محتويات
التواصل
يحتاج الإنسان في مختلف الأوقات إلى أن يتواصل مع غيره من الأفراد ممّن يعيش وإيّاهم فوق أرضٍ واحدةٍ وتحتَ سماءٍ واحدةٍ؛ فالإنسان كائن اجتماعيّ بطبعه لا يمكنه الانعزال عن الآخرين مهما كان الأمر.
التّدوين كوسيلة لحفظ المعرفة
إن الإنسان يحتاج وعلى الدّوام إلى مشاركة أفكاره مع من حوله ممّن يحملون معه الهمّ نفسه، وممن تتأجّج في صدورهم نيران الشّوق والتّوق إلى العلم والمعرفة، لهذا كان لا بدّ من وجود وسيلة للتّواصل تحفظُ العلم الذي يتمّ إنتاجه وتطويره، وتحفظُ الأفكار التي تتمّ صياغتها وإبداعها للأجيال القادمة. من هنا برزت الكتابة؛ حيث صار المفكّرون ومن مختلف الأطياف والأجناس متلهّفين لتدوين كتاباتهم المختلفة من أجل أن يطلّع عليها الآخرون الّذين يسعَون هم أيضاً إلى التّعرّف على آخر الأفكار والعلوم والمعارف.
الأدب واتّصاله بالتّجربة الإنسانيّة
تُعتَبَر الكتابةُ أداة للتّواصل الفكريّ بين أصحاب العقول والأفكار؛ فمن يصل إلى نتيجة معيّنة في حقل معيّن لن يهدأ له بال إلاّ بعد أنْ يقومَ بتدوين ما توصّل إليه؛ فالإنسان بالكتابة يمكنه أن يُفرغَ ما بداخِلِه من أفكار، كما يُمكن أن تكونَ الكتابةُ واحدةً من أفضلِ الوسائلِ الإبداعيّة التي يصل الإنسان بها إلى مختلف القلوب البشريّة، وذلك من خلال الكتابة الأدبيّة الجميلة التي تحمل بين جملها وحروفها أسمى المشاعر الإنسانيّة؛ فالإنسان بطبيعته بحاجة ماسّة إلى أن يرى ما يعبّر عنه من حين لآخر؛ لهذا فقد شاعَت وانتشرَت الآدابُ بين مختلفِ أصنافِ البشرِ، وتميّزت بعض المدارس الأدبيّة عن غيرها؛ فالمدرسة الرّوسيّة -على سبيل المثال- تَفَوَّقَت وبشكلٍ كبيرٍ على باقي المدارس الأدبيّة كونها تتعاطى مع النّفس الإنسانيّة بأسلوبٍ أدبيّ رائع؛ فالأديب الرّوسيّ على استعدادٍ لأن يكتبَ الحدثَ في سطرٍ واحدٍ مقابل كتابتِه لعشرِ صفحاتٍ يناقشُ فيها الدّوافعَ النّفسيّة، والأفكار، والحالة العقليّة التي تضمّنتها الشّخصيّة أثناء الحدث.
التّنوير ومقاومة السّلطة القمعيّة
في الدّول الدّكتاتوريّة القمعيّة تُعتَبَرُ الكتابةُ واحدةً من أهمِّ الأمورِ التي تُؤَرِّقُ الدّكتاتورَ الحاكمَ وتمنعُه من النّوم، خاصّة تلك الكتابات التي تُناقشُ مَآسي الشّعب وهمومه وأحلامه، لهذا فإنّنا نرى حظراً رهيباً للإبداع بشتّى أنواعِه وصنوفِه وعلى رأسِهِ الإبداعِ المكتوب؛ فالكتابة تصلُ إلى مختلفِ الفئات وتعملُ على تَنويرِهم، وتزويدِهم بجرعات معرفيّة وتَوعَوِيَّةٍ كبيرةٍ قادرةٍ على تحويل الحال إلى حالٍ أفضل، وهذا ما لا يُريدُه الطُّغاةُ في مثل هذه الدُّول.
دور الكاتب
في وطننا العربيّ، نجدُ الكُتّابَ هم أقلّ فِئاتِ الشّعب تَواجُداً على السّاحة؛ ففي الوقتِ الذي نجدُ فيه حضورًا كبيراً لفئاتٍ لا يمكنُ وصفُها بأقلِّ مِن أنّها فئات فاسدة مُفسِدة، نَجدُ غياباً شبه تامٍّ لكلّ مَن لَهُ عقلٌ راسخٌ في العلمِ والمعرفةِ، على الرّغم من أنّ هذه الفئة هي من يجب عليها أن تتصدّرَ المشهدَ لا غيرها. أمّا الشّعوب فهي تائِهة، إلاّ أنّها هي الأخرى مُتَآمِرة بشكلٍ أو بآخَر على كُلِّ مَن له عقل، فتراها تُقَدِّسُ السُّذَّجَ، وتُقَلِّلُ مِن شأنِ المُبدعينَ والمُفَكِّرينَ، وهذا هو حالُنا باختِصار.