محتويات
إليك ما شاهدت عيني من العجب
إليك ما شاهدت عيني من العجب
- في مسرح ماح بين الجدّ واللعبِ
خافوا به أن تقومَ الأسدُ واثبة
- حتى بَنوا حاجزاً فيه من الخشب
وحصنوه من الأعلى بمشتبك
- من الحبال جديل غير منقضب
به الأسود تمطى في مرابضها
- والنمر يخطر بين الخوف والغضب
والذئب يبصر جدى المعز مقترباً
- منه فيرجع عنه غير مقترب
أما الكلاب فجاءت وهي كاسية
- يرقصن منتصباً في إثر منتصب
قامت على أرجل تمشي معلمة
- مشي المليحة في ابرادها القشب
تخشى مؤدبها والصولجانُ له
- في الكف فرقعة كالرعد في السحب
ترنو إليه بعين الخوف فاعلة
- ما كان يُصدِر من أمر ومن طلب
خضعن للسوط حتى إن أعقدَها
- لو يأمر السوط يغدو مرسلَ الذنَب
وكانت الأسد تجرى في إطاعتها
- مجرى الكلاب بحكم الخوف والرَهب
كأنما الليثُ لم يُخلق أخا ظُفر
- محدد الناب قذافاً الى العطب
شاهدته مشهداً بدعاً علمتُ به
- أن الغرائز لم تطبع على الشغب
وأن ليث البرايا الشرى ما صيغ مفترساً
- لكن احالته فرَّاساً يد السغب
وكم من الناس من راح مندفعاً
- بدافع الجوع نحو القتل والسلب
وأن تربية الإنسان يرجعه
- أكسيرها وهو من تُربْ إلى الذهب
هذا إذا حَسُنَتْ أما إذا قبحت
- فالمَندَليُّ بها يمسي من الحطب
فكل ما هو في الإنسان مكتسب
- فلا تقل شئ غير مكتسب
إنى أرى أسوأ الآباء تربية
- للإبن أحرى بأن يُدعى أعقَّ أب
والمرءُ كالنبت ينمو حَسْب تربته
- وليس ينبت نبعٌ مَنبِتَ الغرَب
من عاش في الوسط الزاكي زكا خلقاً
- حتى علا في المعالى أرفع الرتب
فاحرص على أدب تحيا النفوس به
- فإنما قيمة الإنسان بالأدب
كأن حياتنا جبل مُطِل
كأن حياتنا جبل مُطِل
- على مهواتِه وهي المَمَات
مشيْنا فوقه عُمياً فظلَّت
- تَهاوَى نحو هُوَّته المشاة
كأن فضاء هذا الكون مجر
- تموج فيه هذي الكائنات
تبين تارة وتغيب أخرى
- فشأناها التفرق والشتات
انظر إلى تلك المعلقة التي
انظر إلى تلك المعلقة التي
- سترتْ ظلامَ الليلِ بالأضواءِ
قِطع من البلورِ مُحدِقة بها
- يَحكين شكلَ أصابع الحسناء
فكأنها بدر تلألأ في الدجى
- وكأنهن كواكبُ الجَوْزاء
بل قد يُمثلها الخيالُ كأنها
- قمر أحيط بهالة بيضاء
أقم في الأرض صرحاً من ضياء
أقم في الأرض صرحاً من ضياء
- بحيث يمس كرسي السماءِ
وبعدُ فجسم العرفان شخصاً
- تردى المجد فضفاض الرداء
وفي يسراه ضَع لوح المعالي
- وما وفي الثناء عليك مئن
وأجلسه على الكرسي يمحو
- ويثبت ما يشاء من العلاء
وقف وارفع لإليه الطرف وانظر
ألا يا كعبة الفضلاء يا من
- فضائله عظمن بلا انتهاء
أهِم بأن أحيط بهن وصفا
- ومن لي بالإحاطة بالفضاء
وأقدِم أن أتِم عُلاك مدحاً
- فيرجعني عُلاك إلى الوراء
وما وفّى الثناء عليك مثنٍ
- لأنك فوق توفية الثناء
وما اتقدت ذكاء بما يداني
- ذكاءك يا إمام الأذكياء
ولو كانت أشعتها تحاكي
- شعاعك ما انكسرن من الهواء
بفكرك دوحة العرفان تنمو
- كذا الأدواح تنمو بالضياء
وأقسم لو تكون من الذراري
- لكنت الشمس في كبد السماء
ولولا الصبح يطلع كل يوم
- لقلت الصبح أنت بلا مراء
فتنت الملائك قبل البشر
فتنت الملائك قبل البشر
- وهامت بك الشمس قبل القمر
وسر بك السمع قبل البصر
- وغنى بك الشعر قبل الوتر
فأنت بحسنك بنت العبر
ترفّ لمرآك روح الغرام
- ويهوَى طلوعك بدر التمام
ليطلع مثلك في الاحتشام
- ويرْقبَ خَطرَة هذا القوام
لكيما يَهبُّ نسيم السحر
تميلُ بقدِّك خمرُ الدلالْ
- فيضحكُ في مَيله الاعتدال
وفيك ارتقى الحسنُ عرش الجلال
- ومنه العقول غدت في عقال