محتويات
أهميّة الصّلاة
إنّ كلّ مسّلم يعلم أهميّة الصّلاة في الإسلام، فهي ثاني أركان الإسلام الخمسة وأعظمها بعد الشهادتين، والصّلاة عمود الدّين الإسلاميّ وهي أوّل ما يُسئل عنه العبد يوم القيامة فإذا حسُنت صلاته ورجُحت كفّتها فقد أفلح وفاز، وفرض الله -تعالى- على المسلمين خمسة فروض في اليوم والليلة، وجعل لكلّ صلاة مفروضة موعداً محدّداً لإقامتها؛ حيث قال الله تعالى: (فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا)،[١] فعلى المسّلم الالتزام بالصّلاة في مواعيدها وألّا يؤخّرها إلى غير وقتها إلّا بعذر، فالله -تعالى- لم يُسقط الصّلاة في الحرب وفي المرض الشديد وأُوجد أحكاماً استثنائيّة لذلك، وإنْ حصل طارئ بالمسّلم من نوم أو نسيان وغير ذلك من الظروف وفاتته الصّلاة فيجب عليه قضاؤها، فكيف يتم قضاء الصّلاة؟
كيفيّة قضاء صلاة الظّهْر
يجبُ على المسّلم أن يحرص على أداء الصّلاة المكتوبة عليه، وقد تفوت الصّلاة بأحد سببين؛ أوّلهما: النسيان والغفلة عن أدائها، وثانيها: ترك الصّلاة عمداً وقصداً، فإن غفل المرء أو نام عن صلاة الظُّهْر حتى دخل وقت صلاة العصر فعليه أن يقضي صلاة الظّهْر وقت تذكّرها؛ حيث قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (من نسي صلاةً أو نام عنها، فكفارتُها أن يصلّيها إذا ذكرها)،[٢] فلا خلاف بين الفقهاء أنّ المسّلم عليه قضاء صلاة الظُّهْر حين يتذكّرها ولو كان القضاء في وقت صلاة العصر؛ إذْ يقضي صلاة الظُّهْر ولا يُبقيها في ذمته، ثمّ يأتي بصلاة العصر؛ لأنّ التّرتيب مطلوب في أداء الصّلوات المفروضة، وكذلك إن نام الإنسان عن صلاتيّ الظُّهْر والعصر فاستيقظ في وقت صلاة المغرب فعليه أن يقضي صلواته بالترتيب.[٣][٤]
وإذا ترك الإنسان صلاة الظُّهْر عامداً يكون عاصياً بالله تعالى، وقد اختلف العلماء بحُكْم قضاء الصّلاة، فذهب جمهور العلماء إلى وجوب قضاء الفرض المتروك عمداً؛ لأنّ النّاسي يقضي صلاته إذا ذكرها، فمن باب أولى أن يقضي المتعمّد الصّلاة التي تركها، والرأي الآخر للعلماء ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية وأصحاب الشافعيّ وابن حزم الظاهريّ يفيد بأنّ العامد لترك الصّلاة لا يقضيها؛ إذْ لا تُقبل منه ولا تصحّ، لأنّه أدّاها في غير وقتها دون عذر شرعيّ يُبيح له ذلك، واحتجّوا أيضاً بأنّ من ترك الصّلاة عامداً يكون ضمن حالتين؛ أولاهما: أنّه كافر والرّجوع إلى الإسلام يجبّ ما قبله فلا ذنب عليه ولا قضاء، وثانيهما: أنّه غير كافر وإنّما هو من العُصاة، وعليه أن يتوب توبةً نصوحاً إلى الله تعالى، والتّوبة النصوح تجُبّ ما قبلها من ذنوب ومعاصي.[٣][٤]
وقال عمر بن الخطّاب وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ومحمّد بن سيرين وغيرهم بأنّ الصّلاة تفوت بانتهاء وقتها، لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي ورد فيه: (من فاتَتْه العصرُ فكأنما وَتِرَ أهلَه ومالَه)،[٥] وقيل في تفسير الحديث الشريف إنّ من فاتته الصّلاة فاته خير، ولو أنّ قضاء الصّلاة يُوصل الإنسان إلى إدراك الفضل والخير لَما قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بأنّه فاته؛ لأنّ ما فات لا يُدرك حتى لو قُضيت الصّلاة؛ فدلّ ذلك على أنّ قضاء الصّلاة لا يُجزئ عن أداء الصّلاة لِمن فاتته عمداً، بخلاف من نام عن الصّلاة أو غفل عنها فإنّه يقضيها حين يذكرها وليس عليه أي شيء آخر.[٤][٣]
أحكام قضاء الصّلوات
ذكر العلماء عدّة آراء فيما يتعلّق بقضاء الصّلاة على مَن فاتته، وفيما يأتي ذكر بعض الآراء:[٤]
- قال ابن حزم الظاهريّ -رحمه الله- فيمَن ترك الصّلاة عامداً: (من تعمّد ترك الصّلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبداً، فليكثر من فعل الخير وصلاة التطوّع، لعلّ الله يتوب عليه ويغفر ذنبه).
