كم تشتكي
كم تشتكي وتقول إنك معدم
- والأرض ملكك والسما والأنجم
ولك الحقول وزهرها ونخيلها
- ونسيمها والبلبل المترنم
والماء حولك فضة رقراقة
- والشمس فوقك عسجد يتضرم
والنور يبني في السفوح وفي الذرا
- دوراً مزخرفة وحينا يهدم
هشت لك الدنيا فما لك واجماً؟
- وتبسمت فعلام لا تتبسم؟
إن كنت مكتئباً لعز قد مضى
- هيهات يرجعه اليك تندُم
أو كنت تشفق من حلول مصيبة
- هيهات يمنع أن تحل تجهم
أو كنت جاوزت الشباب فلا تقل
- شاخ الزمان فإنه لا يهرم
انظر فما زالت تطل من الثرى
- صور تكاد لحسنها تتكلم
الطلاسم
إنّني أشهد في نفسي صراعاً وعراكاً
وأرى ذاتي شيطاناً وأحياناً ملاكاً
هل أنا شخصان يأبى هذا مع ذاك اشتراكاً
أم تراني واهماً فيما أراه؟
لست أدري!
بينما قلبي يحكي في الضّحى إحدى الخمائل
فيه أزهار وأطيار تغني وجداول
أقبل العصر فأسى موحشا كالقفر قاحل
كيف صار القلب روضاً ثمّ قفراً؟
لست أدري!
أين ضحكي وبكائي وأنا طفل صغير
أين جهلي ومراحي وأنا غضّ غرير
أين أحلامي وكانت كيفما سرت تسير
كلّها ضاعت ولكن كيف ضاعت؟
لست أدري!
أيها الشاكي
أيها الشاكي وما بك داء
- كيف تغدو إذا غدوت عليلاً
إن شر الجناة في الأرض نفس
- تتوخى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى
- أن ترى فوقها الندى إكليلاً
هو عبء على الحياة ثقيل
- من يظن الحياة عبئاً ثقيلاً
والذي نفسه بغير جمال
- لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً
ليس أشقى ممن يرى العيش مراً
- ويظن اللذات فيها فضولاً
أحكم الناس في الحياة أناس
- عللوها فأحسنوا التعليلا
أيا هذا الشاكي وما بك داء
- كن جميلا ترَ الوجود جميلاً
قال السماء كئيبة وتجهما
قالَ: السماءُ كئيبةٌ وتجهما
- قلتُ: ابتسمْ يكفي التجهم في السما
قال: الصبا ولّى فقلت له: ابتــسمْ
- لن يُرجعَ الأسفُ الصبا المتصرما
قال: التي كانت سمائي في الهوى
- صارَتْ لنفسي في الغرام ِجــهنّما
خانت عـهودي بعدما ملكـتها
- قلبي، فكيف أطيق أن أتبســما
قلـــت: ابتسم و اطرب فلو قارنتها
- لقضيت عـمرك كله متألما
قال: الـتجارة في صراع هائل
- مثل المسافر كاد يقتله الـظما
أو غادة مسلولة محتاجة
- لدم، وتنفث كلما لهثت دما
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها
- وشفائها، فإذا ابتسمت فربما
أيكون غيرك مجرماً
- وتبيت في وجل كأنك أنت صرت المجرما؟
قال: العدى حولي علت صيحاتهم
- أَأُسرُّ و الأعداءُ حولي في الحمى؟
قلت: ابتسم، لم يطلبوك بذمهم
- لو لم تكن منهم أجلّ و أعظما
قال: المواسم قد بدت أعلامها
- وتعرضت لي في الملابس والدمى
وعليّ للأحبابِ فرضٌ لازمٌ
- لكن كفّي ليس تملك درهماً
قلت: ابتسم، يكفيك أنك لم تزل
- حيًّا، و لست من الأحبة معدما
قال: الليالي جرعتني علقما
- قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنّما
- طرح الكآبة جانباً وترنما
أتُراك تغنم بالتبرم درهماً
- أم أنت تخسر بالبشاشة مغنماً؟
يا صاح، لا خطر على شفتيك أن
- تتثلما، و الوجه أن يتحطما
فاضحك فإن الشهب تضحك و الدجى
- متلاطمٌ، و لذا نحب الأنجما
قال: البشاشة ليس تسعد كائناً
- يأتي إلى الدنيا ويذهب مُرغماً
قلت ابتسم مادامَ بينك والردى
- شبرٌ، فإنك بعدُ لنْ تتبسّما
كن بلسماً
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا
- لولا شعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصراً نيراَ
- وابغض فيمسي الكون سجناً مظلماً
ما الكأس لولا الخمر غير زجاجةٍ
- والمرءُ لولا الحب إلا أعظُما
كرهَ الدجى فاسودّ إلا شهبُهُ
- بقيتْ لتضحك منه كيف تجهّما
لو تعشق البيداءُ أصبحَ رملُها
- زهراً، وصارَ سرابُها الخدّاع ما
لو لم يكن في الأرض إلا مبغضٌ
- لتبرمتْ بوجودِهِ وتبرّما
لاح الجمالُ لذي نُهى فأحبه
- ورآه ذو جهلٍ فظنّ ورجما
لا تطلبنّ محبةً من جاهلٍ
- المرءُ ليس يُحَبُّ حتى يُفهما
وارفقْ بأبناء الغباء كأنهم
- مرضى، فإنّ الجهل شيءٌ كالعمى
والهُ بوردِ الروضِ عن أشواكه
- وانسَ العقاربَ إن رأيت الأنجما