النار في القرآن
أعدَّ الله -تعالى- العذاب الأليم لِمَن جَحَد به، وكَذَّب برُسُله الكِرام -عليهم الصلاة والسلام-، واستكبرَ على دعوتهم، وعاداهم؛ فمصير المُعاندين المُجرمين الظالمين النار، والتي لا يتصوّر العذاب فيها عقل، ولا يُدركه بَشَر، وهي الخِزي والخُسران الأعظم؛ قال -تعالى-:(أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ)[١] وقال -تعالى-: (إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)[٢] وقد ذمّ الله -تعالى- أهل النار في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.[٣]
كم مرّة ذُكِرت النار في القرآن
ذكر الله -عزّ وجلّ- النار في القرآن الكريم بلفظ النار مئة وستّاً وعشرين مرّة، أمّا لفظ ناراً فقد ذُكِر تسعَ عشرة مرّة، كقوله -تعالى-:(سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَب)،[٤][٥] ويُشار إلى أنّ عدد المواضع التي ذُكِرت فيها النار في القرآن الكريم بلغ مئة وخمساً وأربعين مَوضعاً، منها على سبيل المثال أربع عشرة مرّة في سورة البقرة، وإحدى عشرة مرّة في سورة آل عمران، وذلك حسب ما أشار إليه محمد فؤاد عبدالباقي في المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم..[٦]
بعض أسماء النار في القرآن
سُمِّيت النار بأسماء عديدة، ومن أشهرها ما يأتي:
- جهنّم: ومن المواضع التي ورد فيها هذا الاسم قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا).[٧].[٨]
- سَقَر: وقد ورد ذلك في قوله -تعالى-: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)،[٩] وهو يعني: الحرارة الشديدة، وشِدّة الوَقْع.[١٠]
- الهاوية: وورد ذلك في قوله -تعالى-: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ)،[١١] وسُمِّيت بذلك؛ لأنّ أهلها يهوون إلى داخلها؛ مِمّا يدلّ على عُمقها الشديد.[١٢]
- الحُطَمَةِ: وورد ذلك في قوله -تعالى-: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ*نَارُ اللَّـهِ الْمُوقَدَةُ)،[١٣] وسُمِّيت بذلك؛ لأنّها تُحطّم وتُكسّر كلّ ما يُلقى فيها.[١٤]
- لظى: وقد ورد ذلك في قوله -تعالى-: (كَلاَّ إِنَّهَا لَظَى*نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى)،[١٥] والشوى: أطراف البَدَن، وجلدة الرأس،[١٦][١٧] ويُقصَد ب(نزّاعة للشوى)؛ أي أنّها تحرق هذه الأطراف، وجلدة الرأس كأنّها تنزعها نَزْعاً، وسُمِّيت بذلك؛ لشدّة حَرّها.[١٨]
- دار البَوار: وورد ذلك في قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ*جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ)،[١٩] وقد أشار البغويّ إلى أنّ دار البَوار هي جهنّم، وقال بذلك ابن كثير.[٢٠]
- الجحيم: وورد ذلك في قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ)،[٢١] ويُقال لِمَن أوقدَ النارَ، وأشعلَها: جَحَم النارَ، والجحيم: النار الشديدة التي تكون بعضها فوق بعض وتكون عظيمة في أَوْج اشتِعالها.[٢٢]
- السعير: وذلك في قوله -تعالى-: (وَيَصْلَى سَعِيرًا*إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا)،[٢٣] وقال ابن فارس -رحمه الله- إنّ اشتِعال النار، واتِّقادها، وارتفاعها هو معنى السعير، ويُشار إلى أنّ هذا الاسم ورد في أكثر من مَوضع في القرآن الكريم.[٢٤]
- سِجّين: وذلك في قوله -تعالى-: (كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ)، والسجن يمثّل المكان الذي يُحبَس فيه الإنسان، وقد بَيَّن الراغب الأصفهانيّ أنّ الزيادة في اللفظ إنّما كانت تنبيهاً إلى زيادة المعنى، وقد ذُكِر هذا الاسم مرّتَين في القرآن الكريم.[٢٤]
المراجع
- ↑ سورة التوبة، آية: 63.
- ↑ سورة الزمر، آية: 15.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، الموسوعة العقدية، صفحة 150، جزء 5. بتصرّف.
- ↑ سورة المسد، آية: 3.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الفوز العظيم والخسران المبين في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 17. بتصرّف.
- ↑ "عدد ألفاظ (النار) في القرآن الكريم"، www.islamweb.net، 12-5-2002، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2020. بتصرّف.
- ↑ سورة النساء، آية: 140.
- ↑ التويجري (2009)، كتاب موسوعة الفقه الإسلامي (الطبعة الأولى)، صفحة 366، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة المدثر، آية: 42-43.
- ↑ الجوهري، منتخب من صحاح الجوهري، صفحة 2379. بتصرّف.
- ↑ سورة القارعة، آية: 9.
- ↑ أبو السعود، تفسير أبي السعود إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، صفحة 194. بتصرّف.
- ↑ سورة الهمزة، آية: 5-6.
- ↑ محيي الدين درويش (1415)، إعراب القرآن وبيانه (الطبعة الرابعة)، دمشق-بيروت: دار ابن كثير، صفحة 576، جزء 10. بتصرّف.
- ↑ سورة المعارج، آية: 15-16.
- ↑ مجمع اللغة العربية (1989)، معجم ألفاظ القرآن الكريم، جمهورية مصر العربية: مجمع اللغة العربية، صفحة 648.
- ↑ "تعريف و معنى نَزاعة في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 22-7-2020.
- ↑ محمد نصر الدين محمد عويضة، كتاب فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب، صفحة 24. بتصرّف.
- ↑ سورة إبراهيم، آية: 28-29.
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، الفوز العظيم والخسران المبين في ضوء الكتاب والسنة، الرياض: مطبعة سفير، صفحة 18.
- ↑ سورة المائدة، آية: 86.
- ↑ ابن سيده (2000م)، كتاب المحكم والمحيط الأعظم (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 96، جزء 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الانشقاق، آية: 12-13.
- ^ أ ب محمد الأفغاني (27-9-2018)، "أسماء النار ومعانيها"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 2-7-2020. بتصرّف.