الأخلاق
الأخلاق الحسنة هي الحصن الذي يحيط بالمجتمع ويحميه من أي فساد، إلا أن طمع الإنسان ونفسه الأمارة بالسوء قد تدفعه لسلوك طريق مجانب للحق، فبعض التصرفات تنتقص من قيمة الإنسان، فتنحط به إلى أدنى المستويات، حيث تعكس هذه التصرفات دخيلة سالكها القبيحة، لهذا فإن مثل هذه التصرفات والأخلاق تلاقي ذماً من الأديان، ومن دعاة الأخلاق والإنسانية، ولعلَّ أكثر الأخلاق ذماً الغيبة والنميمة.
الغيبة
الغيبة من السلوكات المذمومة وهي تعني ذكر الشخص بما يكرهه وإن كان من صفاته أو سماته في غيابه، إما بالكتابة، أو بالإشارة، أو بالرمز، أو باللفظ، أو بغير ذلك من الوسائل، والغيبة فعل محرم فطرياً، ودينياً، وقد وصف الله تعالى الغيبة بأبشع الأوصاف حتى تتقزز قلوب المؤمنين منها، فقد قال تعالى في كتابه الحكيم: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)، كما صنف الإسلام الغيبة على أنّها من عظائم الآثام، وأنكر المنكرات، وهذا واضح من كثرة النصوص، والآثار التي تدل على حرمتها.
النميمة
تعرف النميمة على أنها نقل الكلام السيء بين طرفين بهدف إيقاع العداوة والبغضاء بينهما، وهي أيضاً من أبشع المحرمات، وذلك لعظيم الضرر الذي تتسبب به في المجتمع، فالنميمة قد تسفك الدم المحرم وبغير وجه حق خاصة إن كانت بين أشخاص فيهم نزق، وسفاهة، كما أنها وكما يقال في المثل تخرب البيوت العامرة كأن ينقل إنسان كلام السوء بين شخص وزوجته، وقد تسبب النميمة قطع الرحم، وربما إشعال الحروب في المجتمعات القبلية، وغير ذلك من وجوه الإفساد في الأرض.
التوبة من الغيبة والنميمة
بسبب ضعف الإنسان، وقلة إدراكه لمآلات ما يتفوه به، وما يقوم به من تصرفات وأفعال، فقد يسر الله تعالى له سبيلاً لإصلاح نفسه الخاطئة، وفتح له باب التوبة عن الجرائم التي يقترفها بحق نفسه وبحق المجتمع، كالغيبة والنميمة، وفيما يلي طريقة التوبة عنهما:
- الاعتراف بالذنب، حيث تعتبر هذه الخطوة نصف الطريق، فالبعض قد يكابر ويظن نفسه غير آثم، وربما في بعض الأحيان يظن أنه قد أتى معروفاً وهو في حقيقة الأمر موغل في الخطايا والآثام.
- الإقلاع والابتعاد بشكل نهائي عن المعصية، فلا تصح التوبة مع الممارسة الفعلية للمعصية.
- الندم على إتيان هذه الآثام، وعقد العزم على عدم العودة إلى هذه الأفعال الشنيعة.
- بما أن الغيبة والنميمة معصيتان تتعلقان بالآخرين، فهما انتهاكان صارخان لقدسية الإنسان، لذا فإنّ التوبة منهما تتطلب شرطاً رابعاً وهو طلب المسامحة من المغتاب، أو ممن نقلت عنه النميمة، ولكن في بعض الحالات قد يؤدي طلب المسامحة من المغتاب أو من نقلت عنه أو إليه النميمة إلى مفاسد أكبر، وأعظم، وأبشع، عندها فيمكن طلب العفو منه بشكل عام دون التخصيص، إما إن كان صاحب الحق قد مات أو غاب دون رجعة عندها فينبغي الإكثار من الاستغفار له في كل وقت وحين، بالإضافة إلى ذكره بخير في كل موضع ومجلس، والاستغفار له، وذكره بالخير ضروري أيضاً حتى عند طلب السماح منه.