محتويات
حقيقة العبادة وأنواعها في الإسلام
تختلف العبادة في الإسلام عنها في غيره من الديانات في حقيقتها ومقاصدها ونتائجها، فهي ليست طقساً من الطقوس العادية التي يمكن للإنسان أن يفعلها كما يشاء ووقتما يشاء، وإنّما هي الغاية الكبرى والهدف الأسمى الذي خلق الله -تعالى- الإنسان من أجله، والعبادة في الإسلام تعدّ حقاً واجباً على العباد لله عزّ وجلّ، وهي تشمل حياة الإنسان بكلّ جوانبها، فتشمل كلامه وأفعاله وحركاته وسكناته وظاهره وباطنه وعلاقاته بمختلف أنواعها؛ كالعلاقات الاجتماعية والدولية، وغير ذلك، كما أنّها تَلزمه إلى آخر لحظةٍ في حياته، وهي مقامٌ شريفٌ عظيمٌ، يعدّ أرفع المقامات وأشرفها، وقد شرُف بأدائها الملائكة والأنبياء والمرسلون جميعاً عليهم الصلاة والسلام، ومنهم محمدٌ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي وصفه ربه -جلّ وعلا- بالعبودية تكريماً وتشريفاً له، قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا)،[١] وهكذا فكلّما زاد العبد في عباداته سما في رتبته، وارتقى في مدارج السالكين حتى يصل إلى مقام المنعّمين.[٢]
والعبادة في الإسلام لها مقاصد وغايات تشمل تحقيق مصالح ومنافع الناس في الدنيا والآخرة، فغايتها أن تقي الإنسان ومجتمعه وأسرته من كل الآفات والمهلكات، كما تهدف أمهات العبادات في الإسلام إلى تزكية النفس وتطهيرها من كلّ رذيلةٍ، وتحليتها بكلّ فضيلةٍ أيضاً، كما أنّها طريقةٌ لمحو الذنوب والآثام، ورفع الدرجات، وهي طريقٌ للفوز والنجاح والنجاة من عذاب الله عزّ وجلّ، وكلّ ما فيها يعود بالنفع على الإنسان ويدرء عنه المفسدة، وليست المشقة في العبادة غايتها المقصودة، فالحرج مرفوع فيها، قال الله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ)،[٣] وللعبادة في الإسلام أنواع ثلاثة، فأولها العبادات القلبية؛ وتشمل الحب والخوف والرجاء والخشية والتوكّل ونحوه، وثانيها العبادات اللسانية؛ وهي التي يؤديها العبد بقصد التقرّب من الله عزّ وجلّ، ومنها: الشهادتين والمشي بين الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعاء، وتلاوة آيات القرآن الكريم، وثالثها العبادات البدنية، ومثالها: الصلاة، والنحر، والحجّ، والجهاد وغيرها من أنواع العبادات، فلا مستحقٌّ للعبادة إلّا الله سبحانه.[٢][٤]
أنواع الصلوات في الإسلام
فرض الله سبحانه على المسلمين خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وهي بلا شكّ عمود الإسلام وركنٌ عظيم من أركانه، وشرع نوعاً آخراً من الصلاة هو صلاة التطوع، ويشمل كلّ صلاةٍ مشروعةٍ في الإسلام زيادةً على الصلوات الخمس المفروضة، وفيما يأيت بيان أنواع صلاة التطوع:[٥][٦]
- النوافل التي تتبع صلاة الفريضة؛ وهي التي تسمّى بالسنن الرواتب، فقد كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يصلّي بعض الصلوات قبل صلاة الفريضة أو بعدها، ويرغّب المسلمين بفعل ذلك، وتنقسم السنن الرواتب إلى رواتب مؤكّدةٍ، ورواتب غير مؤكدةٍ، كما يأتي:
- الرواتب المؤكّدة هي:
- ركعتان قبل صلاة الفجر.
- أربع ركعاتٍ قبل صلاة الظهر، وركعتان بعدها.
- ركعتان بعد صلاة المغرب.
- ركعتان بعد صلاة العشاء.
- الرواتب غير المؤكّدة هي:
- أربع ركعاتٍ قبل صلاة العصر.
- ركعتان قبل صلاة المغرب.
- ركعتان قبل صلاة العشاء.
