محتويات
نظرة حول تحديد المناخ
يُشير مصطلح تحديد المناخ (بالإنجليزية: Climate Classification) إلى تشكيل أنظمة لتفسير أوجه التشابه والاختلاف في مناخات المناطق الجغرافية المختلفة وتوضيحها، وذلك من خلال تجميع وفرز الكثير من البيانات البيئية ودراسة أنماط العمليات المناخية المتفاعلة،[١] وتُساعد عملية تحديد المناخ على معرفة الظروف الجوية التي تمرّ فيها منطقة معينة خلال السنة دون الحاجة إلى وصف تسلسل كامل للظروف التي تمّ رصدها في المنطقة خلال كلّ شهر أو فصل من السنة، حيث إنّ لهذه العملية أهمية في اختيار مواد البناء الأمثل في المنطقة من حيث المتانة اللازمة وتحمّل الظروف الجوية، وتحديد نوعية المحاصيل التي تنجح أو تفشل زراعتها في منطقة معينة، بالإضافة إلى تحديد المواسم السياحية الأمثل ومساعدة السياح على اختيار الملابس المناسبة عند الذهاب إلى المنطقة.[٢]
كيفية تحديد المناخ
يدرس العلماء تاريخ مناخ كوكب الأرض باستخدام مقاييس مباشرة وغير مباشرة لعيّنات الجليد المستخرجة من الأنهار الجليدية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ بالإضافة إلى تحليل نتائج عمليات الرصد الجوية التي تتمّ باستخدام الأقمار الصناعية، وعلى الرغم من اختراع مقياس الضغط الجوي (بالإنجليزية: Barometer) ومقياس درجة الحرارة الزئبقي (بالإنجليزية: Mercury Thermometer) في القرن الثامن عشر، وبدء إنشاء محطات الأرصاد الجوية في الولايات المتحدة منذ أواخر القرن التاسع العشر، إلّا أنّ العلماء بدأوا باستخدام أدوات علمية حديثة لدراسة التغيّرات المناخية منذ حوالي 100-150 سنة فقط.[٣]
يستخدم علماء المناخ سجلات المواد الفيزيائية والكيميائية والحيوية المحفوظة في السجل الجيولوجي لدراسة المناخ قبل 100 إلى 150 سنة في الماضي، حيث يتمّ الاستفادة من المؤشرات المناخية (بالإنجليزية: Climate Proxies) المختلفة لدراسة مناخ الزمن الماضي بمعدّلٍ يصل إلى مئات الملايين من السنين، وتُمثّل النقاط الآتية أهم تلك المؤشرات:[٣]
- الكائنات الحية: أيّ معرفة أنواع الكائنات الحية التي كانت موجودةً خلال حقبة زمنية معينة، مثل: الدياتومات، والمنخربات، والمرجان، وغيرها.
- المؤشرات الكيميائية: تتمثّل في نسب نظائر العناصر الكيميائية، وتحليل العناصر، والمؤشرات الحيوية، وهياكل السيليكا حيوية المنشأ، وغيرها.
- مؤشرات أخرى: تشمل عينات جليدية جوفية (بالإنجليزية: Ice Cores)، وحلقات الأشجار، وعينات الرواسب الجوفية الأسطوانية، وغيرها.
