محتويات
صفات الله تعالى
يجب على كل مكلف معرفة ثلاث عشرة صفة لله تعالى، والإيمان الكامل بها، وهي: الوجود، والقدم، والبقاء، والوحدانية، والقيام بالنفس، والحياة، والقدرة، والإرادة، والعلم، والسمع، والبصر، والكلام، والمخالفة للحوادث. ومن القواعد التي يجب معرفتها قبل تقديم الشرح عن صفات الله تعالى هي أن إثبات الصفات يكون بإثباتها لفظاً ومعنى، مع عدم الكلام في كيفياتها، وإيعاز علم ذلك إلى الله وحده، ووجوب نفي التشبيه بصفات المخلوقين عند الإثبات.
لا يجوز اشتقاق أسماء لله تعالى من صفاته، فلا يشتق من صفة المشيئة اسم الشائي، ولا من المجيء اسم الجائي، ولا يجوز الدعاء بصفات الله فلا نقول يا حكمة الله وبصره وسمعه، ولا يجوز التعبد بصفات الله؛ فلا نقول عبد المشيئة ولا عبد الوجود، كما تجوز الاستعاذة بصفات الله سبحانه على نحو: أعوذ برضاك من سخطك.
الوجود
الوجود يعني أن الله تعالى موجود بلا مكان، ولا ابتداء لوجوده، ولا يجري عليه زمان، قال تعالى: (هو الأوَّلُ) [الحديد: 3] أي أن الله موجود في الأزل؛ حيث لا ابتداء لوجوده، وقال أيضاً: (وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) [الذاريات: 21] أي أن البرهان على وجود الله موجود في الأنفس، ومثال ذلك ما قاله بعض علماء العقيدة وهو أن يقالَ: أنا كنتُ بعد أن لم أكن، وما كان بعد أن لم يكُن، فلا بدَّ له من مُكوِّنٍ فأنا لا بُدَّ لي من مُكوِّنٍ. أي أن ذلك المكون المسمى الله لا يكون شبيهاً لشيء من الحوادث التي تشاركه في الحدوث.
القدم
القدم تأتي هنا بمعنى الأزلية التي يتصف بها الله تعالى، فلا بداية لوجوده ولا نهاية، وعند وصفها للمخلوقات فتعني تقادم العهد ومرور مدة طويلة من الزمن، ولم ترد هذه الصفة في القرآن بهذا اللفظ، بل ورد معناها، فقد قال تعالى: (هو الأوَّلُ) [الحديد:3] ولا يجوز تفسير الآية بقدم الله فهي من صفات المخلوقات، والله تعالى موجود قبل الزمان.
البقاء
البقاء يعني اللانهاية، وهي من صفات الله تعالى؛ لأن الأزلي يستحيل عليه العدم، والله أبديٌّ لا نهاية لوجوده، لا يفنى ولا يبيد، ولو لم يكن الله كذلك لما بقي الكون، وقد قال تعالى: (ويبقى وجه ربِّكَ ذو الجلال والإكرام) [الرحمن: 27] أي ذاته.
الوحدانية
الوحدانية تعني أن الله سبحانه وتعالى واحد لا شريك له، ولا يقبل الانقسام في ذاته وصفاته وفعله، فيستحيل على الله أن يكون بينه وبين سائر مخلوقاته مناسبة؛ كالأجسام مثل: العرش، والكرسي، والسماوات السبع، والجنة، والنار، والإنس، والملائكة، والجن، فلو كان الله متعدداً لما كان العالم منتظماً ودقيقاً، وقد قال الله في كتابه العزيز: (قل هو الله أحد) [الإخلاص: 1]، وروى البخاري أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كان إذا تضور من الليل قال: (لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ، رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) [صحيح].
القيامُ بنفسه تعالى
أي أن الله سبحانه وتعالى غير محتاج لسواه، وهو مستغنٍ عن كل شيء، فالله تعالى لا ينتفع بعبادة البشر، ولا ينضر بعصيانهم، والمخلوقات وحدها هي من تحتاج الله، قال تعالى: (وَالله الغَنيَُ وأنْتُم الفُقَراء) [محمد: 38].
