الحجر الأسود
من الشعائر الإسلاميّة في الحجّ والعمرة التي يتعلّمها المسلمون ويؤدّونها تقبيل الحجر الأسود أو السّلام عليه، وقد ورد في الأحاديث الشّريفة أنّ الحجر الأسود هو ياقوتةٌ من الجنّة، ويقال إن آدم عليه السّلام أنزله معه من الجنّة إلى الأرض، وقد كان لون هذا الحجر أبيض ثمّ اسودّ يفعل ذنوب العباد، وقد تعرّض هذا الحجر الأسود إلى حادثة عجيبة حينما تجرّأت فرقةٌ من الفرق الضّالة على سرقته، فمن هي الجماعة التي سرقت الحجر الأسود؟ وكيف عاد إلى مكانه؟
فرقة القرامطة سرقت الحجر الأسود
في أوائل القرن التّاسع الميلادي خرجت جماعةٌ من المسلمين ودعت إلى نصرة آل البيت والتّشيّع لهم، وقد دعت تلك الجماعة إلى إمامة محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصّادق، وقد سُمّوا لذلك بالإسماعيليّة الذين استطاعوا فيما بعد تأسيس دولتهم الأولى في مصر وبلاد المغرب وسمّيت بالدّولة الفاطميّة، وبسبب اختيار تلك الجماعة لشخص عبيد الله المهدي ليكون إمامًا للدّعوة وخليفة للمسلمين انشقت جماعةٌ أخرى رفضت ذلك، وسمّيت بجماعة القرامطة التي تزعّمها حمدان بن قرمط، وقد استطاع القرامطة التمدّد والانتشار في بلاد العراق والبحرين وفارس وخراسان، كما استطاعوا كسب ولاء كبيرٍ من القبائل العربّية، وأسّسوا دولتهم الأولى في البحرين.
ظهرت نوايا القرامطة الخبيثة اتجاه المسجد الحرام والكعبة المشرّفة عندما توجّهت جحافل جيوشهم بقيادة أبي طاهر القرمطي من البحرين إلى مكّة المكرّمة، حيث دخلوها واستباحوا قتل الرّجال والنّساء فيها وسبي الذّراري، كما هاجموا الكعبة وخلعوا بابها، وأزالوا كسوتها، ونزعوا الحجر الأسود من مكانه وأخذوه معهم إلى البحرين حيث عاصمة دولتهم، ولقد حاول أمير مكة عدّة محاولات علّه ينجح في إرجاع الحجر الأسود وأعدّ جيشًا لقتال القرامطة ولكن دون جدوى، وعندما علم الحاكم بأمر الله الفاطمي بما فعله القرامطة أرسل عدّة رسائل شديدة اللّهجة إليهم من بينها تحذيرهم بأنّه إن بقي الحجر الأسود عندهم سوف يرسل لهم جيشًا لا قِبَلَ لهم به يرغمهم على ردّه، وعندما علم القرامطة أنّه لا مناص لهم سوى إرجاع الحجر الأسود أذعنوا لذلك فعاد الحجر إلى مكانه بعد ما يقارب اثنتين وعشرين سنة.
نهاية القرامطة
في أواخر القرن العاشر ومنتصف القرن الحادي عشر الميلادي بدأ نجم القرامطة في الأفول، وقد كانت بداية السّقوط عندما سلّم أبو طاهر القرمطي أمور البلاد لشابٍ فارسي سرعان ما سنّ قوانين تخالف الشّريعة وسبّ الأنبياء وقتل المخالفين في الرّأي، وقد انتهت دعوة القرامطة في البحرين والإحساء باندماجها في دعواتٍ شيعيّة أخرى.