محتويات
محبّة الله وسوله
يرى المؤمن أنّ أعظم غايةٍ من وجوده في الحياة الدُّنيا هي نيل رضا الله سبحانه وتعالى؛ فيحرص عليها كلّ الحرص في سائر أوقاته وأفعاله، ومحبّة الله -تعالى- طريق راقٍ يُوصل العبد إلى رضا الله -تعالى- المنشود ومن ثمّ إلى رفيع جنانه، ومن لوازم حبّ الله -تعالى- حُبّ المرء لرسوله صلّى الله عليه وسلّم؛ فهو المُرسل برسالة التوحيد، وهداية الناس، وتعريفهم بالله تعالى.
كيفيّة محبّة الله ورسوله
لا شكّ أنّ كلّ ما يوصل إلى حبّ الله -تعالى- يُوصل إلى حبّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- والعكس كذلك، فإنّ كلّ مداخل رضا الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- تستقرّ بالعبد إلى رضا الله -تعالى- ومحبّته، والمُحبّ المؤمن حقاً يمشي في الطريق كَيِِّساً مُنتبهاً يلتمس كلّ السُّبل لذلك الحبّ، ولا يُبقي ناحيةً إلّا ويضرب له فيها سهماً؛ طمعاً في الوصول إلى رضا ومحبّة الله -تعالى- ومحبّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ دخول الفردوس الأعلى يوم القيامة.
حُبّ الله تعالى
إنّ طُرق الوصول إلى محبّة الله -تعالى- ورضاه كثيرة، منها:[١]
- معرفة الله -سبحانه وتعالى- حقَّ المعرفة بالبحث في أسمائه الحسنى وصفاته العُلا، واجتهاد العبد في تطبيقها في حياته العمليّة وتصرفاته اليوميّة التي تُثبت أنّ مع المعرفة تطبيقاً يُرضي الله تعالى.
- ذِكر الله -سبحانه وتعالى- باستمرار وفي الأحوال والأوقات كلّها، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)، [٢] فهو من أعظم الأدلّة على المحبّة؛ إذ إنّ المُحبّ يُكثِر ذِكر محبوبه حتّى لا يكاد يفتر اللسان عن ذكره وتعداد محاسنه أمام الناس، فإن غاب عنه فكّر به فهو إمّا مادحٌ له أو شاكرٌ، أو مؤانسه بما يحبّ، والمؤمن المُحبّ لله -تعالى- ذاكرٌ له وحامدٌ لأفضاله، فأينما حلّ يذكر الله -تعالى- ويُذكّر الناس بخالقهم.
- استشعار العبد لنِعَم الله -تعالى- عليه، فقد قال الله تعالى: (وَإِن تَعُدّوا نِعمَةَ اللَّهِ لا تُحصوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفورٌ رَحيمٌ)،[٣] وحبّ الله -تعالى- بسبب نِعَمه يعدّ نوعاً من أنواع شُكره وحمده.
- كثرة تلاوة القرآن الكريم وتدبّر معانيه وألفاظه؛ فهو كلام الله -تعالى- وفي تلاوته والمداومة عليه استشعار لفضله وحلاوته، ومن ثمّ تذوّقٌ لقرب الله -تعالى- من العبد.
- ترك كلّ مُحرَّم يُغضِب الله -تعالى- ويُنقص المحبّة والإيمان عند العبد؛ فالله -تعالى- غيورٌ على عبده؛ فهو يحبّه ولا يرضى له إتيان الأفعال المُحرَّمة.
حُبّ رسول الله
إنّ طُرق الوصول إلى محبّة الله -تعالى- كثيرة، وكذلك طرق الوصول إلى محبّة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- مُيسَّرة ومتعددةٌ، منها:[٤]
- الإقبال على معرفة سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وشمائله، وأخلاقه، وفضله.
