اية المنافق ثلاث
﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً﴾
هكذا ذكر الله تعالى في كتابه الكريم جزاء المنافقين وقد خصهم رسوله بالذكر في حديثه الشريف ، وقبل أن نتطرق للحديث لنعرف أولاً تعريف النفاق .
النِفاقُ داءٌ عُضالٌ باطن, ومعنى باطن: أنه قد يكون مستشريّاً في نفس المؤمن وهو لا يدري، فمن كانَ مطمئناً من هذا المرض ربما كانَ منافقاً، قد يمتلئُ منه الرجل وهو لا يشعر, فإنه أمرٌ خَفي على الناس, وكثيراً ما يخَفى على من تلبسَّ به, فيزعم أنه مصلح, وهو في الحقيقة مُفسد, أحدنا إذا كان يخاف على سلامة إيمانه، إذا كانَ يخاف على مكانته عِندَ ربه، إذا كانَ يخشى الله واليومَ الآخر، إذا كانَ يخشى أن يُحبطَ الله عمله، إذا كانَ يخشى أن يكونَ له صورة وله حقيقةٌ أخرى لا يرضاها الله عزّ وجل.
حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يُحَدِّثُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ : إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ " . وَتَابَعَ غُنْدَرًا عَلَى الْوَقْفِ : أَبُو عَوَانَةَ ، وَزُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَوْلَهُ .
وقد اختلف البعض في هذا الشأن , اهي ثلاث ,ام اربع ؟
فقد روي البخاري وصحح مسلم حديث اخر عن رسول الله صلي الله علي وسلم وهذا نصه :
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر.
وقد قال النووي في شرح مسلم: (وإن خاصم فجر) أي مال عن الحق وقال الباطل والكذب، قال أهل اللغة: وأصل الفجور الميل عن الحق. وعلى هذا فالفجور في الخصام هو الكذب فيه والميل عن الحق .
وفي كتاب رياض الصالحين جاء الحديث علي لسان ابي هريرة رضي الله عنه فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان متفق عليه
وقد حسم الإمام القرطبي الخلاف فقال : لَيْسَ بَيْن الْحَدِيثَيْنِ تَعَارُض ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَم مِنْ عَدّ الْخَصْلَة الْمَذْمُومَة الدَّالَّة عَلَى كَمَالِ النِّفَاق كَوْنهَا عَلَامَة عَلَى النِّفَاق ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُون الْعَلَامَات دَالَّات عَلَى أَصْل النِّفَاق ، وَالْخَصْلَة الزَّائِدَة إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى ذَلِكَ كَمُلَ بِهَا خُلُوص النِّفَاق . عَلَى أَنَّ فِي رِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق الْعَلَاء بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَا يَدُلّ عَلَى إِرَادَة عَدَم الْحَصْر ، فَإِنَّ لَفْظه " مِنْ عَلَامَة الْمُنَافِق ثَلَاث " وَكَذَا أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَط مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ ، وَإِذَا حُمِلَ اللَّفْظ الْأَوَّل عَلَى هَذَا لَمْ يَرِد السُّؤَال ، فَيَكُون قَدْ أَخْبَرَ بِبَعْضِ الْعَلَامَات فِي وَقْت ، وَبِبَعْضِهَا فِي وَقْت آخَر.
وقت وضع الإمام النووي شرحا للحديث فيه كتابه رياض الصالحين كما يلي :
الاولي: إذا حدث كذب" يقول مثلاً: فلأن فعل كذا وكذا، فإذا بحثت وجدته كذب، وهذا الشخص لم يفعل شيئاً فإذا رأيت الإنسان يكذب فاعمل أن في قلبه شعبة من النفاق
الثانيه: " إذا وعد أخلف" يعدك ولكن يخلف، يقول لك مثلاً: سآتي إليك في الساعة السابعة صباحاً ولكن لا يأتي، أو يقول : سآتي إليك غداً بعد صلاة الظهر ولكن لا يأتي .؟ يقول : أعطيك كذا وكذا ، ولا يعطيك، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا وعد أخلف "، والمؤمن إذا وعد وفى، كما قال الله تعالى (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا( (البقرة: 177(
لكن المنافق يعدك ويغرك ، فإذا وجدت الرجل يغدر كثيراً بما يعد، ولا يفي، فاعلم أن في قلبه شعبة من النفاق والعياذ بالله
الثالثة : " إذا اؤتمن خان" وهذا الشاهد من هذا الحديث للباب فالمنافق إذا ائتمنته على مال خانك، وإذا ائتمنته على سر بينك وبينه خانك ، وإذا ائتمنته على أهلك خانك، وإذا ائتمنته على بيع أو شراء خانك. كلما ائتمنته على شيء يخونك والعياذ بالله ، يدلّ ذلك على أن في قلبه شعبة من النفاق.
عفانا الله واياكم شر النفاق والمنافقون احباؤنا القراء.