وسائل نقل الماء
إنّ الحديثَ عن النقل المائيّ كواحدٍ من أشكال النقل يعيدُنا إلى مراحلَ تاريخيةٍ قديمةٍ، حيثُ يعيدُنا إلى كيفيّةِ تطوّر أشكاله بشكلٍ كبيرٍ حتّى أصبحت من أهمّ وسائل النقل العالميّة، بل تساهم بأكبر نسبةٍ في التجارة العالميّة. سنذكرُ في هذا المقال أدوات نقل الماء قديماً، وأشكال النقل المائيّ الحديثة.
أدوات نقل الماء قديماً
- القربة: وهي أداةٌ مصنوعةٌ من جلد الماعز، حيث يؤخذُ جلدُه كاملاً دونَ الرأس ويُستخدم مكانُ الرأس بعد تنظيف الجلد جيّداً، وتعقيمه كبابٍ للقربة يُصبُّ الماء فيها منه، وبعد أن تمتلئ يُربَط بإحكامٍ، كما يُستخدم مكانَ كلٍّ من القدمين واليدين كمكانٍ لحمل القربة، فبعدَ أن يُغلقا بقطعةٍ من الخشب يُربطانِ جيّداً ويُشبَكانِ معاً بقطعةٍ من الحبلٍ ليسهل حملها على الرأس. من أهمّ مميّزات قربة الماء أنّها تستطيعُ المحافظة على الماء الذي بداخلها بارداً؛ وذلك بسبب قدرة الجلد على مقاومةِ درجات الحرارة العالية.
- زير الماء: وهو عبارةٌ عن إناءٍ مصنوعٍ من الفخّار، يُصنعُ بطريقةٍ فنيّةٍ بحيث يُسمحُ أن تترشّح كميّاتٍ قليلةٍ من الماء منه للخارج بهدف جعل مائه بارداً، ويثبّت في أحدِ أطراف البيت ويعبّأ من خلال تفريغ الماء فيه، فيكون مستودع حفظِ حاجة البيت من الماء، ويبقى الماء فيه في العادة لمدّة يومين على الأكثر، ويغطّى سطحُه بقطعةٍ من الخشب يوضع فوقها كوبٌ من الألمنيوم لاستخدامِه في غرف الماء من الزير. الدلو: وهو أداةٌ مصنوعةٌ من الجلد السميك لها يدٌ تُربط بها قطعةٌ من الحبل، ويستخدم لإخراج الماء من البئر.
أشكال النقل المائيّ
- النقل النهريّ: يعدّ من أبسط أشكال النقل المائيّ، فقد استخدم الإنسان الممرات المائيّة الداخليّة في نقل بعض أدواته وأغراضه البسيطة، إلا أنّ تطور معرفة الإنسان وحاجته إلى البضائع فرضت عليه البحثَ عن طرقٍ لنقل البضائع بين الدول، فاستخدم الأنهارَ بشكلٍ كبيرٍ خاصةً الأنهار الغزيرة التي تسيرُ في مناطقَ سهليةً، مثل نهر النيل، حيثُ استخدمه الفراعنة منذ القدم في نقل بضائعهم بينَ الشمالِ والجنوب، حيث إنّ الأنهار التي تجري في مناطقَ منحدرةٍ لا تعتبر صالحةً للملاحة، حيثُ تسعى الكثيرُ من الدول إلى السيطرة أو الاقتراب من الأنهار الأكثر صلاحيّةً للتجارة، ويجبُ أن نتذكّرَ قيمة القنوات الكبيرة التي حفرَها الإنسان، مثل قناة السويس العظيمة التي ربطت قارة أفريقيا بقارة أوروبا، وكيف أنّها ساعدت قناة السويس على تطوير التجارة العالميّة.
- النقل البحريّ: اقتصرتْ معرفةُ البِحار على بعض الشعوب ممّن عملوا بالتجارة البحريّة، فقد اعتمدتْ التجارة العالميّة اعتماداً كليّاً على الطرق البريّة في التنقّل بين القارات، فاحتلّت الجزيرة العربيّة مكانةً عالميّةً على مرّ العصور بسيطرتِها على الطرق البريّة التي تصلُ ما بين قارات العالم القديم، إلى أنّ بدأت حركة الكشوف الجغرافيّة، فاكتشف الأوروبيّون طرقاً بحريّةً تصلُ ما بين قارات العالم القديم، وبدأت مرحلةٌ جديدةٌ من مراحل التجارة البحريّة على مستوى دول العالم.
يُعتبر النقل البحريّ من أقل وسائل النقل كلفةً؛ بسبب كبر حجمِ الحمولة، لذلك يلجأ إليها التجّار في نقل بضائعهم لمسافاتٍ بعيدةٍ خارجَ القارة، خصوصاً التجّار الذين ينقلون حمولاتٍ كبيرةً، حيثُ يعتبرُ نقلُها مكلفاً بالطرق البريّة أو الجويّة، كما أنّ النقل البحريّ يحتلُّ المرتبة الأولى على مستوى دول العالم في نقل المشتقات النفطيّة من مناطق الإنتاج إلى مناطقِ الاستهلاك، وقد صمّمتْ ناقلاتُ بترولٍ عملاقةٍ لهذه الغاية.
برزت أهميّة المضائق البحريّة، وحصلت صداماتٌ بين الدول الكبرى، إذْ لم تقتصرالطرق البحريّة على المكاسب التجاريّة فحسْب، بل أصبحت أهميّتها العسكريّة لا تقلّ عن أهميّتها التجاريّة، فأصبح وجود قوةٍ عسكريّةٍ في الدولة شيئاً أساسيّاً لحماية المصالح التجاريّة للدول الكبرى، فنشأت الكثيرٌ من الحروب في مناطق العالم؛ بسبب التسابق في السيطرة على المنافذ أو المضائق المائيّة.