سيدنا سليمان عليه السلام

كتابة - آخر تحديث: ١٥:١٣ ، ٤ يوليو ٢٠١٨
سيدنا سليمان عليه السلام

بنو إسرائيل

يعدّ إبراهيم -عليه السّلام- الأب المشترك للعرب واليهود والنصارى؛ حيث رزقه الله تعالى بولدين، هما: إسماعيل -عليه السّلام- بعد أن بلغ إبراهيم من العمر ستّاً وثمانين سنةً، وإسحاق -عليه السّلام- الذي جاء بعد إسماعيل بثلاث عشرة سنةً، كما قال تعالى على لسان إبراهيم عليه السّلام: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ)،[١] وأرسل إبراهيم -عليه السلام- ابنه إسماعيل وزوجته هاجر إلى مكّة، وهناك كبُرإسماعيل عليه السّلام، وتعلّم اللغة العربية من قبيلة جرهم التي استقرت في مكّة، ثمّ تزوج منهم، أمّا إسحاق فكانت أمة سارة، وقد رزقها الله تعالى هذا المولود بعد أن بلغت من العمر تسعين عاماً، ولمّا بلغ إسحاق الأربعين عاماً، تزوج من رفقا بنت ثبوائيل، فأنجبت له توأمين، فسموا الأول: عيصو؛ وهو الذي تسميه العرب العيص، وهو والد الروم، وأمّا الآخر فسمّوه يعقوب؛ وهو إسرائيل الذي يُنسب إليه بنو إسرائيل، ولمّا بلغ يعقوب الشباب، رحل من بيت المقدس إلى خاله لابان في أرض حرّان، وكان لخاله ابنتان: الكبرى ليا، والصغرى راحيل، وكانت راحيل أجملهما، فخطب يعقوب -عليه السّلام- راحيل، فاشترط عليه خاله أن يرعى له الأغنام مدّة سبع سنين، فلمّا أتمّ المدة؛ زف إليه ليا وكانت ضعيفة العينين، وليست بذات جمال راحيل، فلمّا أصبح قال لخاله لابان لقد غدرتني، فأجابه بأنّه ليس من سننهم أن يزوجوا الصغيرة قبل الكبيرة، ثم قال له: إن كنت تريد الزواج من راحيل، فعليك أن ترعى الأغنام سبع سنين أخرى، فوافق يعقوب وزوّجه إياها، وكان الزواج من الأختين لم يُحرّم في التوراة بعد، فوهبه الله تعالى من ليا سبعة أولادٍ،هم: روبيل، ثمّ شمعون، ثمّ لاوي، ثم يهوذا، وأيساخر، وزابلون، ودنيا، وكانت راحيل عاقراً لا تلد، فوهبته جاريةً لها اسمها بلها ليعقوب، فولدت له: يفثالي، ودان، ثمّ دعت راحيل الله تعالى بأن يهبها الولد؛ فحملت ورزقها الله تعالى بمولودٍ جميل عظيمٍ، سمّوه يوسف، وآخر سمّوه بنيامين، ثم عاد يعقوب بأولاده الإثنا عشر الذين يسمّون بالأسباط إلى فلسطين، وعاشوا هناك فترةً من الزمن، وكان من نسلهم بنو إسرائيل، ثمّ انتقلوا إلى مصر، وكان لهم فيها قصةٌ طويلةٌ مع فرعونها وموسى عليه السلام، ثمّ خرجوا منها وتاهوا في الأرض، ثمّ دخلوا إلى فلسطين، وتقسم مرحلة وجودهم في فلسطين إلى ثلاث مراحل: الأولى عهد القضاة، والثانية عهد الملوك ومنهم سليمان عليه السلام، والثالثة عهد الانقسام.[٢]


سليمان عليه السّلام

هو سليمان بن داوود عليهما السّلام، كان أبوه نبياً ملكاً، بعثه الله تعالى إلى بني إسرائيل، وبعد وفاة داوود -عليه السّلام- ورث سليمان -عليه السّلام- خلافة الأرض والملك؛ ليحكم بين الناس بحكم الله تعالى، واصطفاه الله تعالى للنبوّة؛ حيث قال تعالى: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)[٣] ومن الجدير بالذكر أنّ سليمان -عليه السّلام- كان واسع النفوذ، وقد أعطاه الله تعالى قدراتٍ ذاتيّةً، وإمكانيّاتٍ ماديّةً، ومنحه الصلاحيات التي تساعده على التغيير؛ حيث قال تعالى عن سليمان عليه السّلام:(قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ*فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ*وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ*وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ*هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، [٤] فكان سليمان -عليه السّلام- يتحمّل مسؤولية دعوة الآخرين، ويحاول جاهداً هدايتهم، حتى وإن لم يكونوا من رعيّته، وممّا يدل على ذلك؛ الكتاب الذي أرسله إلى بلقيس وقومها؛ ليدعوهم إلى توحيد الله وعبادته، كما قال تعالى في سورة النمل: (إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ*أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)،[٥] بالإضافة إلى تفقد أحوال رعيته؛ كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها، صحيحها وسقيمها، ومحاسبتهم في حال التقصير، كما حصل عندما تفقد جيشه فلم يرَ الهدهد الذي كان جندياً من جنوده، فسأل عنه وتعجب من غيابه، وتوعّده في حال كان مقصراً في عمله.[٦]


حُكم سليمان عليه السّلام

ظهرت علامات الذكاء والفطنة وحسن السياسة والتدبير على سليمان -عليه السّلام- منذ صغره، فكان أبوه داوود -عليه السّلام- يستشيره في أمورٍ كثيرةٍ منذ صباه؛ لذكائه وفطنته، وفي أحد الأيام جاء طرفان متخاصمان لداوود عليه السّلام، وكان عنده ابنه سليمان عليه السّلام، فشكوا إليه أنّ غنم قومٍ دخلت ليلاً إلى مزرعتهم، فأكلت الزرع وأفسدته، فحكم داوود -عليه السّلام- لصاحب الزرع بأن يأخذ الغنم؛ عوضاً عن إفساد زرعه، وفي ذلك الوقت استأذن سليمان -عليه السّلام- من أبيه؛ ليبدي رأيه في المسألة، فأذن له، فكان حكمه؛ بأن يأخذ أهل الزرع الغنم، فينتفعوا بألبانها، وشعرها، وأولادها، ويُدفع الزرع إلى أصحاب الغنم، حتى يصلحوا ما أفسده غنمهم من الزرع، وبعد ذلك يرجع الغنم إلى أهله والزرع إلى أهله، وكان حكم سليمان -عليه السّلام- أقرب للحقّ والصواب، فوافقه داوود -عليه السّلام- وحكم بحكمه، وقد قال الله تعالى في هذه القصّة: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ* فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ).[٧][٨]


المراجع

  1. سورة إبراهيم، آية: 39.
  2. "نبذة عن تاريخ بني إسرائيل"، ar.islamway.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2018. بتصرّف.
  3. سورة النمل، آية: 16.
  4. سورة ص، آية: 35-39.
  5. سورة النمل، آية: 30-31.
  6. "سليمان عليه السلام.. النبي القائد"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-5-2018. بتصرّف.
  7. سورة الأنبياء، آية: 78-79.
  8. "نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام"، www.darulfatwa.org.au، اطّلع عليه بتاريخ 20-5-2018. بتصرّف.
1,464 مشاهدة