إبراهيم عليه السّلام
هو أحد أنبياء الله تعالى الذين حملوا رسالةَ الإسلام ودعوا قومهم إلى عبادة الله تعالى ووحدانيّته، ويعتبر سيّدنا إبراهيم من أولي العزم الخمسة، فأخذ منه الله ميثاقاً غليظاً، ورغم كل البلاءِ الذي وقع بهِ وفقدانه لطاقته، إلا أنّه بقي على الدّعوة التّي زادت من وفائه وقوته.
عمل سيّدنا إبراهيم ومواجهته لقومه
ولد سيّدنا إبراهيم في أسرةٍ بسيطةٍ، فكان يعمل والده بصناعة الأصنام والآلهة بيده، لكن يقال أن والده توفي قبل والدته، فقام عم إبراهيم بتربيته، وكان له بمثابةِ الأب الحنون، وبعد أن كبر إبراهيم عملَ في تجارةِ الأقمشة وتوزيعها على قومه، وكان يحمل منذ صغره كرهاً كبيراً للأصنام.
تفكر سيّدنا إبراهيم عليه السّلام دائماً كيف يعبد الإنسان العاقل تمثالاً لا يشرب ولا يتكلم ولا يعقل وتتم صناعتهُ باليد من أيّ شخص، وفي يوم ما قرّر إبراهيم عليه السّلام أن يذهب إلى جماعةِ من قومهِ الذين عرفوا بعبادتهم للنّجوم؛ فقد عرف أنّ جزءاً من قومهِ يعبد التّماثيل، والجزء الآخر يعبد الكواكب والنّجوم>
قرّر إبراهيم أن يشير لهم على أحد الكواكب في الليل ويقول لهم هذا ربي ليطمئن القوم له، لكن إبراهيم كان يحملُ في داخلهِ مفاجأةً كبيرةً لقومه، فبعد اختفاء النّجوم قال أنّه يعبد القمر، وبعد اختفائِه قال: أنه يعبد الشّمسَ مستهزئاً بقومه، لكنهم لم يلاحظوا ذلك، ودائماً ما كانوا يحاول إقناعهم أنّ هناك رباً لا يختفي.
هكذا بدأت مواجهة إبراهيمَ لقومه وخاصّة لعمهِ الذي رباه، فقال له عمه مصيبتي فيك كبيرة يا إبراهيم، لقد خذلتني وأسأت لي
فقال له إبراهيم:(يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا*يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا*يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشّيْطَانَ إِنَّ الشّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا* يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا) [مريم:42 - 45].
لكن عمه قام بطرده من منزله، وغضبَ غضباً شديداً منه، فخرج من بيته، وهو يقصد المعبد الذي توجد به التّماثيل بعد أن كانت الطّرق خاليةً، وجميع الناس يحتفلون، وكان يحمل معه فأساً، وقام بتحطيمهم جميعاً، ووضع الفأس بالقرب من كبيرهم، فعند رؤية القوم لمنظر الآلهة المحطمةِ غضبوا جداً، فأحضروا إبراهيم عليه السّلام، وتجمّع جميع الناس حوله ، وسألوه:(أفَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيم؟) فأجابهم إبراهيم: بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ)، فقالوا له: هذا جماد لا يتكلم، فضحك ساخراً منهم لعبادتهم لهم، فاجتمعوا جميعهم وقرّروا إحراق سيّدنا إبراهيم، وحفروا حفرةً عميقةً تحضيراً لحرقه، وأشعلوا النار بها، ووضع إبراهيم في منتصفها بعد تقييده، فقال الله تعالى للنار: (يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ) [الأنبياء:69]، وأحرقت النار القيود فقط، وجلس الكهنة والناس يراقبون الذي يحدث، وخروج إبراهيم سليماً من النّار يتلألأ بالنّور والجلال، ولم تحرق حتى ثيابه، فصعق جميع الناس، وتم اتهامه بالسّحر والشّعوذة.