عمر بن الخطاب
ورد في السيرة النبوية العديد من قصص ومواقف الصحابة والصحابيات، الذين كان لهم الدور الكبير في دعم مسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتثبيته وتقويته في العديد من المواقف، ومن أبرز هؤلاء الصحابة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، ثاني الخلفاء الراشدين، وهو من أشجع وأشهر القادة الذين عرفهم التاريخ الإسلامي إلى يومنا هذا، ومن العشرة المبشرين بالجنة، وقد كان قاضياً خبيراً، حيث اشتهر بالعدل والإنصاف، سواء مع المسلمين أو غير المسلمين، وقد لقُّب بالفاروق؛ لأنّه كان يفرقّ بين الحق والباطل.
معاداة عمر للمسلمين
بدأت الدعوة الإسلامية بشكل سري لمدّة ثلاثة أعوام، وعندما بدأ الرسول صلّى الله عليه وسلمّ بالدعوة جهراً، عاداه أهل قريش وخاصّة بعد أن قلّل من شأن أصنامهم، وبدأ سادة قريش بالدفاع عن معتقداتهم، والاعتداء على المسلمين، وكان ألدّ أعداء الإسلام عمر بن الخطاب، حيث كان يتّبع الرسول عندما كان يذهب لنشر الإسلام فيهددّ من كان يُكلمه النبي ويبعده عن الإسلام.
إسلام عمر
خلف تلك القسوة الشديدة التي كانت يظهرها عمر بن الخطاب، إلّا أنّ رقةً نادراً كانت تختبئ، كما قالت زوجة عامر بن ربيعة العنزي عندما كانت تعدّ نفسها للهجرة إلى الحبشة، رأها عمر فقال لها : "صحبّكم الله". وقد كان يعيش عمر في هذه الفترة صراعاً، فيحدثه قلبه أنه قد يكون هؤلاء الناس على صواب، كما استغرب ثبوتهم الغريب، ولكن يحدثه عقله بأنّه قائد قريش، وسفيرهم فكيف يضيع الإسلام كل ذلك، واستمرّ على هذه الحالة حتّى قرّر أن يضع حدّاً لكلّ ذلك فقرّر قتل محمد.
سنّ عمر سيفه ومشى وبالطريق لقيه نُعَيم بن عبد الله العدوي القرشي وهو من المسلمين سراً، فعلم بنيته فقال له أن يرجع إلى أهل بيته فيقيم أمرهم، فقد كان ابن عمه سعيد بن زيد بن عمرو، وأخته فاطمة بنت الخطاب مسلمين، فذهب غاضباً إليهما، فوجدهما يتعلمان القرأن مع الصحابي خباب بن الأرت، فضرب سعيداً، وضرب فاطمة، فوقعت منها صحيفة، وحين أراد أن يحملها منعته إلّا إذا توضأ، فتوضأ وقرأ الصحيفة وإذ فيها: (طه*مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى*إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى*تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا*الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى*لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) فأسلم عمر من يومها.