محتويات
الصلاة حبل الله الذي لا ينقطع
فرض الله -تعالى- الصّلاة على كلّ مسلم، وقد حثّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعليمها للأطفال؛ فقال: (مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ و هم أبناءُ سبعِ سِنِينَ)،[١] وعدم الالتزام بالصلاة يعني معصية الله -تعالى- والانحراف عن الطريق الصحيح، وقد كان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- كلّما ضاق وتعسّرعليه أمرٌ لجأ إلى الصلاة؛ فهي الحبل الواصل بين العبد وربّه، كما وتقرّبه إليه فيشعر العبد بالسّكينة والرِضا ويزداد محبّة من ربّ العالمين، قال -صلّى الله عليه وسلم- في الحديث القُدسيِّ عن ربّه -تعالى-: (وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ).[٢][٣][٤]
وللصّلاة أهمية ومكانة عظيمة للمسلمين؛ فهي الرّكن الثّالث من أركان الإسلام وهي عمود الدين؛ فهو قائم بها كأحد أساساته الرئيسيّة المهمّة، وهي أوّل مايحاسب عليه النّاس يوم القيامة، قال النّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ بِه العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه فإن صلحت فقد أفلحَ وأنجحَ وإن فسدت فقد خابَ وخسرَ فإن انتقصَ من فريضة شيئًا قالَ الرَّبُّ تبارك وتعالى انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فيُكمَّلَ بِها ما أنتقصَ منَ الفريضةِ ثمَّ يَكونُ سائرُ عملِه علَى ذلِك).[٥]
وهي آخر وصايا النّبيّ -صلى الله عليه وسلم- قبل وفاته.[٦]
كيفية صلاة الظهر والعصر
يصلّي المسلمون خمس صلواتٍ في اليوم والليلة، وقد بيّنت السنّةُ الشّريفةُ عدد ركعاتِ كلِّ صلاةٍ ووقتها وصفتها، ومن ذلك عدد ركعات صلاة الظهرِ وصلاةِ العصرِ وهو أربعُ ركعاتٍ، ويجب توافر شروط الصلاة الصحيحة فيها لتكون مقبولة؛ كدخول وقت الصّلاة، والطّهارةِ في الّلباس والمكان، واستقبال القبلة، وقبلة المسلمين هي الكعبة المشرّفة في مكّة المكرّمة، ثم يبدأ المسلم بأداء بالصلاة، وخطواتها كما يأتي:[٧][٨]
- الركعة الأولى: يكبّر المصلّي تكبيرة الإحرام ويرفع يديه أثناء التّكبير، ثم يقرأ دعاء الاستفتاح، ثم يستعيذ بالله -تعالى- من الشيطان الرجيم، ثم يقرأ الفاتحة، وبعد ذلك يقرأ ما تيسّرله من القرآن، ثم يكبّر ويركع بأن ينحني ويكون رأسه وظهره متساويان وتكون كلتا يديه على ركبتيه، ويقول في ركوعه:"سبحان ربي العظيم" ثلاث مرّات، وعند الاعتدال من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده"، ويقول هو قائم: "ربنا ولك الحمد، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ملءَ السماوات وملءَ الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد"، ويُكَبِّر ويسجد ويعتمد على جبهته وأنفه وكفّيه وركبتيه وأطراف أصابعه، ويقول وهو ساجد: "سبحان ربي الأعلى" ثلاث مرات، ويدعو بما يشاء، ثم يكبّر ويجلس مطمئنّاً مفترشاً الرجل اليسرى، ويقول: "رب اغفرلي وارحمني وعافني وارزقني واهدني واجبرني" ثم يكبّر ويسجد مثل السجدة السابقة ثم يكبّر ويقوم للركعة الثانية.
- الركعة الثانية: يصلّيها مثل الركعة الأولى تماماً، ولكن بعد السجدة الثانية يجلس للتشهّد ويقول: "التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله"، فيكبّر ويقوم بعد التشهد للركعة التي تليها.
- الركعة الثالثة: يفعل كما فعل في الركعة السابقة يقرأ الفاتحة وما تيسّر من القرآن ثم يكبّر ويركع ثم يقوم من الركوع ثم يكبّر ويسجد سجدتين ويجلس بينهما ثم يقوم بعد السجود الثاني للركعة التي تليها.
- الركعة الرابعة: تصلى مثل باقي الركعات السابقة، ويجلس بعد السجدة الثانية، فيقرأ التشهّد، ثم يقول: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، ثم يدعو بما شاء، ويسلّم عن يمينه ويقول: "السلام عليكم ورحمة الله"، ثم يسلّم عن شماله كذلك.
