن الزواج، وذلك لحديث أنس بن مالك، رضي الله عنهما قال: (جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوتِ أزواجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسأَلون عن عبادةِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فلمَّا أُخبِروا كأنَّهم تقالُّوها فقالوا: وأينَ نحنُ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد غُفِر له ما تقدَّم مِن ذنبِه وما تأخَّر؟! قال أحدُهم: أمَّا أنا فإنِّي أُصلِّي اللَّيلَ أبدًا وقال الآخَرُ: أنا أصومُ الدَّهرَ ولا أُفطِرُ وقال الآخَرُ: أنا أعتزِلُ النِّساءَ ولا أتزوَّجُ أبدًا فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: أنتم الَّذي قُلْتُم كذا وكذا؟ أمَا واللهِ إنِّي لأخشاكم للهِ وأتقاكم له لكنِّي أصومُ وأُفطِرُ وأُصلِّي وأرقُدُ وأتزوَّجُ النِّساءَ فمَن رغِب عن سنَّتي فليس منِّي)،[١٣] ويأخذ الزواج حكم الكراهية إن كان الزوج خائفاً من ظلم زوجته أو منعها من حقوقها، ويكون محرماً عندما يكون المسلم في دار كفر فيها حرب، بحيث لا يأمن على زوجته وأبنائه من الخطر إن وقعوا في أيديهم.[١١][١٤]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1466، صحيح.
- ↑ الشيخ أسامة بدوي (2018-9-23)، "أخلاق الزوجة وواجباتها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-2. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم: 7257، صحيح.
- ↑ رواه السيوطي، في الجامع الصغير، عن عمران بن الحصين و الحكم بن عمرو الغفاري، الصفحة أو الرقم: 9884، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 443، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3237، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 304 ، صحيح.
- ↑ رواه ابن حبان، في المقاصد الحسنة، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 198، صحيح.
- ↑ سورة الروم، آية: 21.
- ↑ "تعريف و معنى الزواج"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.
- ^ أ ب الشيخ مهنا نعيم نجم (2015-3-21)، "تعريف الزواج وحكمه"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5065 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5063، صحيح.
- ↑ الشيخ الدكتور عبد المجيد بن عبد العزيز الدهيشي (2012-1-24)، "حكم الزواج وأهميته"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-10-5. بتصرّف.