محتويات
علوم الرياضِيّات
اهتمّ المسلمون في العَهد العبّاسي بدراسة العلوم الرياضِيّة خاصّةً، والعلوم الأخرى بشكل عامّ؛ وذلك نظراً لأهمِّية الرياضِيّات الكبيرة في الحياة العمليّة، والعمليّة، ففي عَهد أبي جعفر المنصور، تمَّت ترجمة بعض الأعمال للعالِم كلوديوس بطليموس، وبالأخصِّ كتابه المشهور المجسطِيّ (باليونانيّة: Emegal Mathematike)، حيث استفاد منه العلماء العرب والمسلمون بشكل كبير في عِلم الفَلَك، فأجروا بعض التعديلات والإضافات العديدة عليه، كما تُرجِمت عِدَّة أعمال هنديّة في فِرعَي الرياضِيّات، والفَلَك، ومن هذه الأعمال كتاب (المَعرِفة والعِلم المذهب)، الذي يُعرَف بالهنديّة باسم (سد هانتا) (بالإنجليزيّة: Siddhanta)، والذي تُرجِم في زمن أبي جعفر المنصور إلى (سند هند)، حيث احتوى هذا الكتاب عدّة أمور، منها: الأرقام، وعِلْم الحساب الهنديّ، وطوّره العرب وعدّلوا عليه، ومن أهمِّ التعديلات التي أجروها لتطوير عِلم الحساب، إضافة العدد (صفر)؛ إذ إنّ إضافته أثَّرت على عِلم الحساب بشكل إيجابيّ، فقد سَهَّل عمليّة حلِّ المُعادلات الرياضِيّة، وإجراء العمليّات الحسابيّة، وابتكار الكَسْر العَشريّ، وساعد أيضاً في تبسيط نظام الترقيم، وتخليصه من التعقيد الذي كان فيه.[١]
ويُعتبَر الخوارزميّ من أهمّ علماء بيت الحكمة، حيث اعتَمَد عليه الخليفة المأمون في تأليف كتابٍ في عِلم الجَبر، فوَضَع كتاب (المُختصَر في حساب الجَبر والمُقابلة)، وتَضمَّن هذا الكتاب عِلم الجَبر، فكان أوّل من وَضَع هذا اللفظ له، ثمّ حَرَّفَ الأوروبيُّون لَفْظ (الجَبر)، وترجموه إلى لغاتٍ عِدَّة، كما تُرجِم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينيّة في عام 1135م، وظلَّ يُدرَّس في الجامعات الأوروبيَّة حتى القرن السادس عشر الميلاديّ، ورُحِّلت الأعداد العربيّة إلى الدُّول الأوروبيّة من خلال ترجمة كُتُب الخوارزميّ، وسُمِّي باللغة اللاتينيّة (الجورزتميّ)، ثمّ تمّ تعديل هذا المصطلح فيما بَعد إلى (الجورزمو)، والذي يُعنَى بالحساب ، والأعداد، والجَبر، وكيفيّة حلِّ المسائل الرياضِيّة، وظهرَت براعة الخوارزمّي أيضاً في عِلم الفَلَك، وبالأخصِّ في (الزيج، أو الجداول الفلكيّة)، حيث دَمَج مَذهب الفُرس والهِند، ومَذهب بطليموس في كتاب سُمِّي (سند هند الصغير)، وقد أفاد ذلك العديد من العلماء الذين واكبَهم الخوارزميّ، والذين جاؤوا من بعده.[١]
الخوارزميّ أبو الرياضِيّات
الخوارزميّ هو أحد أشهر علماء الرياضِيّات العرب،[٢] وهو محمد بن موسى الخوارزميّ، وُلِد في قرية قريبة من مدينة بغداد، حيث هاجر هو وعائلته من خوارزم إلى هذه القرية؛ ولهذا سُمِّي بالخوارزميّ بناءً على الأَصْل، كان يعمل في مهنة الزراعة، ومع ذلك فقد كان يهتمُّ بشكل كبير بالمسافات، والأحجام، والأشكال الهندسيّة، وتوصيل الخطوط من نقطة الى أخرى، وبعدها رَحَل إلى بغداد؛ بهدف الدراسة وتلقِّي العِلم، حيث كانت بغداد في ذلك الوقت في أوج ازدهارها العِلميّ، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الخليفة المأمون عيَّنه أميناً لخزانة الكُتُب الموجودة في قصر الخلافة في مدينة بغداد، إذ تضمَّنت هذه المكتبة عدداً كبيراً من المراجع التي تَختصُّ بمجال الرياضِيّات، والجغرافيا، والفَلَك، والتاريخ، وغيرها من العلوم . وساهمَ الخوارزميّ في الأعمال الفَلَكيّة، وذلك من خلال مشاركته لعلماء الخليفة في المَرصد الفَلَكيّ، الذي أُنشِئ لغاية مَعرِفة مساحة الأرض، ومُحيطها، وتقدير خطوط الطول والعرض بدِقَّة تفوق ما قَدَّمه بطليموس في هذا المجال، ومن الكُتُب التي ألّفها: كتاب (الربع المعمور)، وكتاب (صورة الأرض وما فيها من المُدن، والجبال، والبحار، والجزائر، والأنهار)، حيث تَضمَّن هذا الكتاب جداول فلكيّة تُبيِّن حركة الكواكب في الفضاء.[٣]
مُؤلَّفات الخوارزميّ
من أعمال ومُؤلَّفات العالِم الكبير الخوارزميّ، ما يأتي:[٤]
- كتاب المُختصَر في حساب الجَبر والمُقابلة: ترجمَ الخوارزميّ هذا الكتاب بناءً على طَلَب الخليفة المأمون؛ نظراً لما يَتضمَّنه من مواضيع اقتصاديّة، وعلميّة، وإداريّة، وغيرها، كما أنّه يحتوي على مواضيع رياضِيَّة، وترجمات، وشروحات عديدة، وتُوجَد منه نسخة أصليّة، وهي عبارة عن مخطوطة نادرة من نوعها، حيث نَشَر هذه المخطوطة كلٌّ من: محمد مرسي أحمد، وعلي مصطفى مشرفة، مع تعليقات واضحة باللغة العربيّة، ويُعَدُّ الخوازرميّ أوّل من كتب في هذا العِلم (عِلم الجَبر).
