محتويات
غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
قاد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من الغزوات بنفسه، وكانت أولها في العام الثاني للهجرة، وهي غزوة الأبواء، وكان عدد الصحابة فيها سبعين صحابياً، وكانت نتيجتها عقد حلف مع بني ضمرة، وخاض المسلمون في نفس العام عدّة غزواتٍ بقيادة النبي عليه الصلاة السلام، إلى أن قادهم في شهر رمضان في غزوة بدر الكبرى التي شهدت انتصاراً ساحقاً للمسلمين على قريش، وبعدها التقى المسلمون مرّةً أخرى بقريش في العام الثالث للهجرة في معركة أحد، ومن الجدير بالذكر أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قاد مجموعةً من الغزوات بين معركة بدرٍ وأحدٍ، منها: غزوة بني قينقاع، وغزوة السويق، وغزوة بني سليم، وفي معركة أحد كان عدد قتلى المشركين ثلاثون قتيلاً، بينما كان عدد قتلى المسلمين سبعون شهيداً، وكان اللقاء التالي للمسلمين بقريش في العام الخامس للهجرة في غزوة الخندق، التي شهدت حصاراً للمسلمين دام لمدّة شهرٍ كاملٍ، وبعدها مباشرةً كانت غزوة بني قريظة التي تم فيها القضاء على يهود بني قريظة بسبب غدرهم، وفي الحقيقة أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قاد أكثر من عشرين غزوةٍ، وكانت آخرها غزوة تبوك.[١]
تاريخ غزوة تبوك
وقعت غزوة تبوك في شهر رجب من العام التاسع للهجرة، في وقتٍ كان فيه الحرّ شديداً، والمسلمون في حالةٍ من الفاقة، وشحٍّ في الطعام، ويرجع السبب في الخروج في هذه الغزوة إلى أنّ الأخبار وصلت إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ ملك الروم هرقل ومعه العرب المتنصّرة، قد عزموا على غزو المدينة المنورة، فأعلن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- النفير العام، وبدأ المسلمون يتجهزون لمعركةٍ عظيمةٍ مع عدوٍ شرسٍ، وهم الروم، فخرج الرسول ومن معه من الصحابة حتى وصلوا إلى تبوك، وحاول المنافقون في المدينة إضعاف عزيمة المسلمين، وثنيهم عن الخروج في هذه الغزوة، ولكنّ الصحابة -رضي الله عنهم- لم يتردّدوا في بذل أموالهم وأنفسهم في سبيل نُصرة الإسلام والمسلمين، منهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، والعباس بن عبد المطلب، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم، حتى إنّ بعض النساء أنفقن ما يملكن من حلي الذهب في سبيل الله، فاشتعلت النيران في قلوب المنافقين، وممّا زاد من غيظهم اجتماع ثلاثين ألف مقاتل في جيش المسلمين، فكان أكبر جيش يجتمع للمسلمين حتى ذلك الوقت، على الرغم من صعوبة أوضاع الغزوة، فانطلق المسلمون متوجهين إلى تبوك، وقعد المنافقون عن الجهاد متعذّرين بأعذارٍ واهيةٍ، ولمّا وصل الجيش الإسلامي إلى تبوك، لم يجد أحداً من نصارى العرب، ولا من الروم، فثبّت النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم الإسلام في تلك المنطقة، حيث جاء صاحب منطقة أيلة إلى منطقة تبوك، وصالح الرسول على الجزية، وأرسل النبي -عليه الصلاة والسلام- خالد بن الوليد -رضي الله عنه- على رأس سريةٍ إلى دومة الجندل، فأسروا ملكها أكيدر، وجاءوا به إلى تبوك، فصالح هو الآخر على الجزية، وأقام جيش المسلمين في تبوك بضعة عشرة ليلةٍ ينتظر قدوم أحد من الأعداء، ولكنّهم لم يأتوا فرجع المسلمون إلى المدينة، ومن الأحداث الهامة التي حصلت في هذه الغزوة، هدم النبي -عليه الصلاة والسلام- لمسجد الضرار الذي بناه المنافقون، وقعود ثلاثةٍ من الصحابة الصادقين عن الجهاد من غير عذرٍ، فأمر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين كافّةً بمقاطعتهم؛ فقاطعهم المسلمون خمسين ليلةً، ثمّ أنزل الله -تعالى- توبةً عليهم.[٢]
