محتويات
مقدمة
جميع أبناء آدم خطّائين ،فهكذا خلقهم الله سجانه وتعالى ،فقد خلق الله الأنبياء فقط معصومين عن الخطأ بينما باقي البشر ليسوا كذلك ،ولكن لم يكن الله ظالماً للإنسان في هذا الأمر ،حيث إنّه خلق بني آدم خطائين ولكن جعل في السماء باباً مفتوحاً لا يغلق وهو " باب التوبة " .
عندما يرتكب الإنسان المعاصي والذنوب لا يشعر الإنسان بأنّه يرتكب المعاصي بل يكون مشغولاً بالمتعة التي يحصل عليها من المعصية التي يقوم بها،حيث إنّ المعاصي والذنوب تغرق الإنسان إلى حد الهذيان ،وعدم القدرة على استيعاب ما يحدث حوله ،وإنّما يعيش الإنسان في عالم من الأحلام المتواصلة ،وهذه هي النقطة الأخطر ،أي أنّ الإنسان يكون غارقاً في اللّذات ،ولا يوجد ما يجعله يستيقظ من غفلته التي ينام فيها.
ما هي المعاصي
المعاصي :هي أمور يرتكبها الإنسان وتكون هذه الأمور والأفعال محرّمة حرمة قاطعة وكاملة ،ويكون الإنسان واعياً تماماً إلى أنّها معاصي ،ولكن عقله غائب من جرّاء المتعة التي تعود على الإنسان عند ارتكاب المعاصي.
وكما نعلم بأنّ المعاصي في جميع حالاتها وأنواعها هي محرّمة، ويجب الابتعاد عنها بصورة قطعية.
أشكال المعاصي
الشرك بالله
وهي أكبر أنواع المعاصي ،وهذا الذّنب يخرج الإنسان تماماً من ملّة الاسلام ،كما أنّه أكبر الذنوب عند الله ،والتي يغضب الله على مرتكبها ،ولكنّها قابلة للغفران إذا أقدم فاعلها على التّوبة
.
ويكون الشرك بالله ،من خلال عبادة أمر خلقه الله على أنّه الله سبحانه وتعالى ،حيث إنّ البعض يعبدون الأصنام ،بينما يعبد البعض الآخر البقر ،والبعض يعبد النار ،وجميع هذه الأمور محرّمة بشكل قطعي ،وهذا النّوع من المعاصي لا يمكن التكفير عنه إلا بالتوبة النّصوح التي سيأتي الحديث عنها لاحقاً.
الكبائر الأخرى
ويوجد في الإسلام سبع كبائر ،وسميت بالكبائر لأنّ عرش الرحمن يهتز عند ارتكابها ،ومن الممكن أن يتخيّل القارئ مدى بشاعتها من خلال الاسم ،فهي كبيرة ،والكبائر السبعة أوجزها علماء السنة والفقه بأنها :
- السحر :وهي من الكبائر لأنّ الإنسان السّاحر الذي يمارس السحر يهب نفسه إلى الجن ،فيكون ملك لهم ،يتصرّفون به كما يشاؤون ،وصنّفه العلماء بأنّه نوع من عبادة الجن ،فلا يقل عن الإشراك بالله شيئاً ،كما أنّ الإنسان يلجأ إلى السحر من أجل إيذاء الناس ،فيقوم بتعلّم السّحر وهو معصية من أجل ارتكاب معصية أخرى وهي إيذاء الآخرين ،والواجب على من يقوم بعمل السحر أن يقام عليه الحد ،والحد هو القتل ،ولكن يفتح أمامه باب التوبة.
- قتل النفس التي حرم الله: فإنّ عملية الخلق والموت هي بيد الله وحده ،وإنّ قتل نفس بدون سبب هي تعدّي على حقوق الله ،حيث إنّ الشرع الاسلامي أجاز ثلاث حالات يمكن القتل فيها ،وهي الثيّب الزاني ،وهو الرّجل المحصن الذي سبق له أن تزوّج وقام بارتكاب الفاحشة أو المرأة أيضاً ،فيتم رجمه حتى الموت ،والحالة الثانية ،هي النّفس بالنّفس ،وهي أن يقوم إنسان بقتل إنسان آخر دون سبب ،فأجاز الشارع الاسلامي قتل هذا الإنسان تحت مسمّى " القصاص" ،والحالة الثالثة ،هي المارق على الدّين المفارق للجماعة ،وهو الشخص الذي يخرج عن الدّين ولا يقوم بالعمل حسب الشريعة الإسلامية ،أي الإنسان الكافر ،ولا يمكن لأي شخص أن يقيم الحد من تلقاء نفسه ،بل يجب أن يصدر الحكم عن مجموعة من الشيوخ المتعمّقين في الدّين الإسلامي ،ومن ثم يقيم الحد أشخاص مسؤولين عن هذا الأمر.
- أكل مال الربا :وهي أن يقوم الإنسان بإعطاء شخص مبلغ من المال كاستدانة ،ولكن يشترط على الشخص أن يعيد له المبلغ بفائدة ،وهذه الظاهرة انتشرت كثيراً خصوصاً في معاملات البنوك تحت مسميّات القروض.
