ظهور الإسلام
شكل ظهور الإسلام في الجزيرة العربية لحظةً تاريخية فارقة في حياة الشعوب العربية، وشعوب العالم آنذاك، كما كان لقيام الدولة الإسلامية الوليدة أول مرة تأثيرٌ كبير في المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي لتلك الشعوب، ونتائج عظيمة ما كانت لتتحقق لولا قيام دولة إسلامية قوية قادرة على الاضطلاع بدورها في نشر الإسلام، وتحقيق الحياة الكريمة للناس.
مراحل ظهور الإسلام
مر ظهور الإسلام بمرحلتين أساسيتين هما: مرحلة الدعوة المكية، حيث ركز النبي عليه الصلاة والسلام على تثبيت العقيدة الصحيحة في نفوس الناس، وإزالة صور الشرك والضلالات، وقد استمر في تلك المرحلة ما يقارب ثلاثة عشر سنة، رسخ فيها مبادىء الدين الحنيف وأفكاره بين الناس، حتى استطاع تخريج مدرسة من آلاف الطلاب الذين تم إعدادهم إعداداً صحيحاً وفق منهجٍ قويم، وطريقٍ مستقيم.
بينما كان النبي عليه الصلاة والسلام في مكة يتكبد المشاق وصحبه في سبيل نشر رسالة الإسلام، كانت بشائر النبوة بالتمكين وبناء الدولة تجلي عن المسلمين كثيراً من الهموم التي كانوا يلاقونها في سبيل الدعوة، وقد ظلت أماني المسلمين في بناء الدولة حلماً حتى أذن الله لها أن تتحقق على أرض الواقع حينما ارتحل النبي والصحابة مهاجرين إلى المدينة المنورة لتبدأ المرحلة الثانية من مراحل الدعوة الإسلامية.
مرحلة بناء الدولة الإسلامية الجديدة
عندما وصل النبي عليه الصلاة والسلام مع المسلمين إلى المدينة المنورة وذلك سنة 610 للميلاد بدأت خطط بناء الدولة الإسلامية، فقام النبي عليه الصلاة والسلام ببناء المسجد الذي يعتبر المكان الجامع للمسلمين، حيث تتآلف القلوب، وتتوحد الصفوف، كما بدأعليه الصلاة والسلام بتنظيم العلاقات بين مكوّنات مجتمع المدينة من خلال حدث المؤاخاة حينما آخى بين المسلمين مهاجرين وأنصار، كما أبرم العهود مع سكان المدينة من غير المسلمين، وبدأ المسلمون في تجهيز الجيوش للدفاع عن الدولة الإسلامية ونشر الإسلام، ثم لاحقاً شرع النبي الكريم بإرسال الرسائل إلى الملوك والحكام حول المدينة لدعوتهم إلى الإسلام، واستقبال الوفود التي تأتي من الأقطار المختلفة.
بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام بدأت المرحلة الفعلية لبناء الدولة الإسلامية، حيث وضع الإطار السياسي للدولة الإسلامية المبينة على اختيار الحاكم المسلم عن طريق الشورى والبيعة بين المسلمين، حيث اجتمع المسلمون في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة لرسول الله ووقع اختيارهم على الصحابي الجليل أبي بكرالصديق رضي الله عنه الذي استهل بحكمه فترة الخلافة الراشدة، التي استمرت ثلاثين سنة.