أبرز طرق تحديد أنواع المناخ
أنماط الطقس
تُعدّ السجلات طويلة المدى لمعدلات هطول الأمطار ودرجات الحرارة في غاية الأهمية للكشف عن الأنماط المناخية حول العالم وتصنيفها إلى مناطق مناخية، ويتمّ تسمية الأنظمة التصنيفية المعتمدة على أنماط الطقس عن طريق نسبتها إلى مناطق جغرافية، مثل: قطبية، أو استوائية، أو قاريّة، أو بحرية، أو غيرها، واستخدام كلمات تصف درجة الحرارة، والرطوبة، وشدّة المناخ خلال فصول السنة، مثل: دافئ، أو بارد، أو معتدل، أو شديد، أو غيرها من الكلمات، ثمّ يتمّ الجمع بين أسماء الأنظمة والكلمات السابقة لتُصبح أسماء التصنيفات: القارية المعتدلة، أو الاستوائية الدافئة، أو غير ذلك.[٢]
المؤشرات البيئية
يعتمد علماء المناخ في تصنيف المناطق المناخية على المؤشرات البيئية؛ كالنباتات المحلية التي تنمو في منطقة معينة؛ وذلك لأنّ كلّ نبات ينمو في ظروف خاصة؛ كمدى محدد من درجات الحرارة والرطوبة، فمن غير الممكن أن يعيش نبات معين في منطقة لا تتوافر فيها الظروف اللازمة لنموّه، ومن الجدير بالذكر استخدام المصطلحات الجغرافية في تسمية الأنظمة التصنيفية وتعديلها بالاستناد على أسماء الأقاليم الحيوية، ومن الأمثلة على أسماء الفئات التصنيفية التي تعتمد على المؤشرات البيئية؛ تندرا القطب الشمالي، والغابات المطيرة شبه الاستوائية، والغابات الجبلية، وغيرها.[٢]
الأقاليم الأحيائية
يعتمد مخطط هولدريدج لتصنيف الأقاليم الأحيائية على خطوط العرض، والارتفاع، والرطوبة لتحديد المناخ في منطقة معينة، حيث ترتكز التصنيفات على رسم هذه المعاملات الفيزيائية الثلاثة فقط، ونتيجةً لذلك أصبح من الشائع استخدام هذا النظام بسبب بساطته في تصنيف الآثار الناجمة عن تغيُّر المناخ وفقاً لنماذج معينة، وعادةً ما يُطلق أسماء تصويرية على فئات هذا التصنيف يُمكن التنبّؤ منها بشكل المكان، ومثال ذلك: التندرا الجافة، والغابات الرطبة، و الجنبات الصحراوية، وغيرها.[٢]
تصنيف كوبن للمناخ
يُستخدم تصنيف كوبن للمناخ على نحوٍ واسع، وهو أحد أنواع التصنيفات المناخية التجريبية التي ترتكز على الغطاء النباتي، وقد تمّ تطويره على يد عالم المناخ والنباتات الألماني فلاديمير كوبن أثناء محاولاته لابتكار قاعدة لوضع حدود مناخية تنسجم مع تصنيف الأقاليم الأحيائية التي تمّ رسمها كخرائط لأول مرة خلال الفترة التي عاش فيها، فنشر أول مخطط استطاع الوصول إليه عام 1900م، ثمّ نشر نسخةً أخرى بعد التعديل عام 1918م، وانتهت محاولاته في تطوير هذا التصنيف عند وفاته عام 1940م، ثمّ تمّ تعديل بعض جوانبه على يد علماء آخرين ذوي خبرة في هذا المجال.[٤]
أنواع المناخ الرئيسية في تصنيف كوبن
قُسِّم المناخ حول العالم وفقاً لتصنيف كوبن إلى خمس مناطق بالاعتماد على معايير معينة تتعلّق باختلاف الغطاء النباتي بين المناطق، وتمّ تصنيف أغلب المناطق بناءً على درجة حرارتها، بينما تم تصنيف منطقة المناخ الرطب - B حسب درجة جفافها، وتتميّز خريطة تصنيف كوبن باستخدام مُختلف الألوان والظلال في تمثيل المناطق المناخية المختلفة حول العالم،[٥] كما تمّ تحديد كلّ نوع مناخي وفقاً لتصنيف كوبن بأحد الأحرف الإنجليزية الكبيرة، وتُمثّل النقاط الآتية الأنواع المناخية الخمس لتصنيف كوبن وفقاً للمعدلات السنوية والشهرية لدرجات حرارتها وهطول الأمطار فيها:[٦]
- المناخ المداري الرطب - A: يتميّز هذا النوع بدرجات الحرارة ومعدلات الهطول المرتفعة على مدار السنة.