- اتّباع سُنّة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- المُطهَّرة والتخلّق بأخلاقه العظيمة؛ فقد قال الله تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ).[٥]
- نشر سُنّة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وسيرته بين الناس إحياءً وتثقيفاً، بأن يكون المُحبّ له مُطبِّقاً لسُننه، وحثّ الناس وتذكيرهم بها، والردّ على الشبهات ضدّ السنّة بالدفاع عنها قولاً وفعلاً، وعدم الرضا بذلك.
- كثرة الصّلاة على الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهو أمر ورد في القرآن الكريم في قول الله تبارك وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).[٦]
- محبّة آل بيت النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الأطهار وصحابته الأبرار رضي الله عنهم، وعدم طعنهم والإساءة إليهم.
- الابتعاد عن البِدَع التي تُضِلّ عن طريق سُنّة الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
نتائج محبّة الله ورسوله
من صفات الله تعالى أنّه كريم مُعطٍ يحبّ عباده ويكرمهم ويُجزِل لهم العطاء دون مقابل، فعن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربّه: (إذا تقرَّب العبدُ إليَّ شِبراً تقرَّبتُ إليه ذِراعاً، وإذا تقرَّب إليَّ ذِراعاً تقرَّبتُ منه باعاً، وإذا أتاني مَشياً أتَيتُه هَروَلَةً)، [٧] وفي هذا طمأنينة للإنسان ورفعٌ لهمّته في جزيل عطاء الله تعالى، فلذلك فإنّ الإنسان إذا أحبّ الله -تعالى- ورسوله -صلّى الله عليه وسلّم- وبذل الجهد والنفس في سبيل حبّهما وإرضائهما فستُفتَح له أبواب الخير من الله تعالى، كلّ ذلك يؤكّده الله -سبحانه وتعالى- في الحديث القدسيّ فيما يرويه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عنه: (ما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أُحبَّه فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمَعُ به وبصرَه الذي يُبصِرُ به ويدَه التي يبطِشُ بها ورِجلَه التي يمشي بها وإن سألني لأُعطينَّه ولئن استعاذني لأُعيذنَّه)،[٨] فيدلّ هذا الحديث على أنّ المسلم إذا التزم أوامر الله -تعالى- في كلّ أحواله، فإنّ الله -تعالى- يملأ قلبه سروراً ورضاً ويوفّقه لفعل الطاعات، وترك المُنكَرات.[٩][١٠]
والعابد الحقيقيّ لله -تعالى- يُصبح النور في قلبه فرقاناً يفرق له بين ما يُرضي الله -تعالى- وما يُسخطه، فما يرضي الله -تعالى- يأتيه ويقوم به على أتمّ وجه، وما يسخط الله -تعالى- يستغني عنه حُبّاً لله تعالى، وقد قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (اللهُمَّ اجعل في قلبي نوراً، وفي لساني نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، ومن فوقي نوراً، ومن تحتي نوراً، ومن أمامي نوراً، ومن خَلفي نوراً، واجعل لي في نفسي نوراً، وأَعظِمْ لي نوراً).[١١][١٠]
المراجع
- ↑ عبد الله بن جار الله بن إبراهيم آل جار الله، "محبة الله - أسبابها- علاماتها- نتائجها"، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 2017-12-24. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 41-42.
- ↑ سورة النحل، آية: 18.
- ↑ الشيخ محمد كامل السيد رباح، "محبة النبي صلى الله عليه وسلم (سعادة الدنيا ونجاة الآخرة) "، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2017-12-24. بتصرّف.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 21.
- ↑ سورة الأحزاب، آية: 56.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 7536، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6502، صحيح.
- ↑ الدكتور محمد راتب النابلسي ، "أنا عند ظن عبدي بي"، www.nabulsi.com. بتصرّف.
- ^ أ ب الدكتور محمد راتب النابلسي، "الولي وتعريفه وأهمية تأدية النوافل."، www.nabulsi.com. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1259، صحيح.