محتويات
المضخات
في مُواكبة مُتطلّبات الحياة واحتياجاتها نتيجة التطوّر العمرانيّ والصناعيّ وُجِدَت الحاجة لنقل السّوائل، وخاصةً الماء، من مكان لآخر بسرعة وجهد عالٍ، إذ كانت مَهمّة نقل الماء في السّابق من أكثر المَهمّات صعوبةً واستنزافاً للوقت والجهد، وعليه، تمّ اختراع المضخّة، وهي جهاز يُستخدَم لنقل الموائع من مكان إلى آخر.
أنواع المضخات
للمضخّات أشكال وأحجام مُختلفة حسب طبيعة العمل الذي تقوم به، وكمية المائع الذي تنقله، وقد تعتمد في تشغيلها على طاقة الرّياح، أو الطّاقة المائيّة، أو الطّاقة الكهربائيّة، أو أي مصدر وقود آخر. وتقوم المضخّات على الحركات الدورانيّة أو التردديّة لإنجاز المَهام المطلوبة، وتُقسم حسب آلية نقل المواد إلى:[١]
- المضخّات إيجابيّة الإزاحة: وهي المضخّات التي تعتمد على نقل المائع من مكان لآخر بالاستفادة من خصائصه المُتمثّلة بقابليّة الضّغط والدفع، إذ تعمل على تحريك المائع عن طريق حجز حجم مُعيّن منه ومن ثم طرده من خلال أنبوب الإخراج.
- مضخّات الدّفع المرنة: وهي المضخّات التي تنقل السّائل بحركات تردديّة على شكل نبضات.
- مضخّات السّرعة: هي المضخّات التي تعمل على زيادة سرعة السّائل بهدف تسهيل نقله من مكان إلى آخر.
- مضخّات الجاذبيّة الأرضيّة: وهي مضخّات تعتمد في تشغيلها على قوّة الجاذبيّة الأرضيّة، ولا تحتاج إلى مُحفِّز آخر لتعمل.
- مضخّات البخار: وتضم جميع أنواع المضخّات التي تعمل بقوّة البخار.
- المضخّات بدون صمّامات: تُستخدم هذه الأنواع عادةً في المجالات الطبيّة، هذه المضخّات لا تحتوي على أيّ نوع من الصمّامات أو أيّ نوع من الأدوات التي تعمل على إغلاق الأنابيب، أو منع حركة السّائل واتّجاهه، إلا أنّ هذه المضخّات فعّالة ولا تقلّ كفاءتها عن المضخّات الأخرى، ومتعتمد هذه المضخّات في عملها على أنبوب مرن مُرتبط بأنبوب غير مرن، عند الضّغط على طرف الأنبوب المرن يندفع السّائل.
مبدأ عمل المضخّات إيجابية الإزاحة
تنقل هذه المضخّات الموائع عن طريق الدّوران الذي يُشكّل فراغاً يعمل على سحب ونقل المائع عن طريق فرق الضّغط الحاصل. من إيجابيات هذا النّوع من المضخّات أنّه فعّال جداً؛ فهو يُخرِج الهواء من النّظام بطريقة مُبرمجة ولا يحتاج إلى المساعدة، إلا أنّ سلبيّات هذا النّوع تتمثّل بحاجته إلى تصميم خاصّ بحيث تكون الفراغات بين المضخّة الدوّارة والحافّة الخارجيّة دقيقة جداً للمحافظة على سرعة الدّوران وثباته.[٢]
من أنواع هذه المضخات ما يأتي:[٢]
- المضخّة ذات التّروس المُسنّنة الخارجيّة: هذه المضخّة بسيطة جداً، تعتمد في عملها على دفع السّائل بين التّروس ونقله من مكان لآخر، تتكوّن من تَرَسين مُتشابكَين معاً في حجرة ضيّقة، ومع حركة التَّرَسين يُحصَر السّائل بين مُسنّناتهما والجدار الخارجيّ لجسم المضخة، ومن ثمّ يُدفَع إلى الخارج بحيث لا يُمكن للسّائل العودة.
- المضخّات ذات التّروس المُسنّنة الداخليّة: يدخل السّائل من الأنبوب ليتوزّع في الفراغات بين التّروس الصّغيرة والتّروس الكبيرة، ومع دورانها ينتقل ليصل أنبوب التّفريغ، ومع اختلاف الضّغط يُفتَح أنبوب التّفريغ ليندفع السّائل خارج المضخّة.
- المضخّات ذات البراغي: هذه المضخّات تعتمد في مبدأ عملها على دفع السّائل بين بُرغيَّين أو أكثر يتحرّكان عكس بعضهما البعض ليتحرّك السّائل وينتقل من نقطة لأخرى بشكل موازٍ لامتداد البراغي وبسرعة مُتدنّية.
