إنّ السُّنة في اللغة: هي الطريق المسلوكة أو المتَّبعة، وكذلك تطلق على العادات والتقاليد التي يمارسها النّاس، واصطلاحاً تُطلق على السُّنة النّبوية الشريفة، وهي كلّ ما ورد عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - من قول، أو فعل، أو تقرير، أو صفة، فالسُّنة مأخوذة حصراً عن النّبي عليه الصّلاة والسّلام.
والسُّنن كثيرة وهي تُغطِّي كل مناحي حياتنا، وهي تنقسم إلى عدّة أقسم، فمنها السُّنن الواجبة، والمؤكّدة، والمستحبَّة، ولكن تشترك كلّ السُّنن في أنّ فاعِلها يؤجر عند أدائها، وتاركها لا يؤثم، فهي ليست كالفرض إذ يؤثم تاركه، وفي ذلك قوله تعالى:" وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا "، الحشر/7، أمرٌ من الله سبحانه وتعالى بأخذ ما أتى به الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وترك كلّ ما نهى عنه، وكذلك في قوله تعالى:" لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "، الأحزاب/21، أي أنّ التأسِّي بالرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - هو أمرٌ مطلوب، فهو خير البشر، والمصطفى الذي اصطفاه ربّ العالمين.
ما هي سنن الصلاة المؤكدة
يمكن إجمال السّنن المؤكّدة في ستة مواضع، وهي على النّحو التالي:
- صلاة الوتر، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" أو تروا يا أهل القرآن، فإنّ الله وتر يحبّ الوتر "، رواه أحمد وأصحاب السّنن، والوتر هو آكدها.
- ركعتا صلاة الفجر، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" لا تدعوهما ولو طاردتكم الخيل "، رواه أبو داود.
- ركعتان قبل صلاة الظهر، حيث قال ابن عمر رضي الله عنهما:" حفظت عن رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - عشر ركعات: قبل الظهر ركعتين، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصّبح، كانت ساعة لا يُدْخَل على النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - فيها، حدّثتني حفصة أنّه كان إذا أذّن المؤذن وطلع الفجر صلّى ركعتين "، رواه البخاري ومسلم.
- ركعتان بعد صلاة الظهر، وذلك للحديث الوارد عن ابن عمر.
- ركعتان بعد صلاة المغرب، وذلك للحديث الوارد عن ابن عمر.
- ركعتان بعد صلاة العشاء، وذلك للحديث الوارد عن ابن عمر.
وفي صحيح مسلم عن أم حبيبة، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" من صلّى اثنتي عشرة ركعةً في يوم واحد وليلة بني له بيت في الجنّة "، وقد ورد ذكر هذه الرّكعات بالتفصيل في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" من ثابر على ثنتي عشرة ركعةً من السّنة بنى الله له بيتاً في الجنّة، أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر "، رواه التّرمذي. (1)
السنن القبلية والبعدية
اختلف العلماء في عدد سنن الصّلوات القبليّة والبعديّة، وذلك بناءً على اختلاف الأحاديث الواردة فيها، فبعضهم من يرى أنّها عبارة عن عشر ركعات، ركعتان قبل الظهر، وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الصّبح، وهذا هو المعتمد عند أصحاب المذهب الحنبلي.
ومن العلماء من يرى أنّ السّنة قبل صلاة الظهر هي عبارة عن أربع ركعات، وبالتالي يكون مجموع السّنن اثنتي عشرة ركعةً، وهذا هول قول أصحاب المذهب الشّافعي، ومنهم من يرى أنّه على المسلم أن يصلي قبل العصر أربعاً مع العشر المذكورة، وبالتالي يكون المجموع أربع عشرة ركعةً، وهذا هو قول أبي الخطاب من أصحاب المذهب الحنبلي.
وقد قيل أنّ السّنة أربع ركعات بعد صلاة الظهر، وبالتالي يكون المجموع هو ثماني عشرة ركعةً، وهذا كله من السّنن الرّواتب، ويعتبر بعضها آكد من البعض الآخر، وبالتالي يجب أن لا ينقص عدد الرّكعات عن الرّكعات العشر التي وردت في حديث ابن عمر.
قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج:" فمنه - أي التّطوع - الرّواتب، وهي على المشهور التي مع الفرائض وقيل هي ما له وقت، والحكمة فيها تكميل ما نقص من الفرائض بنقص نحو خشوع كترك تدبّر قراءة، وهي ركعتان قبل الصّبح، وركعتان قبل الظهر، وكذا بعدها، وبعد المغرب والعشاء، لخبر الصّحيحين عن ابن عمر قال: صليت مع النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين بعد الجمعة. وفي بعض طرقه عن ابن عمر: وحدّثتني أختي حفصة أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - كان يصلي ركعتين خفيفتين بعد ما يطلع الفجر، وقيل من الرواتب أربع قبل الظهر للاتباع، رواه مسلم - أي حديث أم حبيبة المتقدّم - وقيل وأربع بعدها، لحديث: من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرّمه الله على النّار، رواه الترمذي وصحّحه، وقيل وأربع قبل العصر، لخبر ابن عمر أنّه - صلّى الله عليه وسلّم - قال: رحم الله امرءاً صلّى قبل العصر أربعاً، رواه ابنا خزيمة وحبّان وصحّحاه، والجميع سنّة راتبة قطعا لورود ذلك في الأحاديث الصّحيحة ". (2)
شروط الصلاة
إنّ للصلاة شروطاً لا تتمّ إلا بها، وهي على النّحو التالي: (3)
- الإسلام، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:" مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ "، التوبة/17.
- العقل، وعكس ذلك الجنون، والمجنون مرفوع عنه القلم حتّى يفيق، وذلك لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتّى يفيق، وعن النّائم حتى يستيقظ، وعن الصّبي حتى يحتلم "، رواه أبو داود.
- التّمييز، وعكسه الصّغر، وحدّه سبع سنين، ثم يُؤمر بعدها بأداء الصّلاة.
- رفع الحدث، وهو الوضوء للحدث الأصغر، والغسل من الحدث الأكبر، وذلك لقول الله عزّ وجلّ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "، المائدة/6.
- إزالة النّجاسة من البدن، والثّوب، والبقعة.
- ستر العورة مع القدرة، وذلك بشيء لا يصف البشرة، حيث أنّ أهل العلم قد أجمعوا على أنّ من صلّى عرياناً فقد فسدت صلاته، هذا وهو قادر على ستر عورته، وتعتبر عورة الرّجل من سرّته إلى ركبته، وعورة المرأة كلها ما عدا وجهها في الصّلاة.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 26921/ مـواضـع السنـن الـمـؤكـدة/ 29-12-2002/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن فتوى رقم 132032/ مذاهب العلماء في عدد رواتب الصلاة وحكم قضائها/ 10-2-2010/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(3) بتصرّف عن كتاب شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض/ الجزء الأول.