الأحكام الشرعية التكليفية
يُعرّّف الحكم في الاصطلاح الشرعي بأنه ما اقتضاه الخطاب الشرعي ممّا تعلّق بأفعال المكلفين من الطلب أو التخيير أو الوضع، والحكم الشرعي ينقسم إلى حكم شرعي تكليفي وحكم شرعي وضعي، فالأحكام التكليفية هي الأحكام التي وضعها الشارع على وجه التعبّد لله تعالى، ممّا كان مقصوداً لذاته، وكان العبد قادراً على الإتيان به، مثل عقد البيع، والأحكام التكليفية خمسة أنواع، وهي: الواجب والمندوب والمباح والمكروه والمحرّم، فالواجب هو الأمر الذي أمر به الشارع بصيغة الحتم والإلزام، مثل الصلوات الخمس، ولا بدّ للمسلم من القيام بالواجبات لينال بها الأجر من الله تعالى ولا يُعاقب بتركه لها، وينقسم الواجب بالنظر إلى فاعله إلى واجب عينيّ وواجب كفائي، وباعتبار تقديره ينقسم إلى مُقدّر وغير محدّد، والمندوب هو الأمر الذي نصّ الشرع عليه دون إلزامٍ وحتمٍ، مثل السنن الرواتب، وبفعل المندوب ينال العبد الأجر والثواب، بينما لا يُعاقب على تركه، وتجدر الإشارة إلى أنّ المندوب هو ذاته ما يطلق عليه السنة والمسنون والمستحب والنفل والقربة والمرغوب فيه والإحسان، والمحرّم هو ما نهى الشارع عن القيام به على وجه الإلزام والحتم، مثل عقوق الوالدين، وينال العبد الثواب بتركه، والعقاب بفعله والإتيان به، والمُحرّم ينقسم إلى مُحرّم لذاته ومُحرّم لغيره، والمكروه هو الأمر الذي أمر الشارع بتركه ولكن ليس بحتمٍ وإلزامٍ، ويُثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، وينقسم المكروه إلى مكروه كراهة تنزيهية، ومكروه كراهة تحريمية، والمُباح هو الأمر الذي خُيّر فيه العبد بين الفعل والترك، ويطلق عليه الجائز والحلال، ولا يترتب عليه ثواب أو عقاب.[١]
حكم برد الأسنان
يختلف حكم برد الأسنان تبعاً للسبب الكامن وراء الإتيان به، فيُعدّ حراماً إن كان لزيادة الحسن والجمال، ويُعدّ جائزاً إن كان علاجياً لإزالة عيب، والدليل في ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لعن اللهُ الواشماتِ والْمُستوشماتِ، والْمُتنمِّصاتِ، والْمُتفلجاتِ للحسنِ، المغيراتِ خلقَ اللهِ تعالى)،[٢] وورد عن النووي في بيان لفظ المتفلجات الوارد في الحديث السابق ذكره: (مفلّجات الأسنان بأن تبرُد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات، وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها في السنّ إظهاراً للصغر وحسن الأسنان، لأن هذه الفُرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغار، فإذا عجزت المرأة كبرت سنّها فتبرُدها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر، وتوهم كونها صغيرة، ويقال له أيضاً الوشر، وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها لهذه الأحاديث، ولأنه تغيير لخلْق الله تعالى، ولأنه تزوير، ولأنه تدليس)، وأضاف قائلاً عن المتفلّجات للحسن: (يفعلن ذلك طلباً للحسن، وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاجٍ أو عيب في السنّ ونحوه فلا بأس والله أعلم)،[٣] وقال العيني في عمد القاري: (المتلفجات جمع متفلجة من التفلج ـوهو برد الأسنان الثنايا والرباعيات مأخوذ من الفَلَج - بفتح الفاء واللام ـ وهي فرجة بين الثنايا والرباعيات، قوله: للحسن يتعلق بالمتفلجات، أي: لأجل الحسن، قيد به لأن الحرام منه هو المفعول لطلب الحسن، أما إذا احتيج إليه لعلاج، أو عيب في السن ونحوه، فلا بأس به).[٤]
أحكام متعلقة بالأسنان
بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بالأسنان، وفيما يأتي بيان جانب منها بشكلٍ مفصّلٍ:
- حكم تقويم الأسنان: إن الأصل القائم عليه تغيير شيء من خلق الله تعالى المنع، حيث قال الله تعالى: (وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ)،[٥] فتغيير خلق الله تعتلى من الأمور المحرّمة التي يقودها ويزيّنها الشيطان لبني آدم، ويُستثنى من قاعدة الحرمة في تغيير خلق الله تعالى الحالات الضروية والحاجية التي لا بُد منها ممّا دلت عليه القواعد الشرعية العامة، ومن ذلك جواز تركيب الأسنان الصناعية للضرورة أو الحاجة المعتبرة شرعاً، كمن سقط سناً من أسنانه أو تلف أحدها ويحتاج إلى علاجها لمضغ الطعام جيداً أو النطق السليم للحروف، والدليل على ذلك ما رواه عجرفة بن أسعد، حيث قال: (أنه أُصيب أنفُه يومَ الكُلابِ في الجاهلية، فاتخذ أنفًا من ورِقٍ، فأنتنَ عليه، فأمره النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن يتخذ أنفًا من ذهبٍ)،[٦] فأمْرُ الرسول عليه الصلاة والسلام لعجرفة باتخاذ أنف بدلاً عن أنفه يدل على جواز تركيب الأسنان، كما يجوز وضع تقويمٍ للأسنان إن كان بها تشوّه، وبيّن ابن عثيمين أنّ تقويم الأسنان يكون على نوعين، فإما أن يكون لزيادة التجمّل، وذلك يكون حراماً، وإما أن يكون قويم الأسنان لإزالة عيب ما، وحينها لا بأس بالتقويم، ولا يكون حراماً، لأنّ الغاية منه إزالة العيب وليس تحقيق المزيد من الجمال.[٧]
- حكم وشر الأسنان: يُقصد بوشر الأسنان تحديدها طلباً للفلج المحمود، وهو ذاته التفليج بين الأسنان الذي يُطلق على برد الأسنان ما بين الثنايا والرباعيات، كما أنّه من الغش والخداع والتدليس.[٨]
- حكم تركيب عدسات للأسنان: يجوز تركيب عدسات الأسنان التي يطلق عليها: اللومينر، إن لم يكن في ذلك برد للأسنان، فيجوز تركيبها، حتى وإن كانت الغاية من ذلك الزينة فقط، وذلك لا يعدّ من تغيير خلق الله، فالأسنان تبقى على الهيئة التي خُلقت عليها، فالزينة تلك إضافة على الأسنان، ولا تُعدّ من الأمور الثابتة، حيث إنّها قابلة للإزالة. [٩]
المراجع
- ↑ "الأحكام الشرعية التكليفية"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم: 5931، صحيح.
- ↑ "حكم برد الأسنان"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "حكم برد الأسنان لإزالة عيب"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 119.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن عجرفة بن أسعد، الصفحة أو الرقم: 5176، حسن.
- ↑ "حكم تقويم الأسنان وتركيب الأسنان الاصطناعية"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "حكم تفليج الأسنان"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.
- ↑ "حكم تزيين الأسنان بالسيراميك"، fatwa.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 28-12-2018. بتصرّف.