محتويات
أهميّة الصّلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتَين، وهي عبادة واجبة ومفروضة على كلّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ؛ ذكراً كان أو أنثى، وهي عمود الدين، والوسيلة التي تصل العبد بربّه عزّ وجلّ، وقد فُرِضت الصلاة على المسلمين في ليلة الإسراء والمعراج، وهي عبادة يوميّة تُؤدّى خمس مرّات في اليوم، وهيك الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ولا يُقبَل من مسلم تركها، ولا تسقط عن مُكلَّف بأيّ حالٍ من الأحوال، إلّا المرأة في الحيض والنفاس، وهي أول ما يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة، ولِعظيم شأنها جعلها الله -تعالى- سبباً في محو الذنوب، وقد وردت آيات قرآنية كثيرة تؤكّد على أهميّتها، قال الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)،[١] وقال في موضع آخر: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)،[٢] وهناك بعض الصلوات المشروعة في أيّام ومناسبات معيّنة، مثل: صلاة العيد، والجنازة، والكسوف، والاستسقاء، وغيرها من الصّلوات، وقد جعل الشرع للصلاة شروطاً، وأركاناً، وواجباتٍ، وأحكاماً فقهيّةً مختلفةً تضمن للعبد صحّة صلاته، فما هي أركان الصلاة التي لا تُقبَل الصّلاة دونها؟
تعريف الصّلاة وحُكمها
قبل التعرّف على أركان الصّلاة، لا بدّ من بيان المقصود منها لُغةً واصطلاحاً:
- تعريف الصّلاة لُغةً: الصّلاة اسم، وجمعها صلوات، وتعني: الدّعاء والعبادة؛ فيُقال: صلّى فلان؛ أي: أدّى الصلاة، وهي عبادة مخصوصة، ويُقال: صلّى فلان؛ أي: دعا ربّه.[٣]
- تعريف الصّلاة شرعاً: هي عبادة لله -سبحانه وتعالى- وتكون بأقوال وأفعال مخصوصة مُحدَّدة، تُفتَتَح بالتكبير، وتُختَتَم بالتسليم، وسُمِّيت بالصّلاة لأنّها تشتمل على الدعاء والتَّضرع إلى الله تعالى؛ فالصّلاة في حقيقتها وأصل معناها هي اسم لكلّ دعاء.[٤]
- حُكم الصّلاة: تجب الصّلاة على كلّ مسلم بالغ عاقل، فهي فريضة من فرائض الإسلام، ولا يجوز لمسلم أن يقصِّر فيها، أو يتركها، فقد قال الله تعالى: (فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)،[٥] ومَن ترك الصلّاة جحوداً بها، وإنكاراً لها، فهو كافر خارج من ملّة الإسلام بإجماع المسلمين، لذا فإنّه يُستَتاب وإلّا قُتِل بردّته بجحوده للصّلاة، ومَن تركها تكاسلاً من غير عُذر دون إنكار لفرضيّتها، فقد اختلف حُكم الفقهاء في شأنه.[٦]
أركان الصلاة
الصّلاة المشروعة لها أركان تُشكّل في مجموعها صفة الصّلاة الصحيحة؛ فترك المُصلّي لرُكن من أركانها يُبطلها، وتجب إعادتها، وبيان هذه الأركان على النحو الآتي:[٧]
- تكبيرة الإحرام: تجب تكبيرة الإحرام على القادر على النُّطق بها؛ لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (مفتاحُ الصلاةِ الوضوءُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التسليمُ)،[٨] وصيغة التكبير قول المُصلّي: (الله أكبر)، وأجاز أبو حنيفة -رحمه الله- الدخول في الصلاة بأيّ لفظٍ يُراد به تعظيم الله تعالى.
- القيام في الصلاة المفروضة: هو ركن ثابت الوجوب بإجماع جمهور الفقهاء للقادر على القيام، لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: (صَلِّ قائماً، فإنْ لم تستَطِع فقاعداً، فإنْ لم تستَطِعْ فعلى جَنبٍ)،[٩] والقيام الذي يتحقّق به الركن يكون بانتصاب الظَّهر، واستوائه دون رأسه، أمّا العاجز عن القيام فيُصلّي قاعداً بأيّ شكلٍ أراد، شرط استقبال القِبلة، فالعَجَز يتفاوت من مريض لآخر، ولا خِلاف بين العلماء في جواز الجلوس لمن صلّى تطوّعاً، والقيام له أفضل وأعظم أجراً.
- قراءة القرآن: فلا تنقعد الصّلاة ولا تصحّ دون قراءة القرآن؛ سواءً في الصّلاة المفروضة أو صلاة التّطوّع، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ثمّ اقرأْ ما تيسَّرَ معكَ من القرآنِ)،[١٠] وقراءة سورة الفاتحة عند جمهور الفقهاء ركن من أهمّ أركان الصّلاة، لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحةِ الكتابِ)،[١١] وتجب عند جمهور الفقهاء قراءة الفاتحة في كلّ ركعة باللغة العربيّة، ولا تصحّ الصّلاة بقراءتها بغير العربيّة، ويلزم تعلّمُها لمن لا يُتقِنها، وعدّ الحنفيّة مُطلق القراءة من القرآن هو المعتبر في ركن القراءة؛ ولذا لم يشترطوا قراءة الفاتحة؛ فتصحّ صلاة من لم يقرأ بها مع الإثم، أمّا قراءة سورة أو ما تيسّر من القرآن بعد سورة الفاتحة فقد اتّفق الفقهاء على أنّ ذلك سُنّة من سُنَن الصّلاة.