- المضخّات ذات المروحة: يمكن تقريب آليّة عملها بوجود مروحة مُرتبطة بعمود دوّار داخل غرفة بحجمه تماماً، عندما يتحرّك العمود الدوّار يسمح للمروحة بحجز السّائل داخل الغرفة، ونتيجةً للدّوران يتحرّك السّائل إلى مكان آخر ليتم تفريغه من خلال أنبوب الإخراج.
مبدأ عمل المضخات المترددة إيجابية الإزاحة
تعمل المضخّات المُتردّدة بمبدأ ضخّ السّوائل بشكل تردديّ ناتج عن حركة مكبس أو حركة الأغشية، وفي كلّ منها صمّام أو أكثر يعمل على حصر السّوائل وتحديد اتّجاهها. استُخدِمت هذه المضخّات قديماً في ضخّ الماء من الآبار، وفي القرن التّاسع عشر أصبحت أوسع انتشاراً مع ثورة القوّة البخاريّة، أمّا في اليوم الحاليّ فإنّ للمضخّات المُتردّدة استخدامات عديدة؛ فهي ذات كفاءة عالية في ضخّ الموائع عالية اللّزوجة مثل الباطون والزّيوت الثّقيلة، كما تستخدم عند الحاجة إلى مضخّة تعمل بمعدّل ضخّ قليل ومُمانعة عالية. من سلبيات هذه الأنواع الكلفة العالية للتشغيل والصّيانة، كما أنّها عادةً ما تكون ثقيلة الوزن، وسرعة التدفّق فيها قليلة[٢]، ومن أنواعها ما يأتي:[٢]
- مضخّات المكابس: مبدأ عملها يعتمد على ضخّ السّوائل بين صمّام أو صمّامين مفتوحَين باتّجاه واحد من خلال توليد ضغط عالٍ، وتُعتبر هذه الطّريقة من أبسط الطّرق لضخّ كميّة قليلة من السّائل أو الجل يدويّاً، مثل مضخّة الصّابون في علب الصّابون السّائل التي توضع على المغاسل.
- مضخّات الأغشية: ويوجد فيها سدّادة تضغط السّائل الذي يقوم بدوره بثني غشاء داخل أسطوانة، والغشاء يعمل عمل الصمام. تُستخدم هذه المضخّات عادةً لنقل السّوائل الخطيرة أو السّامة.[٢]
مبدأ عمل مضخات الدفع المرنة
هي مضخّات تستفيد من الهواء المُتجمّع مع السّوائل في توليد قوّة تُستَخدم في دفع السّائل بالاتّجاه المطلوب، وهذا النّوع يتفرّع منه عدّة أنواع مُختلفة:[٣]
- المضخّة الهيدروليكيّة: هي مضخّة تعمل بالطّاقة المائيّة، تعمل بالاعتماد على إدخال الماء بمُعدّل تدفّق عالٍ وضغط قليل بتدخّلٍ من نظام هيدروليكيّ، ويُستخدَم مثل هذا النّوع من المضخّات في المناطق النّائية خصوصاً التي يتوفّر فيها مصدر لتوليد الطّاقة المائيّة مثل نهرٍ جارٍ، والمناطق التي يُضَخُّ لها الماء تكون ذات ارتفاع عالٍ مقارنةً بمجرى الماء.
- المضخّات بقوّة دفع الهواء: يقوم مبدأ عمل هذه المضخّة على ضخ الهواء إلى أسفل السّائل عن طريق ضاغط غاز أو منفاخ، ممّا يؤدّي إلى اختلاط الغاز بالسّائل، فتخفّ كثافة السّائل فيرتفع للأعلى ليحلّ محلّه سائل آخر ممّا يؤدّي إلى تشكُّل تيار يرتفع إلى أعلى. تُستخدم هذه المضخّات في أحواض السّمك.
مضخّات السّرعة
مبدأ عمل مضخّات السّرعة يعتمد على زيادة سرعة السّائل بإضافة طاقة حركيّة له، هذه الزّيادة تتحوّل إلى طاقة وضع أو ضغط عندما يُغادر السّائل المضخّة خارجاً عبر الأنبوب الخارج، هذا التّغيير من طاقة الحركة إلى طاقة الضّغط، وتُعرَف بالقانون الأول للدّيناميكا الحراريّة أو مبدأ برنولي. ولمضخّات السّرعة عدة أنواع منها:[٤]
- مضخّات التدفّق القطريّ: يمرّ السّائل على محور أو مركز المضخة الذي يدور بسبب حركة المُحرّك، فيكسب السّائل سرعة تتناسب مع سرعة الدّوران الحاصلة، وبزيادة السّرعة يخرج السّائل من المضخّة على زاوية 90. تعمل هذه المضخّات على ضغط عالٍ ومُعدّل تدفّق مُتدنٍّ مُقارنة بالنّوع المحوريّ.
