مُنذ أن غَضب الله سبحانه وتعالى على إبليس اللّعين وهو آخذٌ على نفسه عهدًا أن يَضلّ بني آدم ويغويهم عن الطّريق المستقيم؛ فهو يَرَى أنّ آدم هو سبب خروجه من الجنّة وملكوت الله، وقد اتّبع إبليس وذرّيته في غواية بني آدم أسلوب الوسوسة؛ حيث يأتي القرين الذي وكّل بكلّ واحدٍ منّا فيوسوس للإنسان بالشرّ ويصدّه عن الخير.
حقيقة الشّيطان
لا شكّ بأنّ الله سبحانه وتعالى قد بيّن للبشر ضعف كَيد الشّيطان وانتفاء السّلطان والقوّة عنه في التّسلّط على بني آدم؛ فغايةُ ما يقدر عليه من الأمور أن يُوسوس للإنسان في حياته ويأمره بالمنكر وينهاه عن المعروف، ويسوّل له الباطل ويزيّنه له، ويأمره بتغيير خلق الله تعالى، ويعده ويمنّيه الأماني الزّائفة التي لا حقيقة لها.
كيفيّة التّغلب على وساوس الشّيطان
إنّ هناك منهجٌ واضح في كيفيّة التّغلب على وساوس الشّيطان، وهذا المنهج يكون من خلال ما يلي:
- أن يسعى المسلم دائمًا إلى أن يبقى يَقظًا لكيد الشّيطان ووسوسته له؛ فالمسلم يُدرك أنّ الشّيطان لا يأمر بالخير والطّاعة، وإنّما يأمر بالشّرّ والمعصية، وبالتّالي فإنّ ذلك ينبغي أن يكون معيارًا للمسلم في حياته يجعله مستبصرًا بطريق الخير الذي لا يأمر به الشّيطان وإنّما يصدّ عنه بالوسوسة، عالمًا بطريق الشرّ الذي تَرى الشّيطان يُزيّنه للمسلم ويَحثّه على اتباعه. قال تعالى في وصف عباد الله المتقين (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ).
- تحصين المسلم لنفسه من وساوس الشّيطان بالذّكر والدّعاء وقراءة القرآن والصّلاة وغير ذلك من العِبادات؛ فالشّيطان يجد نفسه ضعيفًا أمام المسلم الذي يَتحصّن بالذّكر؛ حيث يَستعيذ من شرّ الشياطين وشركها وهمزاتها ووسوستها، كما يَكون ضعيفًا كذلك أمام المسلم التقيّ الذي يجتهد بالعبادة التي توثّق صلته بربّه عزّ وجل، فيمنّ الله عليه بالحفظ من وساوس الشّيطان، قال تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) .
- البعد عن مُجالسة أهل الباطل والضّلال؛ فالشّيطان على الدّوام له أولياؤه من الإنس الذين يُضاهونه في أعماله، ولقد ثبت في الصّحيح عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّه استعاذ من شرّ شياطين الإنس والجان، فكلاهما يشكّلان خطرًا على المسلم بوساوسهم له .
- تعظيم جانب الخير في النّفس الإنسانيّة؛ فالنّفس تعتلج فيها كثيرٌ من المتناقضات من خيرٍ وشرٍ وغير ذلك، فإذا عظّم الإنسان جانب الخير فيه غلب على جانب الباطل فلم يستطيع الشّيطان أن يتسلّل إليه بسهولة أو يوسوس له .