- المناخ الرطب - B: يتصف بمعدلات الهطول المنخفضة، ومدى درجات الحرارة اليومية الواسع، ويتفرّع إلى مجموعتين:
- مناطق شبه قاحلة - S.
- مناطق جافة أو صحراوية - W.
- المناخ الرطب - C: يشمل المناطق البرية والبحرية الواقعة على خطوط العرض الوسطى، والتي تتميّز بصيفها الدافئ والجاف، وشتائها البارد والرطب.
- المناخ القاري - D: تكون درجات الحرارة الموسمية فيه متفاوتةً جداً، بينما يكون إجمالي معدل هطول الأمطار معتدلاً، ويسود هذا المناخ في مناطق اليابسة الداخلية من القارّات.
- المناخ البارد - E: سُمّي بذلك نظراً لدرجات حرارته الباردة، فهو يتضمّن المناطق التي تتميّز بوجود الجليد والتندرا فيها بشكل دائم، حيث تكون درجات الحرارة فيها أعلى من درجة التجمّد خلال أربعة أشهر من كلّ سنة فقط.
أنواع المناخ الفرعية في تصنيف كوبن
تمّ تصنيف أنواع المناخ الرئيسية في تصنيف كوبن وفقاً لخصائص موسمية محددة تشمل درجة الحرارة ومعدلات الهطول بواسطة أحرف أخرى صغيرة كما يأتي:[٦]
- مناخ رطب وأمطار على مدار السنة - f: لا تمرّ المناطق التي تتميز بهذا المناخ بمواسم جافة، ويُضاف هذا النوع إلى كلّ من تصنيف المناخ المداري الرطب - A، والمناخ الرطب - C، والمناخ القاري - D.
- مناخ الغابات المطيرة - m: تكون فترة الجفاف فيه قصيرةً، ويُمكن أن يُضاف فقط لتصنيف المناخ المداري الرطب - A.
- موسم جاف صيفاً - s: يشمل المناطق التي تكون فيها الشمس مرتفعةً خلال فصل الصيف.
- موسم جاف شتاءً - w: يشمل المناطق التي تكون فيها الشمس منخفضةً خلال فصل الصيف.
تمّ اعتماد مجموعة ثالثة من الأحرف لتحديد الاختلافات المناخية بشكلٍ أوسع كما يأتي:[٦]
- صيف حار - a: حيث تتعدّى درجة الحرارة خلال أحرّ شهر فيه أكثر من 22 درجة مئوية، ويُمكن أن يُضاف لتصنيف المناخ الرطب - C، والمناخ القاري - D.
- صيف دافئ - b: تكون درجة الحرارة خلال أدفأ شهر فيه أقل من 22 درجة مئوية، ويُمكن أن يُضاف لتصنيف المناخ الرطب - C والمناخ القاري - D.
- صيف بارد قصير - c: يتميّز بأنّ عدد الشهور التي تكون درجة الحرارة فيها أعلى من 10 درجات مئوية أقل من أربعة شهور، ويُمكن أن يُضاف لتصنيف المناخ الرطب - C والمناخ القاري - D.
- شتاء شديد البرودة - d: حيث تكون درجة حرارة أبرد شهر أقل من -38 درجة مئوية، ويُمكن أن يُضاف لتصنيف المناخ القاري - D.
- مناخ حار وجاف - h: حيث يزيد فيه معدل درجة الحرارة السنوي عن 18 درجة مئوية، ويُمكن أن يُضاف لتصنيف المناخ الرطب - B.
- مناخ بارد وجاف - k: حيث يكون متوسط درجة الحرارة السنوي فيه أقل من 18 درجة مئوية، ويُمكن أن يُضاف لتصنيف المناخ الرطب - B.