- مضخّات التدفّق المحوريّ: في هذا النّوع يُدفَع السّائل إلى الأطراف بعيداً عن المركز، وتعمل هذه المضخّة بضغط قليلٍ ومُعدّل تدفّق عالٍ.
- مضخّات النّفث إديوكتر: وهو من الأنواع الأكثر شيوعاً في ضخّ الغازات والسّوائل البتروكيماويّة، يعتمد هذا النّوع من المضخّات على الطّاقة الحركيّة في أحد الموائع لتحريك مائع آخر.
مضخة السيفون
هي عبارة عن أنبوب يربط بين خزّانين ينقل السّائل بينهما من مستوى عالٍ إلى مستوى أدنى بحيث يكون الأنبوب بطولَين مُختلفَين؛ قصير من جهة الخزّان الأعلى، وأكثر طولاً من جهة الخزّان الأدنى، بمجرد وضع الأنبوب بين الخزانَين يندفع الماء من الخزان الأعلى إلى الخزان الأدنى عبر الأنبوب مُعتمِداً على قوّة الجاذبيّة، لا يتوقّف عمل المضخّة هذه إلّا إذا أصبح الأنبوب القصير في الهواء، أي أنّ مستوى الماء أصبح أقلّ من فتحة الأنبوب القصير في الخزان العلوي. تُستخدَم هذه المضخّة في نقل مياه الرّي، وتنقية السّوائل من الشّوائب، وسحب المياه من الشّوارع عند الفيضانات والمطر الغزير.[١]
المضخة التي تعمل على قاعدة هيرون
مبدأ عمل هذه بسيط جداً ولا يحتاج إلى أيّ طاقة دافعة، مُكوّنات المضخّة وتركيبها: ثلاثة خزّانات: علويّ، وأوسط، وسفليّ، إضافة إلى ثلاثة أنابيب. الخزانات مرتبطة معاً كالآتي: أنبوب رقم 1 يمرّ من قاع في الخزّان العلويّ إلى قاع الخزّان السفليّ، وأنبوب رقم 2 يمتدّ من أعلى نقطة في الخزّان العلوي إلى قاع الخزّان الأوسط، وأنبوب رقم 3 يربط بين أعلى الخزّان الأوسط وأعلى الخزّان السفليّ، مع ملاحظة أنّ أعلى أو قاع الخزّان لا تعني أن يضرب الأنبوب بالسّقف أو القاع فلا يسمح للمائع بالمرور عبره.[١]
مضخات البخار
مضخّات البخار مُرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالثّورة الصناعيّة، حيث إنّ مُحرّكات البخار تُنتج بخار ماء له حرارة عالية وطاقة دفع عالية تُساعد في تشغيل المصانع والمطاحن ونقل السّوائل من جهة إلى أخرى. لم تعد تُستخدم هذه الأنواع من المُحرّكات بعد الثّورة الحاصلة في عالم الكهرباء وظهور المُحرّكات الكهربائيّة، لكن حاليّاً هناك إعادة إحياء لها للاستفادة منها في عمليّات ريّ المزروعات عن طريق توليد بخار ماء من الطّاقة الشمسيّة.[١] ولهذا النّوع من المضخّات أنواع عديدة أهمّها مضخّات توماس سافيري؛ حيث إنّ هذا النّوع سُميّ باسم مخترعه، ولها استخدامات واسعة في تحريك وتشغيل المطاحن ونقل الماء إلى القرى. تتكوّن المضخّة من مرجل يُسخّن خزّاناً كبيراً من الماء، وأسطوانة بخار، وأنبوب خارج، وأنبوب داخل، وأنبوب لتبريد أسطوانة البخار، وصمّام لكل أنبوب يُمرّر الماء باتّجاه واحد.
تعمل هذه المضخّة بمبدأ رفع الماء عن طريق قوّة احتراق الوقود الذي يُسخّن الماء في المرجل، ويرتفع البخار ويمرّ عبر الصمّام الأول ليُخزَّن في أسطوانة البخار، ومن الأسطوانة عبر الصمّام الثاني يُنقَل البخار إلى ارتفاع آخر بقوّة دفع البخار، عندما تمتلئ الأسطوانة ببخار الماء يُغلَق الصمّام الأول والثّاني ويُفتَح صمّام ثالث ورابع، الصمّام الرّابع يعمل على صبّ ماء بارد على أسطوانة البخار فيتكاثف البخار بسرعة عالية ويتشكّل فراغ يضغط على سحب ماء عبر الصّمام الثّالث، فيرتفع الماء إلى أسطوانة البخار فيُغلَق الصمّام الثّالث والرّابع ويُفتَح الصمّام الأول والثّاني وتتكرّر العمليّة.