يعتبر الوسواس من الأمور النّفسيّة التّي تعطّل مسيرة الحياة أو تؤخّرها ، فالإنسان الذي تجد عنده الوسواس تجده دائماً يراجع نفسه في فعل الشّيء ، و يشعر ببعض الأفكار وكأنّها تحاصره وتسيطر على مشاعره وانفعالاته ، ولا شكّ بأنّ الطبّ الحديث قد ساهم بشكل فاعلٍ في علاج هذه الحالات عن طريق الأدوية و العلاج السّلوكي .
وقد جاءت الشّريعة الإسلاميّة لتؤكّد على خلق فردٍ مسلمٍ صحيح النّفس والبدن قادراً على خدمة مجتمعه ، كما حثّت الشّريعة الإسلاميّة الإنسان على التّخلص من وساوس النّفس ، ففي الصّلاة على الإنسان أن لا يلتفت إلى وساوس النّفس فإذا شكّ في صلاته هل أدّى ثلاث ركعات أو اثنتان مثلاً ، فإنّ عليه في هذا الحالة أن لا يلتفت إلى الشكّ وإنّما يبني صلاته دائماً على اليقين ، فيأخذ بعدد الرّكعات الأقل ليبني عليها صلاته ليقينه من أنّه قد أدّى تلك الرّكعات ، كما بين النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ هناك شيطانٌ يسمى خنزب يسعى لإفساد صلاة المسلم والوسوسة فيها ، و الحلّ هنا يكون بالاستعاذة من شره .
ومن الوساوس التي تسيطر على الإنسان وسوسة الطّهارة ، فأحياناً يحتار المسلم في أمره وهو مقبلٌ على صلاته ويقول في نفسه هل توضّأت أم لا ، أو هل اغتسلت أم لا ، والعلاج هنا يكون بالتّخلص من الوساوس ابتداءً و القضاء عليها بانكباب المسلم على طاعة الله تعالى وأن يشغل ذلك قلبه وعقله ، وأن لا يتلتفت إلى غير ذلك من أمور الدّنيا ، لأنّ الإنسان ومهما تمتّع بالعقل والتّذكر فإنّه لا يستطيع التّفكير في أكثر من أمرٍ في وقتٍ واحد ، وقد ذكر الله تعالى في محكم التّنزيل هذه الحقيقة التي تدلّ على ضعف الإنسان وقصوره حن قال جل وعلا ( ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه ) ، فالتّركيز في فعل أمرٍ معينٍ يساعد المرء على التّخلص من وساوس النّفس ومن بينها وسواس الطّهارة .
وعلى الإنسان أن يعلم بأنّ وساوس النّفس هي من فعل الشّيطان ، فالشّيطان من مقاصد عمله وغاياته تدمير نفسيّة الإنسان وجعلها مهتزةً دائماً تشغلها الوساوس وتسيطر عليها ، لذلك على المسلم أن يستعيذ بالله تعالى من شرّ الشّيطان الرّجيم ووسوسته ، وأن يعلم بأنّ اليقين بالله مع حسن التّوكل عليه يعين المرء على القضاء على الوساوس و آفات النّفوس .