الضمير
عرف الإنسان الضمير منذ فجر التاريخ، وكان المحرّك الأساسي للعديد من الأفعال الإنسانيّة التي أدّت إلى تطوّر البشرية وتقدّمها نحو الأفضل، ومن الثابت أنّ الضمير يسهم في رقيّ الإنسان وتقدّمه من خلال توجيه البشريّة نحو الحق والابتعاد عن الباطل، وقد يختلف عمل الضمير من شخص إلى آخر، بسبب طبيعة الإنسان التي تتأثّر بالبيئة المحيطة والنشأة، إلا أنّ وجوده لدى الإنسان لا خلاف فيه، كما يخضع الضمير لحالات من المدّ والجزر بما يصيب الإنسان نفسيّاً، ويمكن للإنسان أن يزيد من تغليب ضميره على الأفعال التي يقوم بها من خلال التفكر في أهميّة القيم الإنسانيّة الحميدة والوصايا التي أتى بها الدين.
تعريف الضمير
في الفلسفة
يُعرف الضمير في الفلسفة على أنّه مركّب من خبرات يكتسبها الإنسان وجدانيّاً تساعده على فهم المسؤوليّة الأخلاقيّة للسلوكيّات التي ينتهجها وسط مجتمعه، وذلك بتمييزه بين الحق والباطل بناء على وضعه في المجتمع، فالضمير عند الفلاسفة لا يورّث، وإنّما يكتسبه الإنسان من خلال التربية والظروف المعيشيّة، ويرتبط الضمير كذلك بأداء الواجب، حيث إنّ التقصير في أداء الواجبات السلوكيّة يصحبه ما يعرف بتأنيب الضمير، وهكذا فإنه يعد قوة دافعة للتهذيب الذاتيّ للفراد، وبالتالي سيادة الأخلاق الحميدة في المجتمع.
في علم النفس
- يتعلّق الضمير في علم النفس بالأنا، وبذلك فهو نظام تقييميّ ذاتي وخارجي، فالإنسان يقيّم تصرّفاته ويتلقى في ذات الوقت ردود أفعال أو تقييمات من الآخرين بناء على تلك التصرّفات، وهكذا فإنه يوجد بالإضافة إلى الضمير الفردي آخر جماعي قد يتّسع ليشمل المجتمع بأكمله، وهو ما يفسر الثورات الشعبيّة على الظلم والاضطهاد.
- يتّصف الضمير بالشموليّة، فلا يقتصر عمل الضمير على جانب واحد من جوانب الشخصيّة، وإنّما يشمل الشخصية ككل، كذلك لا يقيّم الضمير الأفعال التي قام بها الإنسان في الماضي فقط، بل يشمل الأفعال في الوقت الحاضر والنوايا المستقبليّة أيضاً.
- قد يتعرّض الضمير لما يُعرف بالتشوّهات، فيبالغ في تقدير الأخطاء وزيادة الشعور بالذنب لدى المرء بصورة غير موضوعيّة، كذلك قد يميل إلى الخمول؛ نظراً للعوامل الخارجيّة فيكون الإنسان بليداً قاسياً، وتنزع عنه العديد من الصفات الحميدة.
في العلم الحديث
يُفسّر علماء الأعصاب في العصر الحديث الضمير بأنّه أحد الوظائف الدماغيّة التي طوّرها الإنسان خلال التاريخ، لتسهيل السلوكيات الموجهة لمساعدة الآخرين، في سد احتاجياتهم والقيام بوظائفهم، دون توقع مكافآت خاصة في المجتمع، وهو بتلك الصيغة مجرّد توصيف لمجموعة من المبادئ والمشاعر وسياق متكامل من القيم التي تحكم الإنسان، فيكون سلوكه جيداً تجاه الآخرين، ويعمل عمل الميزان بالنسبة للحس والوعي، لتمييز الصواب من الخطأ مع توجيه النفس ناحية الصواب.