- رسالة في الحساب: حيث ساعدت هذه الرسالة في توضيح الحساب الهنديّ للعرب والغرب، إلّا أنّ النُّسخة الأصليّة لهذه الرسالة -مع الأسف- غير موجودة (مفقودة).
- كتاب يدمج بين عِلم الحساب، والهندسة، والفَلَك، والموسيقى: حيث تَضمَّن هذا الكتاب خُلاصَة دراسات الخوراميّ فيما يتعلَّق بالعلوم .
- كتاب زيج الخوارزميّ: حيث تَضمَّن هذا الكتاب دراسة عِلم الفَلَك، وبالأخصِّ الجداول الفَلَكيّة المأخوذة من المذاهب الفارسيّة، والهنديّة.
- كتاب تقويم البُلدان: حيث احتوى هذا الكتاب على شَرْح مُفصَّل، وتوضيح لآراء العالِم بطليموس.
وبالإضافة لكلِّ ما قدَّمه الخوارزميّ من إنجازات، ومُؤلَّفات، وأعمال في عِلم الرياضِيّات، والفَلَك، والجغرافيا، وغيرها من العلوم، فقد كان له الأَثر الأكبر في موضوع الخرائط؛ حيث ساهم مع العديد من العلماء والدارسين في رَسْم خريطة المأمون للعالَم في ذلك الوقت، إضافة إلى إشرافه على جَمْع التراث اليونانيِّ، والهنديِّ، كما أنّه ساهم مع بعض العلماء في إثبات الشكل الكُرَويِّ للأرض.[٤]
الخوارزميّ وكتاب صورة الأرض
ألَّف الخوارزميّ هذا الكتاب الذي يختصُّ بعِلم الجغرافيا، حيث استَمدَّ هذا الكتابَ من كتاب الجغرافيا لبطليموس، أمّا اسم الكتاب فهو (صورة الأرض من المُدن، والجبال، والبحار، والجزائر، والأنهار)، واختُصِر إلى (صورة الأرض)، أمّا موضوعه فهو الجداول الجغرافيّة، ومن المُرجَّح عند البعض أنّ مُقدِّمة هذا الكتاب محذوفة ومفقودة ولم يتمّ العثور عليها، أُلِّف هذا الكتاب من قِبَل الخوارزميّ بَعد موت الخليفة المأمون، وبهذا فهو يُعتبَر أقدم عملٍ جغرافيٍّ عربيٍّ يتمُّ تناقُله في يومنا الحاليّ، وأُنجِز هذا الكتاب بعد عِدَّة مُؤلَّفات فَلَكيّة، ورياضِيّة، وتُوجَد من هذا الكتاب مخطوطة نُسِخت في مدينة بغداد، وهي موجودة في مكتبة ستراسبورغ، حيث طَبَعها هانس فون مزيك، وهو مُختصٌّ في عِلم الجغرافيا الفَلَكيّة، وكان ذلك في عام 1926م، كما واكب الخوارزميّ أكبر رُوَّاد الجغرافيا آنذاك، ومنهم: ثابت بن قرّة، وابن خرداذبة، والكندي، الذين أسهموا في ترجمة أعمال بطليموس.[٤]
المراجع
- ^ أ ب By سامي بن عبدالله المغلوث، أطلس تاريخ الدولة العباسية، صفحة 490. بتصرّف.
- ↑ بواسطة خضر محمد عرابي، كنز الأسئلة وبنك الأجوبة، صفحة 321. بتصرّف.
- ↑ حازم محمد، علماء عرفهم الإسلام، صفحة غير مرقم. بتصرّف.
- ^ أ ب ت By عبد الرزاق أبو الصبر، تاريخ الغرب الإسلامي (من خلال جغرافيات مشرقية مؤلفة قبل نهاية القرن الخامس ...، صفحة 169-175. بتصرّف.