الحياة
الحياة صفة في حق الله أزلية أبدية، ليست مثل حياة خلقه، فهي بلا روح ولحم ودم، وهو حي لا يموت، ولو لم يكن الله حياً لما اتصف بالعلم والقدرة والإرادة على سبيل المثال، قال الله تعالى: (الله لا إِله إلا هُوَ الحيُّ القَيُّوم) [البقرة: 255].
القدرة
القدرة صفة قائمة بذات الله تعالى، والله تعالى قادرٌ لا يعجزه شيء، فهو من أوجد الكون، وأوجد المخلوقات، والقدرة يوجد بها المعدوم من العدم ويعدم بها الموجود، وصفتي العجز والنقص مستحيلتان على الله؛ فالكمال من شروط الألوهية، قال تعالى: (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيٍّء قَديرٌ) [سورة هود: 4]، وقال تعالى: (إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذُو القوةِ المتين) [الذاريات: 58] والقوة هنا تعني القدرة، وتجدر الإشارة إلى أن القدرة لا تتعلق إلا بالجائزات العقلية، فلا تتعلق بما لا يقبل بالوجود، لهذا يحظر قول هل الله قادرعلى خلق مثله أو إعدام نفسه، ومع هذا لا يقال أنه عاجز عن ذلك.
الإرادة
الإرادة صفة قديمة ثابتة لذات الله، والتي تعني المشيئة، فكل شيء متعلق بمشيئته تعالى، فالله خصص كل شيء في الوجود بوجوده، وبالصفة التي هو عليها، ولهذا وجد الإنسان بهذه الصورة، ففي العقل من الممكن أن يكون الإنسان على غير هذه الصورة، وفي زمن مختلف، قال تعالى: (فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ) [البروج: 16] أي أن الله سبحانه وتعالى يوجد ويُفعّل المكوّنات بإرادته.
العلم
العلم صفة أزلية ثابتة لله تعالى؛ حيث إن الله يعلم بكل الأشياء قبل وقوعها، ولا يتجدد له علمٌ؛ لأن علمه واحد وشامل لكل المجالات، فلو لم يكن الله عالماً لكان جاهلاً، والله منزه عن كل نقص، ولو كان جاهلاً لما أوجد هذا العالم الكبير المنتظم، قال تعالى: (وأنَّ الله أَحاطَ بِكُلِّ شيءٍ عِلْماً) [الطلاق: 12]، وقوله أيضاً: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14] أي أن الله لو لم يكن عالماً لما خلق هذا الخلق.
السمع
أي أن الله سبحانه يسمع بسمعه الأزلي الذي لا يشبه غيره، فهو لا يحتاج لأذن ولا صماخ أو أي آلة أخرى، ولو كان الله لا يسمع لكان متصفاً بالصمم، وهو من النقص المحال على الله، ومن الدلائل النقلية على ذلك قول الله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة: 137].
البصر
أي أن الله تعالى يرى برؤيته التي ليست كرؤية غيره، فهو يرى الحادثات دون حدقة أو أي آلة أخرى، ولو نُفيت عنه هذه الصفة لاتّصف بالعمى، وهو من النقص المحال على الله، قال الله تعالى: (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11].
الكلام
الكلام صفة أزلية أبدية، فكلام الله تعالى لا يشبه كلام العالمين؛ لأنه يتكلم دون لسان ولا صوت ولا لغة، وهو خالق الحروف والأصوات واللغات، ويعبر عنه بالقرآن الكريم وغيره من الكتب المنزلة، والدليل على صفة الكلام هو أنه تعالى لو لم يكن متكلماً لكان أبكماً، والبكم ما هو إلا نقص، والله منزه عن كل نقص، قال تعالى: (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْليماً) [النساء: 164] أي أن الله أسمعه كلامه الأزلي، ففهم موسى ما فهم منه.
المخالفة للحوادث
أي أن الله تعالى لا يشبه المخلوقات في شيء، فلو كان يشبهها بالفعل لأصابه ما يصيب الخلق من تطور وتغير وفناء، ولكان محتاجاً إلى غيره، والله سبحانه وتعالى منزه عن كل ذلك، قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيء) [الشورى:11]، أي أن الله ينفي مشابهته لكل شيء من أجسام، وأجرام علوية وسفلية، وأي جمادات أو أفراد؛ لأن ذلك منافٍ للألوهية.