ثبوت شهر شوّال
شهر شوّال شهرٌ من الأشهر القمريّة العربيّة، وشهر عيد الفطر المبارك الذي يحلّ بعد شهر رمضان، وهو أوّل أشهر الحجّ المقصودة بقول الله -تعالى-: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ)،[١] ويثبت دخول شهر شوّال بإكمال عدّة شهر رمضان، وغير ذلك من الطُّرق، وقد اختلف العلماء فيها، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، بيانها آتياً:[٢]
- القول الأوّل: إنّ شهر شوّال يثبت بشهادة رَجلَين عَدْلَين بأقلّ تقديرٍ، وهو قول أكثر أهل العلم، بينما ذهب آخرون إلى القول بأنّه يثبت بشهادة رجلٍ وامرأتَين، وفي قولٍ ثالثٍ عند بعض أهل العلم بأنّه يثبت بشهادة رجلٍ واحدٍ فقط.
- القول الثاني: قال بعض العلماء بأنّ شهر شوّال يثبت بالرؤية المُستفيضة إن كانت السماء صافيةً دون غيمٍ، ويُراد بالرؤية المُستفيضة معنيان؛ الأوّل: رؤية أكثر من ثلاثة أشخاصٍ، والثاني: رؤية العدد الكبير، بحيث يستحيل اتِّفاقهم على الكذب.[٣]
وقت بدء صيام الستّ من شوّال
يُحرَّم صيام أوّل يومٍ من شهر شوّال بإجماع العلماء؛ وهو اليوم الأوّل من العيد؛ وذلك لئلّا يظنّ الناس أنّه يومٌ من رمضان، فيصومونه اعتقاداً بذلك، كما لا تجوز الزيادة على رمضان،[٤] إضافة إلى أنّ يوم العيد يوم فرحٍ، وسرورٍ، وذِكرٍ لله، واستيفاء لِلذّات؛ من أَكلٍ، وشُربٍ،[٥] أمّا عن معنى قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛[٦] فليس المقصود الصيام المُتتابع، إذ لا بدّ من الفَصْل بينهما، وأقلّه يومٌ واحدٌ، ولا بأس بأكثر من يومٍ،[٤] وتحصل فضيلة صيام ستّة أيّامٍ من شهر شوّالٍ؛ سواءً كان صيامها مُتتابعاً، أمّ مُتفرّقاً، كما أجمع على ذلك العلماء، مع استمراريّة وقت الصيام إلى نهاية الشهر، إلّا أنّهم اختلفوا في حُكم المُسارعة في صيامها بعد رمضان، وذهبوا في ذلك إلى عدّة أقوالٍ، فيما يأتي بيانها:[٧][٨]
- القول الأوّل: قال جمهور العلماء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة بأنّ الأفضل المُبادرة في صيام الستّ من شوّال بعد رمضان، فالمُبادرة في الصيام من المُسارعة في الخير التي حثّ الله -تعالى- عليها؛ ودليلهم في ذلك أيضاً قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛[٦] فقول الرسول: "ثمّ أتبعه" يدلّ على أفضليّة المبادرة بالصيام بعد رمضان.
- القول الثاني: قال المالكيّة بكراهة صيام الستّ من شوّالٍ مباشرةً بعد العيد؛ حتّى لا تُعَدّ تلك الأيّام من رمضان، فيُزاد عليه ما ليس منه.
فضل صيام الست من شوّال
يترتّب على صيام الستّ من شوّال أجرٌ عظيمٌ، وقد ذكر العلماء عدّة فضائل لصيامها، فيما يأتي ذِكرٌ لبعضها:[٩]
- أجر صيام الستّ من شوّال كأجر صيام سنةٍ كاملةٍ؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ)؛[٦] إذ إنّ الحسنة بعشرة أمثالها، وصيام شهر رمضان بأجر صيام عشرة أشهرٍ، وستّة أيّام بأجر ستّين يوماً؛ أي شهرين، وبذلك ينال المسلم أجر صيام سنةٍ كاملةٍ.
- صيام الستّ من شوّال فيه تعويضٌ للنقص الذي قد يقع في صيام رمضان؛ من تقصيرٍ، ووقوعٍ في ذنب؛ فالنوافل تجبر النقص الحاصل في الفريضة؛ استدلالاً بقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أوَّلَ ما يحاسبُ النَّاسُ بِه يومَ القيامةِ من أعمالِهمُ الصَّلاة قالَ يقولُ ربُّنا جلَّ وعزَّ لملائِكتِه وَهوَ أعلمُ انظروا في صلاةِ عبدي أتمَّها أم نقصَها فإن كانت تامَّةً كتبت لَه تامَّةً وإن كانَ انتقصَ منها شيئًا قالَ انظُروا هل لعبدي من تطوُّعٍ فإن كانَ لَه تطوُّعٌ قالَ أتمُّوا لعبدي فريضتَه من تطوُّعِه ثمَّ تؤخذُ الأعمالُ علَى ذاكُم).[١٠]
المراجع
- ↑ سورة البقرة، آية: 197.
- ↑ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الأولى)، مصر: دار الصفوة، صفحة 287-288، جزء 26. بتصرّف.
- ↑ "طرق اثبات الهلال-رؤية العين"، www.al-eman.com، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020. بتصرّف.
- ^ أ ب عطية بن محمد سالم، شرح بلوغ المرام، صفحة 4، جزء 142. بتصرّف.
- ↑ أحمد بن عيد الرحيم الدهلوي (2005)، حجة الله البالغة (الطبعة الأولى)، بيروت - لبنان: دار الجيل، صفحة 82، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب ت رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاريّ، الصفحة أو الرقم: 1164، صحيح.
- ↑ سامي بن محمد الشقير، أحكام صيام الست من شوال، صفحة 30-31. بتصرّف.
- ↑ خالد بن عبد الله المصلح، "فتاوى العلماء حول صيام الست من شوال "، www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020.
- ↑ "فضل صيام الست من شوال"، www.islamqa.info، 30-9-2008، اطّلع عليه بتاريخ 30-3-2020. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن حكيم، الصفحة أو الرقم: 864، صحيح.