أبرز العوامل المحددة للمناخ
تتمثّل العوامل الرئيسية المحددة للمناخ في منطقة معينة فيما يأتي:[٧]
- الارتفاع: (بالإنجليزية: Elevation)، كلّما زاد الارتفاع حوالي 305 متر عن مستوى سطح الأرض في منطقة معينة قلّت درجة الحرارة في تلك المنطقة حوالي 15 درجة مئوية بشرط ثبات المتغيرات الأخرى.
- القاريّة: (بالإنجليزية: Continentally)؛ تُشير القاريّة إلى مدى قرب منطقةٍ ما من مُسطّح مائي كبير كالمحيط، نظراً إلى أنّ الطاقة تتخزّن وتتحرّر في الماء بشكلٍ أبطأ من اليابسة، وعليه يكون المناخ في المناطق القريبة من المسطّحات المائية أكثر اعتدالاً من غيرها، كما أنّ للتيارات البحرية دور كبير في التقليل من تأثيرات خطوط العرض، فجزر أوروبا الغربية والجزر البريطانية تغمرها المياه الدافئة بسبب تيّارات الرياح القادمة من خليج المكسيك.
- التضاريس: (بالإنجليزية: Landforms)؛ عادةً ما تكون المناطق الواقعة على الجوانب الجبلية المحجوبة عن الريح أكثر جفافاً من تلك الموجودة على الجانب المواجه للريح؛ وذلك لأنّ الكتل الهوائية ترتفع للأعلى عند مواجهة الجبال فيبرد الهواء ويتكاثف بخار الماء ممّا يؤدّي إلى تكوّن المطر والثلج، أمّا أثناء نزول الهواء نحو الجانب الآخر من الجبل فإنّه يفقد الكثير من رطوبته، ويزداد دفئاً، وتُصبح قدرته على الاحتفاظ بالرطوبة أكبر كلّما هبط أكثر نحو أسفل الجبل.
- خطوط العرض: (بالإنجليزية: Latitude)؛ يستقبل كلّ خط عرض كمية إشعاع شمسي تختلف عن خطوط العرض الأخرى، حيث يستقبل خط الاستواء معظم كمية الإشعاع الشمسي التي تصل إلى الأرض، وتكون زاوية أشعة الشمس خلال منتصف النهار عموديةً تقريباً، أمّا المناطق القطبية فتستقبل أقل كمية من الإشعاع الشمسي، ولا يُمكن رؤية الشمس عالية في السماء في تلك المناطق حتّى في فصل الصيف؛ وذلك بسبب تدفّق ضوء الشمس عبر جزء كثيف من الغلاف الجوي ممّا يُقلل من شدّة الضوء، كما أنّ ارتفاع معامل الارتداد الإشعاعي (بالإنجليزية: Albedo) بسبب وجود الثلج والجليد في تلك المناطق يؤدّي إلى عكس جزء كبير من ضوء الشمس.[٨]
المراجع
- ↑ John P. Rafferty (28-8-2009), "Climate classification"، www.britannica.com, Retrieved 15-8-2020. Edited.
- ^ أ ب ت ث "How do scientists classify different types of climate?", www.climate.gov, Retrieved 15-8-2020. Edited.
- ^ أ ب "What kinds of data do scientists use to study climate?", www.climate.nasa.gov, Retrieved 15-8-2020. Edited.
- ↑ A. John Arnfield (30-1-2020), "Köppen climate classification"، www.britannica.com, Retrieved 17-8-2020. Edited.
- ↑ National Geographic Society (24-10-2019), "Köppen Climate Classification System"، www.nationalgeographic.org, Retrieved 17-8-2020. Edited.
- ^ أ ب ت "Climate", www.blueplanetbiomes.org, Retrieved 17-8-2020. Edited.
- ↑ "Climate Controls", www.e-education.psu.edu, Retrieved 16-8-2020. Edited.
- ↑ "Controls of Climate", www.courses.lumenlearning.com, Retrieved 16-8-2020. Edited.