- الرّكوع: ثبت ركن الرّكوع بحقّ القادر في نصّ القرآن الكريم؛ فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)،[١٢] والحدّ الأدنى الذي يتحقّق به الرّكوع وصول اليدَين إلى الرُّكبتَين، والأتمّ أن يستقيم الظَّهر والعُنق، وذهب الشافعي وأحمد وغيرهما -رحمهم الله أجمعين- إلى اشتراط الطمأنينة لصحّة الركوع.
- الرّفع من الركوع: يُقصَد به نصب الجسم وقوفاً مع الطمأنينة، وقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلاً لم يفعل ذلك فقال له: (إنَّه لا صلاةَ لِمَن لَمْ يُقِمْ صُلْبَه).[١٣]
- السجود والطمأنينة فيه: ثبت ذلك في نصّ القرآن الكريم، فقال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا)،[١٢] والطمانينة في السجود ركن لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- للمُسيء في صلاته: (ثمّ اسجُد حتّى تطمئنّ ساجداً)،[١٤] ويكون السجود التّام على سبعة أعضاء للمُصلّي القادر، وهي: الوجه، واليدان، والركبتان، والقدمان، ويُعذَر العاجز بقدر عجزه عن إتيان السجود بالأعضاء السبعة.
- الجلوس بين السجدتين: هو أمرٌ واجبٌ بإجماع الفقهاء.
- التشهّد: صيغة التشهّد هي (التَّحيَّاتُ للَّهِ والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبرَكاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصَّالحينَ، أشهدُ أَن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأشهَدُ أنَّ محمَّداً عَبدُهُ ورسولُهُ)، وهو ركن في الجلوس الأخير عند الإمام أحمد والشافعي، أمّا التّشهد الأول فهو ليس بركن عند جمهور العلماء، حيث صحّ أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- نسيَ التشهّد الأول مرّةً في صلاته، فجبره بسجود السّهو، ولو كان ركناً من أركان الصلاة لَمَا جُبِر بسجود السّهو.
- التسليم: حيث ذهب جمهور العلماء من الصحابة والإمام مالك إلى أنّ ركن التسليم يتحقّق بالتّسليمة الأولى، والتسليمة الثانية سُنّة، قال ابن المنذر: (أجمع كلّ مَن أحفظ عنه من أهل العلم أنّ صلاة مَن اقتصر على تسليمة واحدة جائزة).
- الترتيب: يُقصَد بذلك ترتيب الأركان تِبَاعاً؛ فيُحرم المصلّي بصلاته قبل قراءة القرآن، ويأتي بركن القراءة قبل ركن الركوع، وهكذا، وذلك لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، وقوله: (صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي).[١٥]
حُكم ترك ركن من أركان الصّلاة
تُقسَم الصّلاة بأفعالها وأقوالها إلى أقسام ثلاثة، وبيان ذلك على النحو الآتي:[١٦]
- الأركان التي لا تسقط بحال من الأحوال، عمداً كان، أم سهواً، أم جهلاً؛ لأنّ الصّلاة لا تكتمل إلّا بها، ولا تُسمّى صلاةً بالمعنى الشرعي إلّا بتمامها، وفي حال ترك المُكلَّف الرّكنَ سهواً فإنّ في المسألة تفصيلاً عند العلماء، ولكن لا يجبره سجود السّهو بحالٍ، ويجب تدراك فعل الركن ما لم يبدأ المصلّي بركن آخر.
- واجبات الصلاة التي تُجبَر بسجود السّهو لمن تركها سهواً، وتبطلُ صلاةُ من تركها عمداً.
- سُنَن الصّلاة، وهي التي لا تُبطِل صلاة المكلّف عند تركها، سواءً أكان الترك سهواً أو عمداً.
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 43.
- ↑ سورة البقرة، آية: 238.
- ↑ "تعريف و معنى الصّلاة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.
- ↑ د. سعيد بن وهف القحطاني، منزلة الصّلاة في الإسلام، المملكة العربيّة السعوديّة: مطبعة سفير، صفحة: 7-8. بتصرّف.
- ↑ سورة الماعون، آية: 4 - 5.
- ↑ محمد الشوبكي (6-6-2015م)، "تعريف الصلاة وفضلها وحكمها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.
- ↑ عبد الحسيب عطية وعبد المطلب حمدان (19-1-2014)، "أركان الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-1-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه ابن الملقن، في تحفة المحتاج، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم: 1/154 ، إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم: 1117، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 757، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم: 756، صحيح.
- ^ أ ب سورة الحج، آية: 77.
- ↑ رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن علي بن شيبان الحنفي، الصفحة أو الرقم: 1891، أخرجه في صحيحه.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 793 ، صحيح.
- ↑ رواه الذهبي، في تنقيح التحقيق، عن مالك بن الحويرث، الصفحة أو الرقم: 1/164 ، صحيح.
- ↑ سالم الهنداوي (25-9-2013م)، "مقدمة في أركان الصلاة"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-12-2017م. بتصرّف.