- أكل مال اليتيم: فيحدث كثيراً أن يموت الأبوين أو الأب مخلّفين من بعدهم الأبناء، ومقدار من المال، ولكن يقوم أحد الأقارب بالاستيلاء على هذا المال، وحرمان الطفل اليتيم منه، وهذا العمل حرمه الله ويعتبر من أكبر المعاصي.
- الزنا : وهو حدوث علاقة جنسية غير شرعية بين رجل وامرأة ،أي في السر دون أن يتم عقد قران شرعي أمام الله ورسوله ،وهذا النوع من المعاصي من أكبر المعاصي ،حيث إنّه يسبّب تفكّك اجتماعي كبير ،كما أنّه يزيد من نسبة الأطفال اللّقطاء ،ويعمل على اختلاط الأنساب ،ولا يجوز للإنسان أن يقوم بهذا الأمر تحت أي ظروف.
- التولي يوم الزحف : ومعنى هذا الأمر أن يترك الإنسان المسلم إخوته أثناء الجهاد ،ويعود إلى المنزل ،وهذا الأمر كبير جداً عند الله.
معاصي أخرى
وهناك الكثير من المعاصي الأخرى ،مثل السرقة والكذب وشرب الخمر ،وإيذاء الآخرين ،إفشاء الأسرار ،ومشاهدة الأفلام الاباحية ،وغيرها الكثير الكثير.
أثر المعاصي على الإنسان
- من أكبر الآثار التي تسبّبها المعاصي للإنسان الابتعاد عن الله عز و جل ،وترك فجوة كبيرة بين الله والإنسان ،كما أنّ المعاصي تجر بعضها البعض ،فيصبح الأمر عادي عند الإنسان ،فمثلاً يقوم الإنسان بشرب الخمر ،ومن ثم الزنا ،وإذا زنا فإنه سيسرق ،أي أنّ المعاصي تجعل من الإنسان شخصاً دنيئاً.
- خلقنا الله في هذه الحالة الزائلة من أجل اختبارنا ،حيث إنّ هذه الدار هي دار اختبار وامتحان ،فمن اجتاز الامتحان بنجاح سوف ينتقل إلى جنات الخلد في الدار الآخرة ،ومن لم يستطع اجتيازه سوف ينتقل إلى نار جهنم في الدار الآخرة ،وثاني الآثار التي تحدث للإنسان جراء ارتكاب المعاصي ،هي الاخفاق في اجتياز امتحان الدار الفانية ،ولكن إذا تمكن من التوبة قبل الموت فهو سينال رحمة الله عز و جل.
- ينزع الله البركة من وجه الإنسان الذي يرتكب المعاصي ،فنجد أنّ الإنسان الذي يرتكب المعاصي بشكل دائم لا يوجد في وجهه نور ،وإنّما يكون وجهه شاحب اللّون ،ودائماً مسود ،بينما نستطيع أن نرى الضياء و النور في وجه الإنسان التقي الصالح.
- عدم الشعور بالراحة ،فيبقى الإنسان دائم الشعور بالقلق و الاحباط ،كما أنه لا يشعر بالسعادة مهما حاول وفعل.
- إضافة إلى ما سبق فإن الله ينزع البركة من ماله، فتبدأ حياته الاقتصادية بالانهيار.
كيف يمكن التخلص من الذنوب والمعاصي
- لا تيأس من رحمة الله ،ولا تعتقد أن ذنبك كبير جداً لن يغفره الله ولن يقبل توبتك فاعلم بأنّه مهما بلغ حجم ذنبك ومعصيتك ،فإنّ الله أكبر منها بكثير ،ويجب أن تتسلّح بالعزيمة والإرادة.
- سيحاول الشيطان أن يعيدك إلى ما كنت عليه، ولن يتعب أبداً، فيجب ألا تتعب أنت أيضاً، وأن تكون أقوى من الشيطان في التمسّك بقرار التوبة، وعدم العودة إلى الطريق الذي كنت تسير فيه.
- يجب أن تكون التّوبة نصوح ،خالصة لوجه الله تعالى ،لا رياء فيها ،ولكن البعض قد يعتقد أنّ الإنسان الذي يتقرّب من الله من أجل أن يحقّق له الله تعالى أمنية هو رياء ،لا الرياء هو أن يقوم الإنسان بالتّوبة من أجل كسب رضا النّاس وليس رضا الله ،فليس من الخطأ أن يتقرّب الإنسان من ربّه عند الوقوع في مصيبة ،ولكن الخطأ أن يبتعد الإنسان بعد انتهاء المصيبة.
التوبة النصوح
التوبة النّصوح يجب أن يكون أساسها النّدم الشديد على ما ارتكبه الإنسان من ذنوب ،كما أنّ التوبة يجب أن تكون خالصة النيّة لله ،وألا يعود الإنسان إلى ما كان يقوم به سابقاً ،ورد المظالم إلى أهلها ،فإن كان قد ظلم أحداً أثناء ارتكاب المعصية يجب أن يقوم برد هذه المظلمة قبل التوبة إلى الله ،فالله حريص على رد حقوق الناس قبل حقوقه.