- الرواتب المؤكّدة هي:
- النوافل من غير السنن الرواتب؛ وهي كثيرةٌ؛ فمنها صلاة الوتر، وهي تعدّ آكد النوافل على الإطلاق، وأقلّ ما تؤدّى به ركعةً واحدةً، وأكثره أحد عشر ركعة، ويبدأ وقتها بعد صلاة العشاء إلى حين طلوع الفجر، ومنها أيضاً صلاة الضحى؛ وأقلّ ما تؤدى به ركعتان، وأكثرها اثنتا عشر ركعةً، ويبدأ وقتها بعد طلوع الشمس بما يقارب خمسة عشر دقيقة، وينتهي قبل الزوال.
- النوافل المؤكّدة المرتبطة في أوقات معينةٍ؛ كسنة الوضوء؛ وهي ركعتان، والاستخارة؛ وهي ركعتان كذلك، وأضاف بعض العلماء سنة النكاح؛ وهي ركعتان يؤدّيهما العبد عند الدخول على زوجته، كما يضيفون صلاة الحاجة أيضاً؛ وهي ركعتان يؤديهما العبد عندما يكون لديه حاجةً إلى الله تعالى، أو إلى أحدٍ من الناس، إلّا أنّ في ثبوت آخر صلاتين خلافٌ بين الفقهاء.
- النوافل التي تصلّى جماعةً؛ مثل صلاة العيدين التي تؤدّى ركعتين، وصلاة الاستسقاء وهي ركعتين كذلك، وصلاة الخسوف والكسوف.
- النوافل التي تؤدّى دون تقييدٍ بعددٍ معينٍ، وتسمى بالنوافل المطلقة، ويجوز للعبد أن يصلّيها في أي وقتٍ، عدا أوقات المنع والكراهة.
شروط صحّة العبادة في الإسلام
حتى تكون العبادة صحيحةً مقبولةً في الإسلام فلا بدّ من توافر بعض الشروط فيها، وفيما يأتي بيانها:[٧]
- أن تكون العبادة موافقةً للشريعة الإسلامية في سببها، فإن تعبّد العبد بعبادةٍ مبنيةٍ على سببٍ غير مُثبتٍ في الإسلام كانت عبادته مردودةً.
- أن تكون العبادة موافقةً للشريعة الإسلامية في جنسها، فلا يجوز مثلاً أن يضحي الإنسان بفرسٍ؛ لأنّ الأضحية لا تكون إلّا في بهيمة الأنعام من البقر والغنم والإبل.
- أن تكون العبادة موافقةً للشريعة الإسلامية في قدْرها، فلا يجوز لأحدٍ أن يصلّي صلاة الظهر ستة ركعاتٍ؛ لأنّ ذلك غير موافقٍ للقدر الذي أمرت به الشريعة لركعات صلاة الظهر.
- أن تكون العبادة موافقةً للشريعة الإسلامية في كيفيتها، ومثال ذلك أن يتوضأ العبد دون أن يرتّب صفة وضوءه، فيمسح رأسه أولاً، ثمّ يغسل قدميه، ثمّ يعود فيغسل مرفقيه ونحو ذلك، فلا يصحّ وضوءه، لأنّ ذلك غير موافق للكيفية التي أمرت بها الشريعة للوضوء.
- أن تكون العبادة موافقةً للشريعة الإسلامية في زمانها؛ فلا يجوز للعبد أن يصوم في شهر شعبان بدل رمضان مثلاً، أو يصلي الظهر قبل الزوال.
- أن تكون العبادة موافقةً للشريعة الإسلامية في مكانها؛ فلا يجوز للحاجّ أن يقف في مزدلفة يوم عرفة مثلاً؛ لأنّ فعله ذلك غير موافقٍ للشريعة الإسلامية في مكان العبادة التي أدّاها.
المراجع
- ↑ سورة الفرقان، آية: 1.
- ^ أ ب أحمد عماري (2017-2-18)، "حقيقة العبادة في الإسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 6.
- ↑ الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر (2016-5-4)، "أنواع العبادة في الاسلام"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ "الصلوات المسنونة، أنواعها ومراتبها"، www.fatwa.islamweb.net، 2001-5-8، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ "الصلوات غير المفروضة"، www.ar.islamway.net، 2003-12-6، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.
- ↑ "شروط العبادة في الإسلام"، www.islamqa.info، 2002-7-20، اطّلع عليه بتاريخ 2018-12-24. بتصرّف.