- يكون ترك الصّلاة في بعض الحالات بسبب عذر شرعيّ؛ مثل: الغيبوبة فيكون المرء في الغيبوبة غير مدرك لِما يجري حوله؛ فحينئذ تسقط عنه الصّلاة ولا يقضيها.[٦]
- يعتقد المسّلم أنّه إذا قصّر وترك الصّلاة فترةً طويلةً تمتدّ إلى سنواتٍ أنّ عليه أن يصلّي فرض قضاء مع كلّ فرض يصليّه حاضراً، وقال العلماء في ذلك أنّ على من اعترف في تقصيره أن يتوب من ذنبه إلى الله -تعالى- مع عدم العودة إلى ذات الذّنب لاحقاً، وليس عليه إعادة شيء من الفروض التي فاتته سابقاً.
توبة تارك الصّلاة
من رحمة الله -تعالى- ولطفه بعباده أن جعل باب التّوبة مفتوحاً لهم في أيّ وقتٍ وفي كلّ مكان، وحثّ المؤمنين ورغّبهم في التّوبة وجلعها واجبة على كلّ مسّلم؛ حيث قال الله تعالى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)،[٧] وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (يا أيها الناسُ؛ توبوا إلى اللهِ، فإني أتوبُ في اليومِ إليه مئةَ مرةٍ)،[٨] فمن كان مقصّراً في صلاته فعليه أن يُقبِل إلى الله -تعالى- ويحقّق التّوبة النّصوح التي يقبلها الله تعالى، وعلى التائب أن يعلم أنّ الله -تعالى- يفرح بتوبته ويغفر سيئاته ويمحوها من صحيفته، ويُجزل له الأجر والثّواب بسبب إقباله إلى الله -تعالى- وترك ما كان من التّقصير في العبادات والطّاعات، وقد صنّف العلماء أنّ من ترك الصّلاة مُنكراً لها فقد كفر، وأمّا من ترك الصّلاة مُتكاسلاً عنها مُنشغلاً بغيرها لا يُعدّ كافراً برأي بعض العلماء ولكنّ التّوبة الصّادقة واجبة عليه.[٩]
المراجع
- ↑ سورة النساء، آية: 103.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 648، صحيح.
- ^ أ ب ت "حكم قضاء الصلاة الفائتة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-15. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ث "حكم قضاء الصلاة التي تُركت عمداً "، www.ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-15. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 626، صحيح.
- ↑ "لا يتذكر عدد الصلوات ولا أيام الصيام الواجبة في ذمته فماذا يفعل؟"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-15. بتصرّف.
- ↑ سورة النور، آية: 31.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن الأغرّ المزني أبي مالك، الصفحة أو الرقم: 2702، صحيح.
- ↑ "توبة تارك الصلاة"، www.fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 2018-3-15. بتصرّف.