شعائر الإسلام
جعل الله -سبحانه- لدين الإسلام العظيم مجموعةً من الشعائر، وجعلها أساسه وبنيانه، فبدونها ينتهي الدين ويتعطل، والأصل في المسلم التزام هذه الشرائع، ويجدر بيان أنّ هناك العديد من الأشخاص ممّن يُفرّط في هذه الشرائع، وذلك إمّا بالابتداع في الدين وإمّا بالتشبّه بالغير، وأمّا بالنسبة للابتداع فيُقصد به الإتيان بقربة إلى الله -عزّ وجلّ- غير موجودة في الدين من الأصل، ولعظم البدعة عدّ الله -تعالى- البدعة أعظم من المعصية، وذلك لأنّ البدعة تُبدّل في أصل الدين وتُحرّف فيه، في حين لا يظهر ذلك عند ارتكاب الإنسان المعصية، ومن الأمثلة على البدعة: ابتداع النصارى دينهم، فقد كانوا يُوحّدون الله، ويعبدونه على الوجه الصحيح، حتى جاء شاؤول اليهودي، وابتدع في دينهم التثليث، ومنع الختّان، وأباح أكل لحم الخنزير، فظهر دين النصارى الذي لا يمتدّ للإسلام وشرائعه بصلة، وأمّا بالنسبة للتشبّه بالآخرين؛ فقد شدّد الإسلام أيضاً على هذا الجانب، وذلك لأنّ التشبّه بالآخرين يتسبّب باكتساب المعتقدات الباطلة للآخرين، ومن الأمثلة الواضحة في هذا المجال: نقل عمرو بن لحي الخزاعيّ عبادة الأصنام إلى مكّة المكرّمة، فقد سافر إلى الشام ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فنقل هذا الباطل إلى أهل مكّة، حتى صاروا يعبدون الأصنام مثلهم، وكما تعهّد الله -عزّ وجلّ- بحفظ دينه، سخّر الله -تعالى- الشرائع، وجعلها كثيرةً حتى يُحافظ المسلمون على دينهم، ومن هذه الشرائع: القرآن الكريم، ومن أسباب حفظ القرآن الكريم التعبّد بتلاوته، والجهر بقراءته في الصلاة، ومن شرائع الإسلام الأخرى: الصلاة، ومن أسباب حفظها للدين؛ الأذان للصلاة خمس مراتٍ في اليوم الواحد، وهذا ممّا يُميّز الدولة المسلمة عن غيرها، وومن شرائع الإسلام أيضاً: الصوم، والزكاة، والحجّ.[١]
كيفية تشريع الأذان في الإسلام
الأذان مشتقٌّ من أذن، وهو في اللغة الإعلام بالأمر، أو الإعلان عنه، ويعرّف الأذان شرعاً على أنّه النداء للصلاة، أو الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ معلومةٍ مأثورةٍ،[٢] ومن الجدير بالذكر أنّ الأذان شُرع في عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في المدينة المنورة، وكان ذلك بسبب رؤيا رآها أحد الصحابة، وهو عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه، وكان ذلك بعد أن همّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بضرب الناقوس، وهو له كاره بسبب مشابهته للنصارى، حيث رأى ذلك الصحابي وهو نائم رجلاً عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله، فقال للرجل: (يا عبد الله أتبيع الناقوس؟)، قال: (وما تصنع به؟)، فقال الصحابي: (ندعو به إلى الصلاة)، قال: (أفلا أدلّك على خيرٍ من ذلك)، فقال: (بلى)، قال: (تقول الله أكبر الله أكبر، إلى نهاية الأذان)، ثمّ أفاق عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- من نومه، وفي الصباح ذهب إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأخبره بما رأى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إنَّها لرؤيا حقٍّ إن شاء اللهُ، فقُمْ مع بلالٍ فألْقِ عليه ما رأيتَ فليُؤذِّنْ به فإنَّه أندَى صوتاً منك)،[٣] فقام عبد الله بن زيد مع بلال يلقّنه الأذان، وبلال يؤذّن به، فسمعه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو في بيته، فخرج مسرعاً يجرّ ردائه ويقول: (والذي بعثك بالحقّ لقد رأيت مثل الذي أُرِي)، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (فلله الحمد).[٤]
