ذكر الله تعالى
ذكرُ الله هو عبادته، وتعظيمه والثناء عليه، سواء كان باللسان، أو القلب، أو الفكر، أو الجوارح، فهو يشمل كل اتجاه نحو الله ـ سبحانه وتعالى -، سواء كان هذا الاتجاه في العبادات المعروفة كالصلاة، والصيام، وقراءة القرآن، أو بالمدح والثناء عليه، باللسان من خلال أذكار معينة فيها ذكر الله بأسمائه الدالة عليه، أو إعمال الفكر تأملاً في عظمته، وتفكراً في قدرته، أو خفقان القلب بحبّه والشوق إليه، فالذكر إذاً يشمل كل سلوك ظاهراً كان أو باطناً من الإنسان نحو خالقه، فيشمل القلب والعقل واللسان وحتى الجوارح، وله فوائد عظيمة جداً في حياة الإنسان يتنعم بها الفرد والجماعة على حدٍّ سواء.
فوائد الذكر
من فوائد الذكر جلاءُ القلب من الهموم والأحزان، وطمأنينة للنفس، وجلب للسرور والسعادة، وقضاء على الوحشة، وفيه نضارة للفكر، واستقامة في السلوك، وتحصين دائم للنفس من مخاطر وساوس الشيطان واستحقاق عون الله وتأييده في الدنيا، واستحقاق جنته يوم القيامة، وفيه خير تأييد ونصر عند مواجهة الأعداء، وتفريج للكربات، كما فيه سببٌ لسعة الرزق والمباركة فيه، وتيسير سبل الحصول عليه.
فذكر الله خيرٌ كلّه يتعدى الفرد ليطال الجماعة ثمّ المجتمع بأسره، فتعمّ المحبة بين أفراده، وتقوى وشائج الرباط بينهم، فيشعر غنيهم بفقيرهم ويرحم كبيرُهم صغيرَهم، وقويّهم ضعيفهم، وحاكمهم محكومهم، فتكون جبهتهم به قوية ومتحدة، وعندها يستحقون النصر والتأييد والتمكين.
مخاطر عدم ذكر الله
إنّ لعدم ذكر الله مخاطرَ تعمّ الفرد والمجتمع والأمّة بأسرها على حدٍّ سواء، فهموم وأحزان تطال الفرد وتشتّت الفكر، ووحشة القلب، وتوالي المحن، وعدم بركة بالمال والوقت، وضنك في شتى المجالات يطال المجتمع بأسره، وتكتوي به الأمّة أيضاً، ضنك فكري، واجتماعي، وسياسي، وضنك متجدد تجدد العصر ومظاهر نهضته، فنجد فكراً قد انحرف عن جادة الصواب، تأثراً بأوبئة الفكر من هنا وهناك، ونجد علاقات اجتماعية ضعفت وشائجها، وحكمتها المصالح الشخصية والأهواء، وكان الإنسان البسيط ضحية ذلك كله، تربَّع حينها ذوو الجاه والسلطان على المشهد، وتركوا الضعفاء والفقراء والمساكين وشأنهم.
ونجد أيضاً سياسة داخلية وخارجية عرجاء تتقدم خطوات وتتعثر كثيراً؛ لأنها لم تستنر بنور ذكر الله وتعظيمه الذي يضيء لها الطريق، ويحقق لها النجاح والسؤدد، ونجد مع كل تقدم حضاري يأخذ مظاهرَ متعددة كالاتصالات وغير ذلك، تتجلّى مظاهر ضنك أخرى ومعاناة يكتوي بها الأفراد والشعوب، وكان من الممكن أن تنقلب هذه المنجزات إلى خير عظيم، وسعادة حقيقية، والأمر في ذلك نسبي بين النّاس، حيث قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى).