محتويات
الحكمة من مشروعية صلاة العيد
تتجلّى الحكمة من تشريع صلاة العيد في الإسلام في إظهار إحدى أهمّ وأعظم شعيرة من شعائر الإسلام ألا وهي الصلاة، كما أنَّ صلاة العيد موجبة لاجتماع للمسلمين فيها وهم في أبهى صورة على أمر فيه خير لهم،[١] بالإضافة إلى أنَّ فيها شُكر لله -تعالى- على ما فضَّل به على عبده المؤمن؛ ففرحة عيد الفطر تكون بسبب تيسير إكمال صيام شهر رمضان، وفي عيد الأضحى تكون بسبب توفيقهم لأداء الطاعات في العشر من ذي الحجّة، وقد يسَّر لهم أداء فريضة الحجّ أيضاً،[٢] ولصلاة العيد وقت محدد وسيتمّ بيانه في الآتي من المقال.
وقت صلاة العيد
الأيّام التي تصحّ فيها صلاة العيد
يؤدّي المسلمون في كلّ عيد صلاة خاصّة به، ولهذه الصلاة وقت محدد حدده الشارع؛ ففي عيد الفطر تقام صلاة العيد في أوّل يوم من شهر شوال،[٣] أمَّا صلاة عيد الأضحى فإنَّها تأتي في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، لما لهذه الأيّام من فضل كبير في الإسلام، وتأتي بعد ذلك أيام التشريق، وهي أيّام معدودات يُكمل فيها الحاجّ مناسك الحجّ، وصلاة عيد الأضحى لها وقع خاصّ في قلب المؤمن فهي تأتي في أيّام لها فضل عظيم في التشريع الإسلاميّ.[٤]
وجاء في الحديث النبويّ: (أنَّ رَكبًا جاءوا إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يشهدونَ أنَّهم رأوا الهلالَ بالأمسِ فأمرَهم أن يفطروا وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلَّاهم)،[٥] وقد دلَّ ذلك على جواز صلاة عيد الفطر في اليوم التالي لمن تعذّر عليه رؤية هلال شهر شوّال، أو في حال لم يصل خبر ثبوت الهلال إلى أهل البلد إلّا في اليوم الثاني بعد الزوال*؛ فتؤخّر الصلاة إلى ذلك اليوم، كما أنَّه لو كان هناك مطر شديد يمنع إقامة صلاة العيد في يوم العيد الأول؛ فإنَّها تؤجّل إلى اليوم الثاني من أيّام عيد الفطر، وإذا استمر العُذر أكثر من ذلك؛ فإنَّها تسقط، وكذلك الحال في صلاة عيد الأضحى؛ يُمكن أن تُؤخَّر لمدّة لا تزيد عن ثلاثة أيام، وإذا طال وقت العذر فإنَّها تسقط، كما ودلَّ الحديث على عدم صحّة صلاة العيد بعد الزوال، حيث تبدأ صلاة العيد من طلوع الشمس إلى حين الزوال.[٦]
وقت أداء صلاة العيد
تبدأ صلاة العيد من طلوع الشمس قَدْر رُمح إلى حين ابتداء زوالها، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة، أمّا الشافعية فقالوا إنَّ وقت صلاة العيد يبدأ من حين ابتداء طلوع الشمس إلى حين زوالها؛ فهذه صلاة سبب لا تأخذ بعين الاعتبار الأوقات التي فيها كراهة،[٧] ودليل الشافعيّة على قولهم هو ما ورد عن الرسول -عليه السلام- أنّه قال: (إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ مِن يَومِنَا هذا أنْ نُصَلِّيَ)،[٨] ووجه الدلالة أنَّ اليوم يبدأ بطلوع الفجر وهذا وقت أداء صلاة الفجر، وبعد زوال الشمس يكون وقت صلاة الظهر،[٩] أمّا الجمهور فقد بيّنوا أنَّ المتعارف عليه من الأمّة أن تؤدّى الصلاة في هذا الوقت؛ فالمعروف بين الأمّة لا بدّ من اتّباعه، كما أنَّه لا بد من ورود نصّ يدل على وقت صلاة العيد إن كان لها وقت قبل طلوع الشمس، كما أنَّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الصلاة حين طلوع الشمس؛ فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فأخِّرُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَرْتَفِعَ، وإذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فأخِّرُوا الصَّلَاةَ حتَّى تَغِيبَ).[١٠]
ويُسّنّ للمسلم تعجيل أداء صلاة عيد الأضحى بحيث يُوافق وقت صلاة العيد وقت ذبح الهدي والأضاحي بمنى، أمَّا في عيد الفطر فيُسّن تأخيرالصلاة؛ ليتّسع الوقت لأداء صدقة الفطر قبل الصلاة، و من الأدلّة على ذلك ما روي أنَّ الرسول -عليه السلام- كتب إلى عمرو بن حزم -رضي الله عنه-: (أن عجِّل الأضحى، وأخّر الفطر، وذكِّر الناس)،[١١][١٢] وهذا لأنّ الأفضليّة في صدقة الفطر أن تخرج قبل أداء صلاة العيد، والتضحية في عيد الأضحى تكون بعد صلاة العيد مباشرة.[١٣]
الهامش
* بعد الزوال: يعني أنّ الشمس مالت عن وسط السماء باتّجاه الغرب، وذلك يكون وقت ابتداء صلاة الظهر.[١٤]
المراجع
- ↑ فتحي (19-8-2018)، "الشعراوي: هذه هي الحكمة من صلاة العيد"، www.amrkhaled.net، اطّلع عليه بتاريخ 21-7-2020. بتصرّف.
- ↑ "حكمة مشروعية صلاة العيدين"، www.al-eman.com. بتصرّف.
- ↑ ابن عثيمين (1413)، مجموع فتاوي ورسائل العثيمين (الطبعة الأخيرة)، السعودية: دار الوطن ، صفحة 225، جزء 16. بتصرّف.
- ↑ سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة 1295، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عمومة أبي عمير بن أنس، الصفحة أو الرقم: 1395، صحيح.
- ↑ سعيد حوى (1994)، الأساس في السنة وفقهها (الطبعة الأولى)، القاهرة: دار السلام، صفحة 1346-1347، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية (1404-1427)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: مطابع دار الصفوة، صفحة 2 ال43، جزء 26. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن البراء بن عازب، الصفحة أو الرقم: 951، صحيح.
- ↑ مصطفى الخِنْ، مصطفى البُغا، علي الشربجي (1992)، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار القلم، صفحة 223، جزء 1.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 583، صحيح.
- ↑ رواه ابن الأثير، في شرح مسند الشافعي ، عن أبي الحويرث عبدالرحمن بن معاوية ، الصفحة أو الرقم: 2/279، مرسل.
- ↑ وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، سوريا: دار الفكر، صفحة 1391، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ يحيى العمراني (2000)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (الطبعة الأولى)، جدة: دار المنهاج، صفحة 626، جزء 2. بتصرّف.
- ↑ "معنى (بعد الزوال)"، www.islamweb.net، 13-3-2006، اطّلع عليه بتاريخ 13-8-2020. بتصرّف.