منذ القِدم حيث الحضارات الأولى منذ فجر التاريخ تعرّف الإنسان على شجر الغار، واعتبره من الأشجار المهمةّ والنبيلة، فكان لهذه الشجرة رتبةً عالية مكرّمة، إذ كانت تضفر أوراقها لتوضع فوق هامة العظماء كالقياصرة والرجال المقدامين الأبطال، ونجد أيضاً بأنّه كان شائعاً خاصّة عند الحضارات الإغريقيّة واليونانية، أن يضع الأباطرة أكاليل الغار، واتُّبع كتقليد أيضاً في الألعاب الأولمبيّة أن يمنح الفائز فيها هذا الإكليل، كتقدير لإنجازه وعلوّ مكانته، وربّما لهذا نقرأ بأنّ ملكة كزنوبيا كانت تستعمله، ولا ننسى أيضاً الملكة كليوباترا.
لا شكّ أنّ الإنسان استطاع أن يستخرج من ثمار شجرة الغار زيتاً عطرياً معقّماً، حيث هذه الثمار تشبه إلى حدّ كبيرٍ في شكلها حبّات الزيتون، وقد استخرج هذا الزيت بطرق ووسائل تقليديّة كطرق عصر الزيتون لاستخراج زيته.
زيت الغار وفوائده
إنّ زيت الغار يحوي على عدّة مكوّنات، حيث نجد فيه: ألفا وبيتا بينين، وأيضاً سيناميل أسيد، إضافة إلى ميثيل ايستر، ونجد فيه سينول، وأيضاً تيربيتول، إضافة إلى سيترال، وهذه المواد تشكّل من هذا الزيت العطري ما يساوي 10 % من مكوّناته.
على الأغلب يتمّ استعمال هذا الزيت لصناعة الصّابون، حيث يكون صابوناً معطّراً طبيعياً، ويعتبر هذا الصّابون ذو المنشأ الزيتي معقماً، فهو بالتالي آمن إذا استعمل للاستحمام، ولذلك نظراً لكونه يتمتّع بفوائد عديدة، فإنّنا نجد أنّ أغلب المختصّين بالبشرة ينصحون باستعماله عوضاً عن استعمال الشامبو، لما له من تغذية غنيّة يمنحها للبشرة ويزيد نضارتها، وبالتّالي يساهم بشكل فعّال في تأخير التجاعيد خاصّة في الوجه واليدين، كما يعتبر مغذياً قوياً لجذور الشعر، وبالتالي فإنّه يمنح جلدة الرأس المتانة ويمنع الشعر من التساقط. ناهيك عن كونه له فعل معقّم فإنّه يؤثّر في البكتيريا التي تكون عالقة في الجسم ويتخلّص منها، إضافة لمنح للجلد الرائحة المنعشة وذلك لوجود المادّة العطريّة في خواصه.
إنّ زيت الغار يعتبر من أهمّ الزيوت التي لها فوائد علاجيّة أيضاً، فهو يقضي بشكل كامل على الأمراض التي تصيب الجلد، كمرض الصدفية، وأيضاً الأكزيما. كما أنّ دهن الجسم بهذا الزيت يفيد في حالات التهاب المفاصل، وما ينجم عنها من آلام، وأيضاً في مرض الروماتيزم، ويُذكر بأنّه وفي حال المعاناة من صداعٍ نصفيّ، يمكن أن تدلّك الجبهة بهذا الزيت وبالتالي سيؤدي إلى التخفيف من ألم الرأس، ويعود ذلك لوجود مادة الباثنوليدات في خصائصه وهي التي تؤثّر في تهدئة الألم وتسكينه.
وكذلك يعتبر دهن زيت الغار لـ( اللثة والأسنان ) من أفضل الطرق للوقاية من التسوّس والمقاومة لها، ويعود ذلك لوجود مادة السينيول الكيميائيّة، التي تطهّر وتحمي، وخاصّة الإلتهابات التي تصيب الفم.