الحديث النبوي الشريف
يعتبر الحديث النبوي الشريف واحداً من مصادر التشريع في الديانة الإسلامية وفقاً لأهل السنة والجماعة، والذين يشكلون الغالبية العظمى من مسلمي اليوم. قد أولى المسلمون عناية فائقة بالحديث، وأفردوا له علوماً خاصة لتنقية الأحاديث، وفرزها، ومعرفة الطريقة الصحيحة للاستفادة منها، وبما لا يتعارض مع ما جاء في القرآن الكريم الذي يعتبر كتاب المسلمين المقدس، والمرجع الأول لهم.
مفهوم الحديث
يعرف الحديث لغة على أنه الكلام الذي يتحدث به شخص ما، أما اصطلاحاً فهو كل ما صدر عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأُثر عنه من قول، أو فعل، أو تقرير، أو سيرة، او صفات خُلُقيَّةٍ، أو خَلقيَّة.
للحديث مكانة عالية وهامة في حياة أي مسلم، بل وأي إنسان يطلب الحق، والخير، والجمال؛ فهو الوسيلة التي بحفظها يُحفظ الإرث النبوي المحمدي، حيث يعتبر هذا الإرث مشكاة يهتدي بها أولئك السائرون نياماً، الذين أعمتهم المادية، والأفكار اللاأخلاقية عن تلمُّس مواطن الجمال في النفس الإنسانية، ففقدوا هويتهم الاستخلافية، ودورهم الواجب عليهم تأديته خلال سنين عمرهم المديدة.
الحديث القدسي
هناك نوع من الأحاديث التي رواها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهي الأحاديث القدسية، والتي تعرف على أنها كل ما رواه الرسول الأعظم عن ربه، حيث تضاف عبارات في هذا النوع من الأحاديث تشير إلى ذلك؛ كعبارة (قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه).
تتضمن الأحاديث القدسية إجمالاً موضوعات هامة تزيد من روحانية الإنسان، ومن تعلقه بالله تعالى، فموضوعات هذا النوع تتمحور حول: الرجاء، والخوف، وحول كلام موجه من الله تعالى إلى الناس، وهناك عدد قليل من الأحاديث القدسية تتضمن أحكاماً تكليفية.
علوم الحديث النبوي الشريف
اهتمت الأمة الإسلامية أيَّما اهتمام بالأحاديث النبوية الشريفة، فابتكرت عدداً من الطرق والوسائل التي تساعد على حفظ هذه الأحاديث من الدس، والحذف، والإضافة، وتغيير المعنى وفقاً للأهواء والرغبات، وكتتويج لهذه المجهودات العظيمة استطاع العلماء المسلمون وضع عددٍ من العلوم تعنى بالأحاديث، عرفت باسم علوم الحديث.
تضم علوم الحديث عدداً من العلوم المبتكرة والفريدة من نوعها، ومن ضمن أبرز وأهم هذه العلوم علم مصطلح الحديث والذي يسمى أيضاً بعلم الرواية، حيث يمكن من خلال هذا العلم معرفة أوضاع متن الحديث وسنده، وبالتالي قبول الحديث ورده، وتصنيفه ضمن الرتبة الحديثية التي تناسب حاله؛ كأن يكون صحيحاً، أو ضعيفاً، أو حسناً.
من العلوم الحديثية الأخرى، علم الرجال، حيث يمكن من خلال هذا العلم الهام معرفة أحوال الرجال الذين رووا الأحاديث النبوية الشريفة، وكل ما يتعلق بهم من أحوالهم الشخصية، والاجتماعية، وما إلى ذلك.
إلى جانب ذلك، هناك علم العلل، وهو العلم الذي يستطيع الكشف عن الأسباب التي من الممكن أن تطعن في صحة حديث ما، ومن الحالات التي يهتم هذا العلم بالكشف عنها أن يكون ظاهر الحديث الصحة من حيث السند؛ أي تسلسل الرواة، غير أن فيه علة خفية تبطله سواء كانت في السند، أو في المتن.