فضح المنافقين من خلال غزوة تبوك
كانت غزوة تبوك من أصعب الغزوات التي خاضها المسلمون، حتى إنّها سُميت في التاريخ بغزوة العسرة، ويرجع السبب في هذه التسمية إلى عددٍ من الأسباب التي صعّبت من ظروف الغزوة، وممّا يدلّ على صعوبة الأوضاع في ذلك الوقت؛ إعلان النبي -عليه الصلاة والسلام- نيته لغزو الروم في ديارهم، على الرغم من أنّه كان يُخفي وجهته عادةً، وقيام الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالناس خطيباً؛ ليحثّهم على الإنفاق في سبيل الله، حيث قال: (مَن يُجَهِّزُ جيشَ العُسرةِ غفرَ اللَّهُ لَهُ؟)،[٣] فلبّى الصحابة -رضي الله عنهم- النداء، فمنهم من تصدّق بماله، ومنهم من أنفق نصف ماله، ومنهم من أنفق الكثير، وكان للمنافقين مواقفاً عديدةً، ومنها:[٤]
- اجتماع المنافقين في دار سويلم اليهودي؛ للتدارس في كيفية ثني المسلمين، وإضعاف عزيمتهم عن الجهاد في سبيل الله، فلمّا علم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأمر اجتماعهم في بيت اليهودي، أمر طلحة بن عُبيد الله -رضي الله عنه- أن يحرق عليهم المنزل؛ تخويفاً وردعاً لهم، ففعل ذلك.
- تخلّف المنافقين عن الخروج في الغزوة، وتعذّرهم بأعذارٍ مزيفةٍ.
- ضلال ناقة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في الطريق إلى تبوك، فخرج الصحابة للبحث عنها، فقال أحد المنافقين وهو زيد بن اللصيت:(أليس محمد يزعم أنّه نبي يخبركم خبر السماء وهو لا يدري أمر ناقته)، فعندما وصل قول ذلك المنافق للنبي -عليه الصلاة والسلام- عن طريق الوحي، قال الرسول: (إنّي والله ما أعلم إلّا ما علّمني الله، وقد دلّني عليها وهي في هذا الوادي من شِعْبِ كذا وكذا، وقد حبستها شجرةٌ بزمامها فانطلقوا حتى تأتوني بها)، فذهبوا فجاءوا بها، وفُضح أمر المنافق.
- محاولة قتل النبي عليه الصلاة والسلام، وكانت تلك المحاولة أخطر ما قام به المنافقون في غزوة تبوك، وكان ذلك في طريق العودة من تبوك، عندما قام المنادي وقال: (أن خذوا بطن الوادي فهو أوسع عليكم فإنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قد أخذ ثنية العقبة)، وكان مع رسول الله حذيفة وعمار -رضي الله عنهما- يقودان راحلته، فقامت مجموعةٌ من المنافقين بالهجوم على راحلة النبي عليه الصلاة والسلام؛ يريدون طرحه أرضاً ثمّ قتله، فتنبه الرسول لذلك، فأمر حذيفة بن اليمان بأن يتصدّى لهم، فتوجّه نحوهم كالسهم، وأخذ يضرب وجوه رواحلهم، فبثّ الله -تعالى- الرعب في قلوبهم، وولّوا هاربين إلى أن دخلوا في ازدحام الناس، وقد عرفهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأسرّ بأسمائهم لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فاقترح الصحابة على رسول الله قتلهم، ولكنّه رفض ذلك، حتى لا تقول العرب إنّ محمداً يقتل أصحابه.
المراجع
- ↑ "غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم-"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ "قصة غزوة تبوك"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح النسائي، عن الأحنف بن قيس، الصفحة أو الرقم: 3608 ، صحيح.
- ↑ "غزوة تبوك.. فضح المنافقين"، islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 13-9-2018. بتصرّف.