تختصّ كلّ صلاة بوقت محدد لأدائها، ووقت صلاة الظهر يبدأ بزوال الشّمس عن وسط السّماء إلى اتّجاه الغرب؛ فيكون ظلّ الأشياء باتّجاه الشّرق، أمّا نهاية وقت صلاة الظهر فقد بيّن جمهور الفقهاء من شافعية ومالكية وحنابلة أنّ وقت صلاة الظّهر ينتهي عندما يتساوى ظلّ كلّ شيءٍ معه، ودليلهم ما ذُكِر في سنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قصّة الرّجل الّذي سأل النّبي -صلّى الله عليه وسلم- عن أوقات الصلوات فقال: (ثم صلَّى الظهرَ اليومَ الثاني حين كان ظلُّ كلِّ شيٍء مثلُه)[٩] وذهب أبو حنيفة إلى أنّ وقت الظهر ينتهي حين يصير ظلّ الشيئ كمثليه في الطول، ما عدا الظلّ الحاصل وقت الزوال، أمّا بالنّسبة لصلاة العصر فاتّفق الفقهاء على أنّ وقتها يبدأ بانتهاء وقت صلاة الظّهر، وينتهي عندما يكون ظلّ الأشياء مثليها، وتكره الصّلاة قبل الغروب بقليل إلّا للضرورة.[١٠][١١]
الحكمة من سرية صلاتي الظهر والعصر
يعتبر الجهر بالصّلاة أو الإسرار فيها من هَدي وسنّة النّبي -صلى الله عليه وسلم-، ويفضّل الجهر بالصّلاة في موضع الجهر، وهو ليس واجباً، وإذا لم يجهرالمصلّي في صلاته؛ إمّا أن يكون إماماً فصلاته صحيحة ولكنّها ناقصة، وإمّا أن يكون منفرداً فله الخيار بالجهر أو عدمه، والمسلم يلتزم بأوامر الله -تعالى- واتّباع هدي نبيّه -عليه السلام- من دون السؤال حول العِلَّةِ والحِكمَةِ في ذلك؛ فينفذ الأمر ثم يبحث عن السّبب والعِلّة، والمسلمون يتّخذون النبي -صلى الله عليه وسلم- قدوةً لهم في أداء شعائر الله -تعالى- ومنه يتعلّمون أمور دينهم، قال الله -تعالى-:(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ).[١٢][١٣] وقد كانت الحكمة في سريّة صلاتي الظهر والعصر هو أنّ النهار وقت للسعي في طلب الرزق؛ فإذا قرأ المسلم بنفسه وفي سرّه ازداد خشوعه وابتعد عن الانشغال بغير الصلاة من أمور أخرى، وأمّا إذا قرأ الإمام بصوت عالٍ فقد يدور في بال المسلم أمور أخرى لأنّ الإمام هو الذي يقرأ وليس المصلّي.[١٤][١٥]
المراجع
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 5868، حسن.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502 ، صحيح.
- ↑ عبد الرحمن الدوسري (1402 هـ - 1982 م )، الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة (الطبعة الأولى)، الكويت: مكتبة دار الأرقم، صفحة 116-117، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو زهرة (1987)، زهرة التفاسير (الطبعة الأولى)، القاهرة-مصر: دار الفكر العربي، صفحة 4044، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 413، صحيح.
- ↑ مجموعة من المؤلفين (1404 - 1427 هـ)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دارالصفوة، صفحة 51-52، جزء 27. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الزيد (1423 هـ)، تعليم الصلاة ، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 21-29، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ "كيفية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"، www.islamqa.info، 17-05-2001، اطّلع عليه بتاريخ 3-8-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الذهبي ، في المهذب، عن جد عمرو بن شعيب، الصفحة أو الرقم: 1/360، إسناده صحيح.
- ↑ أ. د. عَبد الله بن محمد الطيّار، أ. د. عبد الله بن محمّد المطلق، د. محمَّد بن إبراهيم الموسَى (1433 هـ - 2012 م)، الفِقهُ الميَسَّر (الطبعة الثانية)، الرياض - المملكة العربية السعودية : مَدَارُ الوَطن للنَّشر، صفحة 245-246، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوَّى (1414 هـ - 1994 م)، الأساس في السنة وفقهها - العبادات في الإسلام (الطبعة الأولى)، مصر: دار السلام، صفحة 516، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
- ↑ الموقع بإشراف الشيخ محمد صالح المنجد (26 ذي القعدة 1430، هـ = 15 نوفمبر، 2009 م)، القسم العربي من موقع (الإسلام، سؤال وجواب) ، صفحة 1850، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ ابن باز، فتاوى نور على الدرب، صفحة 223-224، جزء 8. بتصرّف.
- ↑ الرملي، شمس الدين (1404هـ/1984م)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (الطبعة الأخيرة)، بيروت: دار الفكر، صفحة 494. بتصرّف.