وهكذا كان إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- تشريعاً للأذان وكلماته التي رآها عبد الله بن زيد -رضي الله عنه- في منامه، ولا شكّ أنّ إقرار النبي -عليه الصلاة والسلام- للفعل تشريعٌ له، إذ إنّ العلماء عرّفوا السنة بكلّ ما ورد عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، من قولٍ، أو عملٍ، أو تقريرٍ، ولا بُدّ من الإشارة إلى أنّ الرؤية جزءاً من سبعين جزءٍ من النبوّة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (الرؤيا الصالحةُ جزءٌ من سبعينَ جزءاً مِنَ النبوةِ فمن رأى خيراً فليحمَدِ اللهَ عليه وليذكرْه ومَنْ رأى غيرَ ذلكَ فلْيستعذْ باللهِ من شرِّ رؤياه ولا يذكرْها فإنّها لا تضُرُّهُ)،[٥] وممّا يؤكّد أنّ الرؤية التي رآها الصحابي في منامه رؤية حقّ موافقتها لرؤية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد سبق له موافقة الوحي والتشريع الإلهي من قبل، بالإضافة إلى ما روته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إنَّه كان قد كان فيما مضى قبلَكم من الأممِ مُحدَّثونَ، وإنَّه إن كان في أمَّتي هذه منهم فإنَّه عمرُ بنُ الخطَّابِ)،[٦] وقد فسّر ابن وهب قول النبي عليه الصلاة والسلام :(مُحدَّثونَ) بالملهمون.[٤]
شروط الأذان والمؤذن
ثمّة شروط لا بُدّ من توفّرها في الأذان والمؤذن؛ حتى يكون الأذان صحيحاً، وهي:[٧]
- النية: يجب وجود النية قبل الشروع في الأذان، فلا يصحّ أذان المجنون، أو السكران، أو الطفل غير المميز.
- العلم بدخول الوقت: إذ لا يصحّ الأذان قبل دخول الوقت، أو بعد خروجه.
- ذكوريّة المؤذن: فلا يجوز أن تؤذّن امرأةٌ؛ لأنّ الأذان ليس من عملها، ولم تؤمر به لا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا يجزي أذانها عند جمهور الفقهاء.
- الترتيب في الأذان: لأنّ الإعلام عن الصلاة؛ أي تحقيق القصد من الأذان، لا يتمّ إلّا بالالتزام بترتيب الأذان.
- عدالة المؤذّن وحسن أمانته: إذ يُكره أذان الفاسق الذي لم يُجاهر بفسقه، والأصل وجود مؤذنٍ راتبٍ مسؤولٍ.
- الامتناع عن التمطيط والتطويل والتلحين: فهذا كلّه لا أصل له في السنة.
- الموالاة: فقد اشتُرط لصحة الأذان موالاة أجزائه.
- أذان الشخص ذاته: فلا يصحّ الاستعاضة عن المؤذن بالمذياع، أو المُسجّل، أو ما شابه.
- عدم التغيير في الأذان: وذلك بالامتناع عن النقص، والزيادة، وتغيير المعنى.
المراجع
- ↑ "الشعائر في العبادات"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-8-2018. بتصرّف.
- ↑ "تعريف و معنى الأذان في معجم المعاني الجامع"، www.almaany.com، اطّلع عليه بتاريخ 2-8-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في سنن البيهقي، عن عبد الله بن زيد، الصفحة أو الرقم: 1/390، صحيح.
- ^ أ ب "هل الأذان من الوحي أو اقتراح من صحابي"، islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 1-8-2018. بتصرّف.
- ↑ رواه أحمد شاكر، في مسند أحمد، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 9/76، إسناده صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3469، صحيح.
- ↑ "تنبيهُ الأنامِ لما في الأذانِ من أخطاءَ وأوهامْ "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 1-8-2018. بتصرّف.