الأنبياء عليهم السلام
وردت في القرآن الكريم العديد من قصص الأنبياء والمرسلين، الذين بعثهم الله برسالاته رحمةً للعالمين، ولقد بيّن القرآن الكريم في العديد من المواضع كبر حجم معاناة الأنبياء والرسل في الدعوة إلى الله، وكمية العذاب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له من أقوامهم الذين كانوا يستكبرون على الحق، ويصرّون على الكفر، والعداء لهم.
وبيّن القرآن الكريم المعجزات التي أيّدها الله للأنبياء؛ لتكون دليل صدقهم، وبرهاناً للناس على وجود الخالق الواحد الأحد ألا وهو الله عز وجل، ولينبذوا عبادة الأصنام، والآلهة المتعددة والتي عبدها الناس على مرّ زمنٍ طويل.
عيسى عليه السلام
المسيح -عليه السلام- نبي الله وعبده، أُرسل إلى بني إسرائيل بعد أن عاثوا في الأرض فساداً، ولقد كانوا قساة القلوب، شديدي البأس؛ حيث عذّبوا نبيهم، وحاولوا قتله لولا تسليم الله له، ورفعه إليه إلى السموات العلى.
في معجزة إلهية ولد نبي الله عيسى المسيح، فلقد ولد من غير نسل بشر؛ بل هو نفحة من روح الله، وكلمته أُلقيت إلى مريم بنت عمران في المحراب؛ حيث بشّرها ملك كريم بأنها ستضع طفلاً سيكون سيّداً على الناس، وقائدهم، وهاديهم إلى نور الله الحقيقي، ومسيرهم إلى جنات النعيم، فحبلت به وهي عذراء طاهرة، وأخبرت قومها الذين استنكروا عليها حملها، وذكّروها بأنّها ابنة عمران الذي كان مؤمناً تقياً، وأمها التي رعتها طاهرة عفيفة، فسكتت تنفيذاً لأمر الله.
عند موعد ولادة عيسى عليه السلام كانت السيدة مريم العذراء في بيت لحم؛ فخرجت إلى مكان قريب من سكنها، وعلمت بأنها ستلد في هذا الموضع، فسمعت صوتاً يناديها من تحتها ألّا تخاف، ولا تحزن، وأن تأكل، وتشرب، وتقرّ عيناً، فولد المسيح في بيت لحم، وحملته والدته وعادت به إلى قومها، فاستهجنوا عليها فعلتها، وصاروا يتكلّمون بكلامٍ سيء عليها، فأشارت إلى طفلها، فتكلم الطفل وكانت معجزته الأولى حين برهن للناس براءة أمه من ادعاءاتهم، وبأنه رسول من الله إليهم.
معجزات سيدنا المسيح
جاء عيسى -عليه السلام- بمعجزات كثيرة، وكانت برهاناً على صدق رسالته، ودليلاً لبني إسرائيل بقدرة الله الواحد؛ فنبي الله عيسى كان يُحيي الموتى بإذن الله، ويشفي البرص، ويخرج الجن والشياطين، ويشفي العميان، والمصابين بالجذام، ويعالج الصمّ، ويعيد لهم قدرتهم على السمع.
كان بنو إسرائيل شديدي العداء للنبي عيسى رغم معاملته لهم بالمحبة واللين، والرفق، وعالج مرضاهم، واستجاب لطلباتهم وتوسلاتهم له، ولكنّهم كانوا السبب في صلبه؛ حيث كان أحد تلامذته من الحواريين هو من تسبّب بصلبه، ويُدعى يهوذا الأسخريوطي، وذلك في عهد بيلاطس النبطي، وحاول التنصل من هذا الحكم بقوله إنّه بريء من دم المسيح، لكن قومه أصرّوا على قتله، فعلّق عيسى -عليه السلام- على خشبة الصلب، وكانت رحمة الله له بأن رفعه إلى السماء، وألقى شبهه على أحد اللصوص الذين عُلّقوا إلى جانبه على خشبة الصلب، فهو لم يُقتل، ولم يصلب، وهو حي إلى الآن، وسيأتي في آخر الزمان حاكماً مقسطاً بين الناس، وقدومه يسبق قيام الساعة بأربعين سنة.