أبيات شعر أبو الطيب المتنبي

كتابة - آخر تحديث: ١٥:٢٨ ، ٢٠ فبراير ٢٠١٩
أبيات شعر أبو الطيب المتنبي

حنين دائم وزفير

ألآل إبراهيم بعد محمد

إلا حنين دائم وزفير

ما شك خابر أمرهم من بعده

أن العزاء عليهم محظور

تدمي خدودهم الدموع وتنقَضي

ساعات ليلهم وهن دهور

أبناء عم كل ذنب لامرئ

إلا السعاية بينهم مغفور

طار الوشاة على صفاء ودادهم

وكذا الذباب على الطعام يطير

ولقد منحت أبا الحسين مودة

جودي بها لعدوه تبذير

ملك تكوّن كيف شاء كأنما

يجري بفصل قضائه المقدور[١]


أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا

أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا

والبين جار على ضعفي وما عدلا

والوجد يقوى كما تقوى النوى أبدا

والصبر ينحل في جسمي كما نحلا

لولا مفارقة الأحباب ما وجدت

لها المنايا إلى أرواحنا سبلا

بما بجفنيك من سحر صلي دنفا

يهوى الحياة وأما إن صددت فلا

إلا يشب فلقد شابت له كبد

شيبا إِذا خضبته سلوة نصلا

يجن شوقا فلولا أن رائحة

تزوره في رياح الشرق ما عقلا

ها فانظري أو فظني بي تري حرقا

من لم يذق طرفا منها فقد وألا

عل الأمير يرى ذلي فيشفع لي

إلى التي تركتني في الهوى مثلا

أيقنت أن سعيدا طالب بدمي

لما بصرت به بالرمح معتقلا

وأنني غير محص فضل والده

ونائل دون نيلي وصفه زحلا

قَيل بمنبج مثواه ونائله

في الأفق يسأل عمن غيره سألا

يلوح بدر الدجى في صحن غرته

ويحمل الموت في الهيجاء إن حملا

ترابه في كلاب كحل أعينها

وسيفه في جناب يسبق العذلا

لنوره في سماء الفخر مخترق

لو صاعد الفكر فيه الدهر ما نزلا

هو الأمير الذي بادت تميم به

قدما وساق إليها حينها الأجلا

لما رَأوهُ وخيل النصر مقبلة

والحرب غير عوان أسلموا الحللا

وضاقَت الأرض حتى كان هاربهم

إذا رأى غير شيء ظنه رجلا

فبعده وإلى ذا اليوم لو ركضت

بالخيل في لهوات الطفل ما سعلا

فقد تركت الألى لاقَيتهم جزرا

فقد قتلت الألى لم تلقهم وجلا

كم مهمة قذف قلب الدليل به

قَلب المحب قضاني بعدما مطلا

عقدت بالنجم طرفي في مفاوزه

وحر وجهي بحر الشمس إذ أفَلا

أنكحت صم حصاها خف يعملة

تغشمرت بي إليك السهل والجبلا

لو كنت حشو قَميصي فوق نمرقها

سمعت للجن في غيطانها زجلا

حتى وصلت بنفس مات أكثرها

وليتني عشت منها بالذي فضلا

أرجو نداك ولا أخشى المطال به

يا من إذا وهب الدنيا فقد بخلا[٢]


الخيل والليل والبيداء تعرفني

ومن قصائد المتنبي المشهورة:[٣]

واحر قلباه ممن قلبه شبم

ومن بجسمي وحالي عنده سقم

ما لي أكتم حبا قد برى جسدي

وتدعي حب سيف الدولة الأمم

إن كان يجمعنا حب لغرته

فليت أنا بقدرالحب نقتسم

قد زرته وسيوف الهند مغمدة

وقد نظرت إليه والسيوف دم

فكان أحسن خلق الله كلهم

وكان أحسن ما في الأحسن الشيم

فوت العدو الذي يممته ظفر

في طيه أسف في طيه نعم

قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت

لك المهابة مالا تصنع البهم

ألزمت نفسك شيئا ليس يلزمها

أن لا يواريهم بحر و لا علم

أكلما رمت جيشا فانثنى هربا

تصرفت بك في آثاره الهمم

عليك هزمهم في كل معترك

وما عليك بهم عار إذا انهزموا

أما ترى ظفرا حلوا سوى ظفر

تصافحت فيه بيض الهند واللمم

يا أعدل الناس إلّا في معاملتي

فيك الخصام وأنت الخصم والحكم

أعيذها نظرات منك صادقة

أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم

وما انتفاع أخي الدنيا بناظره

إذا استوت عنده الأنوار والظلم

سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا

بأنني خير من تسعى به قدم

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صمم

أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الخلق جراها ويختصم

وجاهل مده في جهله ضحكي

حتى أتته يد فراسة وفم

إذا رأيت نيوب الليث بارزة

فلا تظنن أنّ الليث يبتسم

ومهجة مهجتي من هم صاحبها

أدركتها بجواد ظهره حرم

رجلاه في الركض رجل واليدان يد

وفعله ما تريد الكف والقدم

ومرهف سرت بين الجحفلين به

حتى ضربت وموج الموت يلتطم

الخيل والليل والبيداء تعرفني

والسيف والرمح والقرطاس والقلم

صحبت في الفلوات الوحش منفردا

حتى تعجب مني القور والأكم

يا من يعز علينا أن نفارقهم

وجداننا كل شيء بعدكم عدم

ما كان أخلقنا منكم بتكرمة

لو أن أمركم من أمرنا أمم

إن كان سركم ما قال حاسدنا

فما لجرح إذا أرضاكم ألم

وبيننا لو رعيتم ذاك معرفة

إن المعارف في أهل النهى ذمم

كم تطلبون لنا عيباً فيعجزكم

ويكره الله ما تأتون والكرم

ما أبعد العيب والنقصان من شرفي

أنا الثريا وذان الشيب والهرم

ليت الغمام الذي عندي صواعقه

يزيلهن إلى من عنده الديم

أرى النوى تقتضيني كل مرحلةٍ

لا تستقل بها الوخادة الرسم

لئن تركن ضميرا عن ميامننا

ليحدثن لمن ودعتهم ندم

إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا

أن لا تفارقهم فالراحلون هم

شر البلاد مكان لا صديق به

وشر ما يكسب الإنسان ما يصم

وشر ما قنصته راحتي قنص

شبه البزاة سواء فيه والرخم

بأي لفظ تقول الشعر زعنفة

تجوز عندك لا عرب ولا عجم

هذا عتابك إلّا أنّه مقة

قد ضمن الدر إلّا أنّه كَلِمُ


المراجع

  1. أحمد بن حسين الجعفي المتنبي أبو الطيب (1983)، ديوان المتنبي، بيروت: دار بيروت للطباعة والنشر، صفحة 74.
  2. المتنبي، "أحيا وأيسر ما قاسيت ما قتلا"، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-16.
  3. المتنبي، "الخيل والليل والبيداء تعرفني"، /www.aldiwan.net، اطّلع عليه بتاريخ 2019-2-16.
803 مشاهدة