محتويات
الشّريعة الإسلاميّة
تميّزت الشّريعة الإسلاميّة عن الشّرائع السّماويّة التي أنزلت من قبل بكثيرٍ من الميّزات والخصائص، فبينما كان النّبي يأتي إلى قومه بشريعةٍ خاصّة، جاء النّبي محمّد عليه الصّلاة والسّلام إلى البشرية كافّة بشريعةٍ لجميع النّاس مهما اختلفت أعراقهم وألوانهم.
كما أنّ الشّريعة الإسلاميّة جاءت شريعة شاملة كاملة تصلح للتّطبيق في كلّ زمانٍ ومكان مهما تغيّرت الأحوال، وتبدلت الظّروف، لذلك توفرت فيها الكثير من عوامل المرونة والتّجديد، فما هي أبرز تلك العوامل ؟
عوامل المرونة والتجديد في الشريعة الإسلامية
اليسر ودفع المشقّة
جاءت الشّريعة الإسلاميّة لتحقيق السّعادة للبشر بتيسير التّكاليف عليهم ودفع المشقّة والعنت عنهم، قال تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) { البقرة: 185 }، فمن مقاصد هذه الشّريعة التّيسير على النّاس في جميع شؤون حياتهم من خلال الرّخص الشّرعيّة التي جاء بها القرآن الكريم والسّنّة النّبويّة الشّريفة واجتهاد العلماء.
من الأمثلة على اليسر في الشّريعة الإسلاميّة أنّ المسلم الّذي لا يطيق الصّيام في رمضان بسبب كبر سنّه أو مرضه يرفع عنه هذا التّكليف ويسقط بدفع فدية طعام مسكين عن كلّ يومٍ يفطره في رمضان، وغير ذلك الكثير من وجوه التّيسير في الشّريعة الإسلاميّة التي تدلّ على مرونتها وتجدّدها.
الاجتهاد
من مصادر التّشريع الإسلامي التي تدلّ على مرونته وتجدّده أداة الاجتهاد، الّتي مكّنت العلماء من استنباط الأحكام الشّرعيّة - التي لم يرد فيها نصّ في القرآن والسّنّة - من خلال استخدام أدواتٍ معيّنة في علم أصول الفقه من قياس وسدّ ذرائع واستحسان تخرج للنّاس الحكم الشّرعي في كل أمر مستجدّ في الحياة، وتبيّن لهم طبيعة هذا الحكم بكل وضوح ما بين الحلّ والإباحة أو التّحريم أو الكراهة.
كلّ ذلك يدل على مرونة الشّريعة الإسلاميّة وقدرتها على مواكبة كلّ جديد، ومن الأمثلة على ذلك أنّ الشّريعة الإسلاميّة لم يرد فيها حكم المخدرات الّتي تضرّ بالعقل ولكن تم استنباط حكم التّحريم لهذه الآفة من خلال القياس على تحريم شبيهاتها من الموانع والمسكرات الّتي ورد فيها النّص، وعلى قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
حرّية النّظر والتّفكر في أمور الحياة
تركت الشّريعة الإسلاميّة المجال للنّاس للتّفكر في أمور الحياة، فعلى الرّغم من أنّها وضعت القواعد الكلّيّة والأحكام التّفصيليّة لكثيرٍ من جوانب حياة النّاس، إلا أنها تركت لهم حرّيّة التّفكر والنّظر في ما يصلح لحياتهم وأمور دنياهم فيما لم يرد فيه النّص، ومثال على ذلك (أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مرَّ بقومٍ يُلقِّحون. فقال: " لو لم تفعلوا لصلَح "، قال: فخرج شِيصاً. فمرَّ بهم، فقال: " ما لنخلِكم ؟، " قالوا : قلتَ كذا وكذا. قال: " أنتم أعلمُ بأمرِ دنياكم).